انسحاب أميركي من قاعدة جوية ضمن إعادة انتشار في العراق

الزرفي يطمئن «الخمس الكبار» بشأن سياسته الخارجية

جانب من عملية التسليم والتسلم في قاعدة القيارة الجوية أمس (أ.ف.ب)
جانب من عملية التسليم والتسلم في قاعدة القيارة الجوية أمس (أ.ف.ب)
TT

انسحاب أميركي من قاعدة جوية ضمن إعادة انتشار في العراق

جانب من عملية التسليم والتسلم في قاعدة القيارة الجوية أمس (أ.ف.ب)
جانب من عملية التسليم والتسلم في قاعدة القيارة الجوية أمس (أ.ف.ب)

انسحبت القوات الأميركية المنخرطة في التحالف الدولي ضد الإرهاب في العراق، أمس، من «قاعدة القيارة الجوية» جنوب الموصل، وسلمتها إلى «قيادة عمليات نينوى»، تمهيداً للانتقال إلى قاعدة أخرى رئيسية في الأراضي العراقية، ضمن عملية إعادة انتشار.
وقال مدير «شؤون الاستدامة» في «قوة المهام المشتركة للتحالف - عملية العزم الصلب»، الجنرال فنسنت باركر، في بيان إنّ «اليوم بمثابة علامة فارقة أخرى للتحالف العسكري الدولي ضد (داعش)، ولشركائنا في قوات الأمن العراقية». وأضاف أن «(قاعدة القيارة الجوية) كانت نقطة انطلاق استراتيجية لقوات الأمن العراقية وقوات التحالف خلال معركة الموصل».
وأوضح أن القاعدة تعمل بشكل خاص مركزاً للقوات الجوية العراقية التي تواصل توجيه ضربات مدمرة إلى مواقع «داعش». وأكد «تنسيق عملية النقل مع حكومة العراق، وما يحصل اليوم هو بفضل الجهود والنجاحات التي حققها شركاؤنا في قوات الأمن العراقية».
وأشار إلى أنه «بفضل هذه النجاحات التي حققتها قوات الأمن العراقية في قتالها ضد (داعش)، وبالتعاون مع قواتنا الشريكة وحكومة العراق، تقوم (قوة المهام المشتركة - عملية العزم الصلب) بإعادة نشر ونقل الأفراد والمعدات إلى قواعد عراقية عدة طوال 2020».
وشدد على أن «قوات الأمن العراقية مستمرة في تنفيذ عمليات مستقلة وبشكل متزايد ضد (داعش)، من أجل الدفاع عن وطنهم؛ بما في ذلك عملية (أبطال العراق) وكذلك عملية (إرادة النصر) بكل مراحلها والتي تم تنفيذها في عام 2019».
وأكد باركر أن «(قوة المهام المشتركة - عملية العزم الصلب) ستبقى في العراق، وبدعوة من حكومة العراق، وستستمر في تقديم المشورة وعمليات التدريب ضد (داعش)، وسيعمل التحالف من مواقع أقل، ولكنه سيُواصل التزامه بدعم شركائنا في قتالهم ضد (داعش)».
وأكد مصدر عسكري عراقي أن «الطائرات الأميركية باشرت منذ الأربعاء، نقل المواد اللوجيستية لقوات التحالف في القاعدة لحين اكتمال عملية إلى الانسحاب». وكشف عن أن انسحاب المدربين الأميركيين وقوات بعثة التحالف الدولي ضد الإرهاب من القصور الرئاسية في الجانب الأيسر من مدينة الموصل، سيكون في 4 أبريل (نيسان) المقبل، وستتسلم «قيادة عمليات نينوى» القصور الرئاسية بعدها.
وأوضح المصدر العسكري أن «انسحاب قوات التحالف والمدربين الأميركيين من قاعدة القيارة والقصور الرئاسية، يأتي للانتقال إلى القواعد الرئيسية للتحالف في محافظتي صلاح الدين والأنبار» شمال وغربي البلاد.
وكانت «خلية الإعلام الأمني» في «قيادة العمليات العراقية المشتركة»، أعلنت أمس سقوط صاروخين من نوع «كاتيوشا» قرب «قيادة عمليات بغداد» في المنطقة الخضراء. وأضافت في بيان أن الصاروخين «كان انطلاقهما من منطقة النهضة». وكانت وسائل إعلام عراقية ذكرت أن أصوات انفجارات سمعت فجراً في محيط المنطقة الخضراء التي تضم مبانيَ حكومية وسفارات أجنبية؛ أبرزها السفارة الأميركية.
إلى ذلك، سعى رئيس الوزراء العراقي المكلف عدنان الزرفي إلى طمأنة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى انتهاجه سياسة خارجية متوازنة، خلال لقاء جمعه مع سفراء هذه الدول المعروفة باسم «الخمس الكبار»، ووضعه سياسي قريب منه في إطار محاولة لـ«تطويق أي عقوبات محتملة على العراق».
وقال السياسي القريب من الزرفي لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء المكلف «تحدث بوضوح أمام سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وروسيا بشأن أولويات سياسته الخارجية التي تهدف بالأساس إلى ضمان استقلالية العراق والوقوف على مسافة واحدة من جميع الدول، بما يضمن المصالح المشتركة بين هذه الدول والعراق».
وأوضح أن الزرفي «حثّ ممثلي هذه الدول على العمل من أجل تنفيذ الالتزامات المتبادلة مع العراق، ومنها أهمية إبعاد العراق عن الصراع الأميركي - الإيراني وحسم هذا الصراع بالطرق السياسية ووفقاً للقوانين الدولية، بالإضافة إلى أهمية تنفيذ بريطانيا التزاماتها حيال العراق لجهة البدء بتنفيذ الإجراءات الخاصة بالقرض البريطاني الممنوح للعراق، وقوامه 10 مليارات دولار، إضافة إلى التزامات أخرى متبادلة مع فرنسا لجهة ما كانت قد التزمت به في تنفيذ (مترو بغداد)، والصين لجهة الاتفاقية الصينية - العراقية التي جرى التوقيع على التفاهمات الخاصة بشأنها العام الماضي».
ولفت إلى أن «السياسة الواقعية التي سينتهجها الزرفي في حال نالت حكومته الثقة وطبقاً للقائه الصريح مع ممثلي دول مجلس الأمن الدائمة، تقتضي أن يكون العراق بعيداً عن شبح العقوبات المحتملة، لا سيما مع تصاعد الدعوات، لفرضها على خلفية الموقف من المظاهرات الجماهيرية».
وأعلن الزرفي عبر «تويتر» أنه سيتبع «سياسة خارجية قائمة على مبدأ (العراق أولاً)، والابتعاد عن الصراعات الإقليمية والدولية التي تجعل من العراق ساحة لتصفية الحسابات». وأضاف أن «المصالح العراقية العليا ستكون هي البوصلة التي تحدد رسم اتجاهات تلك السياسة».
وازدادت الشكوك في إمكانية تمرير الحكومة قبل انقضاء المهلة الدستورية في 16 أبريل المقبل، مع تراجع احتمالات عقد البرلمان جلسة قريباً بسبب تفشي فيروس «كورونا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.