النرويج تسلم الملا كريكار إلى إيطاليا لسجنه

الملا كريكار خلال محاكمته في جلسة سابقة (غيتي)
الملا كريكار خلال محاكمته في جلسة سابقة (غيتي)
TT

النرويج تسلم الملا كريكار إلى إيطاليا لسجنه

الملا كريكار خلال محاكمته في جلسة سابقة (غيتي)
الملا كريكار خلال محاكمته في جلسة سابقة (غيتي)

قالت وزيرة العدل النرويجية مونيكا مايلاند، أمس الخميس، إنه قد تم تسليم رجل دين كردي مثير للجدل إلى إيطاليا، مما يضع حداً لمعركة قضائية مستمرة منذ مدة طويلة.
وكانت روما تسعى للقبض على نجم الدين فرج أحمد، وهو عراقي المولد ومعروف أيضاً باسم «الملا كريكار»، بعدما صدر في إيطاليا، في يوليو (تموز)، حكم بسجنه لمدة 12 عاماً بتهمة تزعّم جماعة متطرفة يطلق عليها اسم «راوتي شاكس». وجرى استئناف الحكم.
ورفضت مايلاند الإدلاء بمزيد من التفاصيل، لكنها قالت إن أوسلو تلقت ضمانات بحماية الحقوق القانونية لكريكار وسلامته، وسط مخاوف متنامية بشأن تفشي فيروس «كورونا» المستجدّ في إيطاليا.
وقالت الوزيرة: «من المهم أن نطبق الأحكام التي تصدرها المحاكم».
ولم تعلق الوزيرة على تقارير بأنه لم يتم السماح لكريكار بتوديع أسرته. وذكرت صحيفة «في جي» النرويجية أن محامي كريكار، ويدعى برينجار ميلينج، قال إنه «يومُ عارٍ على النرويج». وكان مجلس الوزراء أعطى موافقته النهائية في وقت سابق من هذا الشهر على عملية التسليم بعد صدور سلسلة من الأحكام القضائية. وتحتجز النرويج الملا كريكار بعد أن أصدرت محكمة إيطالية حكماً غيابياً بحقه بالسجن لمدة 12 عاماً، بعد إدانته بإدارة شبكة إرهابية تسمى «راوتي شاكس» على صلة بتنظيم «داعش» الإرهابي. واتخذت أوسلو قرارها النهائي بشأن التسليم بعد سلسلة من الأحكام القضائية.
ولكن من المرجح أن تؤخر تنفيذ التسليم بسبب مشكلات إيطاليا الصحية الحالية، المتمثلة في انتشار فيروس «كورونا» المستجدّ (كوفيد19).
ووفقاً لتقارير إعلامية، فإن كريكار استقر في عام 1992 في النرويج لاجئاً سياسياً، ليصبح بعدها عام 2001 رئيساً لما تسمى جماعة «أنصار الإسلام» بعدما انشقت «الجماعة الإسلامية» بقيادة علي بابير عن «الحركة الإسلامية»، وأدى انشقاقها إلى ظهور 3 مجموعات؛ منها «أنصار الإسلام».
وتعرض الملا كريكار بعدها لاعتقالات عدة، وتم استجوابه من استخبارات عدة: الأميركية، والهولندية، والإيرانية.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.