إيران تتجه نحو الحجر وسط تحذيرات من موجة ثانية للوباء

إيرانيون في مستشفى مؤقت أقامه الجيش الإيراني في معرض طهران للكتاب الدولي أمس (مهر)
إيرانيون في مستشفى مؤقت أقامه الجيش الإيراني في معرض طهران للكتاب الدولي أمس (مهر)
TT

إيران تتجه نحو الحجر وسط تحذيرات من موجة ثانية للوباء

إيرانيون في مستشفى مؤقت أقامه الجيش الإيراني في معرض طهران للكتاب الدولي أمس (مهر)
إيرانيون في مستشفى مؤقت أقامه الجيش الإيراني في معرض طهران للكتاب الدولي أمس (مهر)

دفع تسارع تفشي فيروس «كورونا» المستجدّ، إيران، نحو الحجر الصحي، إذ أمرت الحكومة الإيرانية، أمس، في خطوة بدت متأخرة، باتجاه تقييد السفر والتنقُّل، وسط عطلة رأس السنة، في وقت تخطت فيه البلاد ألفي وفاة، وأكثر من 27 ألفاً.
وأعلن الرئيس حسن روحاني عن «إجراءات صعبة» على السكان سيجري تطبيقها قريباً، مشدداً على أن «هذه قرارات صعبة لكنها ضرورية لحماية الأرواح». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) عن وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي قوله إن التدبير سيدخل حيز التنفيذ «غداً أو بعد غد»، لافتاً إلى أن «الدخول والخروج من المدن سيخضع لمراقبة أشد، ونحض الناس لذلك على التعاون أكثر مع السلطات اعتباراً من الغد أو بعد غد حين سيدخل هذا المشروع حيز التنفيذ».
وقال فضلي إن أكثر من 80 في المائة من الإيرانيين يطالبون بفرض قوانين مشددة فيما يخص وباء «كورونا».
أتى ذلك مع ارتفاع عدد الوفيات بسبب فيروس «كورونا» المستجد إلى 2077، بعد تسجيل 143 حالة وفاة جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية.
وبحسب الإحصائية الرسمية لوزارة الصحة، أمس، رُصدت 2206 إصابات جديدة في 31 محافظة إيرانية، ما يرفع عدد الإصابات الإجمالية وفق الأرقام الرسمية، إلى 27017 حالة، وفق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وأعقب هذا الإعلان تحذير المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، للتلفزيون الرسمي، من أن إيران قد تواجه موجة ثانية من تفشي الفيروس في ظل تجاهل بعض الإيرانيين توجيهات مسؤولي الصحة لاحتواء انتشار المرض. وتابع: «للأسف تجاهل بعض الإيرانيين نصيحة مسؤولي وزارة الصحة، وسافروا أثناء عطلة السنة (الإيرانية) الجديدة... هذا قد يؤدي إلى موجة ثانية من انتشار فيروس (كورونا)»، مضيفاً أن «عمليات السفر الجديدة ستُمنع، الخروج من المدن سيُمنع».
وترفض الحكومة الإيرانية فرض تدابير عزل أو حجر على غرار العديد من الدول الأخرى، خاصة في محافظتي قم وجيلان بؤر المرض، مؤكدة أن ذلك من شأنه التسبب بكارثة لاقتصادها الذي يواجه العديد من الصعوبات جراء العقوبات الأميركية.
ووجه نائب وزير الصحة إيرج حريرتشي «رجاءً» للإيرانيين بضرورة الجدية في «العزل الاجتماعي»، مشيراً إلى أن خفض الاتصالات الاجتماعية «استراتيجية» لمواجهة الوباء.
وبدا أن روحاني يتراجع عن موقفه السابق برفض الحجر الصحي، رغم الضغوط الداخلية. وقال إن طهران تعتزم فرض حظر السفر وللتجمعات التقليدية في المتنزهات، وذلك بعد مضي أسبوع على بدء عطلة السنة الفارسية الجديدة.
وأول من أمس، وجّه عدد من نواب البرلمان رسالة إلى روحاني تطالب بتقييد الحركة بعدما رفض التفاعل مع رسائل سابقة تطالب بإغلاق المدن وفرض الحجر الصحي، بهدف قطع الوتيرة المتزايدة يومياً للإصابات.
ويعد اليوم الثالث عشر من عطلة النوروز، أحد الأيام التي يلجأ الإيرانيون فيها إلى الطبيعة من حدائق ومتنزهات غابات، بحسب معتقدات موروثة من القدم لتجنب الشر.
