الصين تقود مع روسيا حملة لـ«عدم تسييس كورونا» في سوريا

«الشرق الأوسط» تنشر رسالة 8 دول إلى غوتيريش للمطالبة برفع العقوبات... وعواصم غربية تتمسك بـ«الضغط على دمشق»

نص الرسالة
نص الرسالة
TT

الصين تقود مع روسيا حملة لـ«عدم تسييس كورونا» في سوريا

نص الرسالة
نص الرسالة

فتح فيروس «كورونا» الباب أمام الصين وروسيا لقيادة جهود في الأمم المتحدة باتجاه رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية والأوروبية عن عدد من الدول بينها سوريا، حيث طالبت الدول بـ«الرفع الكامل لتدابير الضغط الاقتصادي الانفرادية» و«عدم تسييس» محاربة الوباء.
واستندت روسيا والصين إلى نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لـ«وقف نار شامل» في سوريا وغير من ساحات الصراع، كي توجه له مع ست دول أخرى رسالة للمطالبة بـ«الرفع الكامل والفوري لتدابير الضغط الاقتصادي غير القانونية والقسرية وغير المبررة ذات الصلة» لاعتقادها أن «التأثير المدمر للتدابير القسرية الانفرادية، يقوض الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومات الوطنية لمكافحة كوفيد - 19. لا سيما من جهة فعالية وتوقيت شراء المعدات واللوازم الطبية، مثل مجموعات الاختبار والأدوية اللازمة لاستقبال وعلاج المرضى».
وشدد ممثلو الدول الموقعة، بينها فنزويلا وسوريا وكوريا الشمالية وكوبا الخاضعة لعقوبات غربية، على ضرورة «عدم تسييس مثل هذا الوباء». وخاطبوا غوتيريش: «مثلما أعلنت في وقت قريب، فإننا أكثر عن أي وقت مضى، بحاجة إلى التضامن والأمل والإرادة السياسية لاجتياز هذه الأزمة معاً، مع توحد صفوف الدول معاً بحق».
وتابعت الرسالة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نصها: «نقف اليوم في مواجهة عدو مشترك: فيروس «كوفيد – 19». ومثلما أقررتم سعادتكم، فإن الوقت قد حان للتعزيز والدعم والتصعيد. ولدى حكوماتنا الوطنية الإرادة السياسية والأخلاقية اللازمة للمضي قدماً في هذا الاتجاه (لكن) هناك إجراءات انفرادية تعوق التأثير المدمر لهذه إجراءاتنا على الصعيد الوطني (...) ما يقوض الجهود الجارية من جانب حكومات وطنية لمحاربة الفيروس خاصة فيما يتعلق بالتوريد الفاعل والفوري للمعدات والإمدادات الطبية».
عليه، ناشد ممثلو الدول الثماني غوتيريش «المطالبة بالرفع الكامل والفوري لمثل هذه الإجراءات غير القانونية والقمعية والتعسفية للضغط الاقتصادي ـ يما يتوافق مع الموقف طويل الأمد والمسؤول من جانب الأمم المتحدة المتمثل في رفض الإجراءات القمعية الانفرادية من أجل ضمان الاستجابة الكاملة والفاعلة والفعالة من قبل جميع الدول الأعضاء بالمجتمع الدولي لفيروس «كورونا»، ولرفض تسييس هذا الوباء».
وجاءت هذه الرسالة بعد زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى دمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد حيث بحثا في «الجهود التي تبذلها القيادة الروسية على الصعيدين الإقليمي والدولي لكسر الحصار ورفع العقوبات والعزل عن الشعب السوري، وكان هناك توافق في الآراء حول السياسات والخطوات المشتركة في المرحلة المقبلة».
ويعتقد أن بكين تحاول الإفادة من الحرب على وباء «كورونا» لتحقيق مكاسب سياسية في الساحة الدولية والإفادة من «الفراغ» الناتج من غياب الدور الأميركي في الساحة الدولية، في وقت توجه واشنطن انتقادات لتعاطي الصين مع «كورونا» وتتهمها بـ«التضليل».
في المقابل، قال مسؤول غربي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا سلطة تنفيذية لهذه الرسالة لأن العقوبات الأميركية مفروضة من وزارة الخزانة والأوروبية مفروضة من المجلس الوزاري». وأضافت: «على روسيا والصين تقديم مساعدات إنسانية وطبية والضغط عليها لوقف نار شامل بدلاً من إثارة الموضوع في الأمم المتحدة».
وتتمسك واشنطن وبروكسل إلى حد ما في المضي في العقوبات الاقتصادية إلى مؤسسات حكومية وشخصيات اقتصادية سورية قريبة من دمشق. وتبذل جهودا لاستعجال تنفيذ «قانون قيصر» الذي يمنع المساهمة في إعمار سوريا قبل حصول عملية سياسية ذات صدقية اعتبارا من سريانه في منتصف يونيو (حزيران) المقبل، بالتزامن مع صدور رسالة مشابهة من مؤتمر المانحين في بروكسل في نهاية يونيو. لكن «قانون قيصر» يسمح للسلطة التنفيذية بمنح بعض الاستثناءات الطبية لأسباب سياسية.
وكانت الخارجية الأميركية دعت «نظام الأسد لاتخاذ خطوات ملموسة وحماية مصير آلاف المدنيين، بمن فيهم مواطنين أميركيين، معتقلين تعسفيا في مراكز الاعتقال المكتظة التابعة للنظام في ظروف غير إنسانية. نطالب بالإفراج الفوري عن كافة المدنيين المحتجزين تعسفيا. إضافة إلى ذلك، يجب على النظام أن يمنح كيانات محايدة ومستقلة، بما في ذلك منظمات طبية وصحية، إمكانية الوصول إلى مرافق الاحتجاز التابعة للنظام بشكل فوري».
وكانت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» دعت دمشق إلى السماح لممثليها بزيارة تسعة مراكز اعتقال في البلاد بعد أيام على إصدار الرئيس الأسد مرسوما تضمن العفو عن بعض الجرائم.
وقالت الخارجية الأميركية: «ينبغي أن يوقف النظام كافة الأعمال العدائية ويتيح وصول المساعدات الإنسانية إلى مخيمات النازحين الموجودة في سوريا بدون عوائق، كما ينبغي أن يطلق سراح عشرات آلاف المدنيين المعتقلين تعسفيا في مراكز الاعتقال التابعة له لتخفيف حدة انتشار الفيروس بشكل كارثي».
وضغطت دول غربية على موسكو لتثبيت وقف النار في شمال غربي سوريا وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى إدلب ومخيمات النازحين لمكافحة «كورونا»، حيث يوجد أكثر من 3.5 مليون شخص يعيش معظمهم في ظروف سيئة دون بنية تحتية طبية.
ولوحظ أن المبعوث الأممي غير بيدرسن أشار في النداء الذي خصصه لـ«وقف نار شامل وفوري في سوريا»، إلى ملف العقوبات بطريقة غير مباشرة. إذ قال: «يتعين على المانحين الدوليين مساندة الجهود الإنسانية بشكل كامل والاستجابة لنداءات الأمم المتحدة وعليهم القيام بما يلزم لضمان حصول كافة السوريين في كل أنحاء سوريا على المعدات والموارد المطلوبة من أجل مكافحة الفيروس ومعالجة المصابين. لا شيء يجب أن يعيق ذلك». وأضاف: «الوصول الإنساني الكامل والمستدام ودون عوائق لكافة المناطق في سوريا هو أمر أساسي. وستكون هناك حاجة لاستخدام كافة آليات إيصال المساعدات وزيادة إجراءات الوقاية والحماية».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.