بدورها، أعلنت بلدية طهران عن إغلاق جميع متنزهات عقب قرار الحكومة، مشددة على أنها ستمنع الدخول إليها قدر الإمكان.
وأعلن ربيعي، عبر حسابه على «تويتر» وتطبيق «تلغرام» أن «عمليات السفر الجديدة ستُمنع، الخروج من المدن سيُمنع». وقال: «على الناس العودة فوراً إلى مدنهم»، متحدثاً عن «أمر» يعاقب خرقه بـ«غرامات» مالية. وأكد أن قوات الأمن «ستمنع بطبيعة الحال» التحرُّك بين المدن.
ولمح ربيعي إلى احتمال فرض إجراءات عزل قائلاً: «إذا اعتبرنا أن هناك كثيراً من حركة التنقل غير المفيدة في المدن، فسنتخذ بالتأكيد قرارات أشد».
من جانب آخر، رد ربيعي على الانتقادات التي طالت الحكومة بسبب ترخيص العمل الذي تراجعت عنه لاحقاً لـ«منظمة أطباء بلا حدود»، قائلاً إن الزيارة «كانت بالتنسيق التام مع الأجهزة المعنية».
وقال ربيعي عبر «تويتر»: «لا نواجه نقصاً في المستشفيات، لكننا سنستخدم الأجهزة في المناطق التي تحتاج إليها وزارة الصحة».
وقالت منظمة «أطباء بلا حدود» إنها أوقفت إقامة مستشفى في أصفهان بعد رفض طهران.
بدوره، قال وزير الصحة سعيد نمكي إن وزارة الصحة وجهت رسائل لدعوة منظمة «أطباء بلا حدود» لحضور إيران. وقال محافظ أصفهان، عباس رضايي إن وزير الصحة وجه أوامر بإلغاء حضور المنظمة الفرنسية.
وطالب النائب علي مطهري، وزير الصحة، بتوضيح أسباب إلغاء حضور المنظمة، وكتب في تغريدة: «يجب أن يعلن للناس، أي جهاز آخر، أخذ القرار الخاص بوزارة الصحة والحكومة».
جاء ذلك في وقت، قال فيه قائد القوات البرية في الجيش الإيراني كيومرث حيدري إن قواته أقامت 27 مستشفى من أصل 56 مؤقتة أقامتها القوات المسلحة، مضيفاً أن الجيش أقام مركزاً صحياً مؤقتاً من ألفي سرير في مقر معرض طهران الدولي للكتاب.
إلى ذلك، قال نائب وزير الصحة، علي رضا رئيسي، للصحافيين، إن إيران توصلت إلى أدلة جديدة عن أصل فيروس «كورونا» في إيران، موضحاً أن أحدث النتائج التي توصلت إليها وزارة الصحة، منذ العثور على أول حالة من الوباء بمدينة قم، تشير إلى أن «الفيروس مرتبط بشكل أساسي ووضوح بالصينيين الذين وجودوا في المحافظة»، لافتاً إلى وصول عمال صينيين وطلاب جامعات منذ منتصف يناير (كانون الثاني).
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن رئيسي قوله: «كنا نرجّح أن المرض انتشر من قم، لكننا الآن نرجح أن يكون أصله من نقطتين قم وجيلان»، مؤكداً في الوقت نفسه أن معلومات الوزارة غير مكتملة فيما يخص محافظة جيلان الشمالية التي تُعدّ ثاني بؤرة للوباء في إيران. غير أنه أشار إلى احتمال أن يكون طلاب إيرانيون قد نقلوا الفيروس من مدينة ووهان قبل فرض الحجر الصحي هناك».
وذكر رئيسي أن وزارة الصحة سترصد فيروس «هانتا» وستأخذ إجراءات بعدما أعلنت الصين تسجيل إصابات بالفيروس، ومع ذلك قال المسؤول الإيراني إنه «ليس الفيروس الذي نشعر منه بالقلق».
وطلب رئيس البنك المركزي عبد الناصر همتي إعادة مبالغ مالية تسلَّمتها البنوك الإيرانية على مدى الشهرين الماضيين من المقرضين، وفقاً لقرار الحكومة بتأجيل القروض لفترة ثلاثة أشهر.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
TT

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

احتلت ملفات الشرق الأوسط حيزاً واسعاً في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهر الاثنين، في قصر الإليزيه، بحضور سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وبالنظر للتطورات الجارية في سوريا، فقد حرص ماكرون على إبراز موقف واضح، مشدداً على أن بلاده «لم تصدق أبداً أن الديكتاتور (في إشارة إلى بشار الأسد) يمكن إعادة تأهيله».

إلا أنه في الوقت عينه، دعا إلى التزام الحذر «من خلال النظر إلى تغيير النظام في سوريا من دون سذاجة». وما حرص عليه ماكرون يكمن في رسم ما يمكن تسميته «خريطة طريق» لكيفية التعامل مع السلطات الجديدة في دمشق، وما تتوقعه باريس والعواصم الأوروبية الأخرى، من السلطة الجديدة، مع التذكير بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ونظيرته الألمانية أنالينا بايربوك مؤخراً إلى دمشق.

الأكراد «الحلفاء الأوفياء»

قوات من «قسد» في تدريب مشترك مع القوات الأميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وفيما تتصاعد المعارك في الشمال السوري بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والقوات الحليفة لتركيا، حرص ماكرون على التأكيد بقوة على موقف بلاده من الأكراد الذين وصفهم بـ«الحلفاء الأوفياء» في محاربة تنظيم «داعش»، ملمحاً إلى أن بعض الدول كانت مستعدة للتخلي عنهم، في تلميح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي كان مستعداً في عام 2018 لسحب القوات الأميركية لتسهيل سيطرة تركيا على المنطقة.

وقال ماكرون: «نحن نعي الدين الذي ندين به لمجمل (القوات الديمقراطية السورية) وللمقاتلين من أجل الحرية مثل الأكراد، الذين تحلوا بالشجاعة في محاربة المجموعات الإرهابية». وأضاف أن بلاده «لم تتخل عنهم أبداً، ولن نتخلى عنهم في المسار الجديد، ونحن متيقظون لعملية الانتقال السياسي» الجارية حالياً في سوريا.

وتابع: «ما تريده فرنسا هو قيام سوريا ذات سيادة وحرة وتحترم تعدديتها الإثنية والسياسية والطائفية». وشدد ماكرون على أهمية أن تضم العملية الانتقالية الديمقراطية «كل مكونات المعارضة» للنظام السابق، بالتوازي مع «توفير الأمن للاجئين للعودة إلى بلادهم ومواصلة محاربة الإرهاب بشكل واضح، وتدمير كل البنى المنتجة للسلاح الكيماوي وشبكات إنتاج وتهريب المخدرات».

ويرى ماكرون، في إشارة على الأرجح للبنان، أنه «يتعين على سوريا أن تشارك في ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين»، مذكراً بـ«مؤتمر بغداد» في نسخته الثالثة التي ستعقد في الربيع القادم، دون أن يحدد مكان انعقادها، لعرض تنفيذ مشاريع إقليمية «لمصلحة الجميع ولتحقيق السلام والأمن».

وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن شدد، في حديث صحافي، الأحد، على ضرورة ألا تستغل أي قوة أجنبية سقوط حكم نظام الأسد لإضعاف سوريا، مشيراً إلى أن سوريا «تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا... وتُضعفها بشكل إضافي».

وبحسب جان نويل بارو، فإن «مستقبل سوريا يعود إلى السوريين. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن هدف السيادة الذي أظهرته السلطة الانتقالية وممثلو المجتمع المدني و(أفراد المجتمعات) الذين التقيناها كذلك هو أمر سليم». وكان بارو يلمح للدور المتعاظم الذي لعبته وتلعبه تركيا في العملية الانتقالية الجارية حالياً.

الدور الإيراني

قاآني يستقبل الرئيس مسعود بزشكيان خلال مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران الخميس الماضي (الرئاسة الإيرانية)

بيد أن أشد العبارات استخدمها ماكرون في الحديث عن إيران التي اعتبرها «التحدي الأمني والاستراتيجي الرئيسي» في الشرق الأوسط. وجاء في حرفية كلام ماكرون أن إيران «تشكل التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير»، محذراً من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى حافة القطيعة».

وما يعنيه الرئيس الفرنسي أن طهران اقتربت كثيراً من الحصول السلاح النووي. واللافت أن ماكرون يعد أحد القادة الغربيين القلائل الذين يحافظون على خط تواصل دائم مع القيادة الإيرانية. لكن يبدو أن قرب عودة ترمب إلى البيت الأبيض يجعل الأوروبيين ومنهم فرنسا يلجأون إلى خطاب أكثر تشدداً إزاء طهران.

وجاء لافتاً أن ماكرون أشار في كلامه، وفي إطار نظرته لما تمثله إيران، إلى «أنها ستكون، بلا شك، واحدة من القضايا الرئيسية في الحوار الذي سنقيمه مع الإدارة الأميركية الجديدة». ومن المرجح أن ينتهج الرئيس ترمب خطاً بالغ التشدد إزاء طهران، بحيث يذهب أبعد من التدابير التي اتخذها بحقها إبان ولايته الأولى. وثمة مراكز بحثية أميركية لا تتردد في الحديث عن اللجوء إلى ضربات عسكرية مشتركة إسرائيلية - أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني.

حقيقة الأمر أن ماكرون أقام «مضبطة اتهام» بحق طهران وقادتها. وتشمل هذه المضبطة ما تعتبره باريس دوراً مزعزعاً للاستقرار في الشرق الأوسط وأبعد منه تقوم به طهران؛ في الإشارة إلى الدعم الذي تقدمه «للمجموعات التي تشكل خطراً في جميع مناطق المواجهة في الشرق الأوسط»؛ في إشارة إلى «حزب الله» و«حماس» و«المجموعات الميليشياوية في العراق»، فضلاً عن الحوثيين في اليمن.

غير أن أهم إعلان صدر عن ماكرون تناول إشارته إلى احتمال تفعيل الآلية المسماة «سناب باك» التي يعاد بفضلها الملف النووي إلى مجلس الأمن، ويمكن أن تعقبه إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.

وذهب ماكرون أبعد من ذلك، بإشارته إلى أن أمراً كهذا يمكن أن يحل في الخريف القادم. وقال ماكرون: «خلال الأشهر المقبلة، سيتعين أن نسأل أنفسنا ما إذا كان يتعين علينا استخدام... آلية إعادة فرض العقوبات على إيران»، مشيراً إلى أن أكتوبر (تشرين الأول) 2025، هو الموعد الذي تنتهي فيه اتفاقية 2015 رسمياً.

يأخذ الغربيون على إيران انخراطها في الحرب الروسية على أوكرانيا، كما أنهم يتخوفون من البرنامج الصاروخي - الباليستي الإيراني الذي يمكن أن يشكل تهديداً لأوروبا.

وتخطط باريس لأن يدور حوار واضح بينها وبين واشنطن حول سبل التعاطي مع إيران، التي تزايدت المخاوف الغربية منها بعد أن وصلت صواريخها إلى الأراضي الإسرائيلية. وخلال الاجتماعات الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صدرت قرارات قوية بخصوص إيران. بيد أن الدول الغربية وعلى رأسها الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، امتنعت عن تفعيل آلية «سناب باك» لأسباب مختلفة ومتغيرة.

لكن يبدو أن الغربيين عازمون، أخيراً، على اجتياز خطوة مهمة فيما إيران أصيبت إقليمياً بالضعف بسبب حرب إسرائيل على «حماس» ولبنان وضرباتها ضد الأراضي الإيرانية نفسها وضد الحوثيين، ومؤخراً تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية. لكن هذا التصعيد يترافق مع محاولات دبلوماسية للدول الأوروبية الثلاث - فرنسا وبريطانيا وألمانيا - للبحث عن مخارج دبلوماسية للأزمة مع إيران، ومن ذلك الاجتماع المقرر في 13 الجاري. وآخر ما تشكو منه باريس هو محاولات إيران الانغراس في أفريقيا، التي ترى فيها فرنسا إضراراً بمصالحها.

لبنان

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)

لم يأت الرئيس الفرنسي بجديد بالنسبة للبنان «حيث لفرنسا تاريخ طويل والكثير من المواطنين والأصدقاء». وما يسعى إليه ماكرون هو توفير الهدوء على طول «الخط الأزرق»، من خلال مشاركة وحدات فرنسية في قوة «اليونيفيل»، وتسهيل انتشار الجيش اللبناني «بشكل حاسم» جنوب نهر الليطاني وامتداداً حتى الحدود مع إسرائيل.

ولم يتوقف ماكرون طويلاً عند العقبات التي يواجهها وقف إطلاق النار والشكاوى الكثيرة التي تقدم بها لبنان ضد الانتهاكات الإسرائيلية، التي لا تحترم الآلية التي توصلت إليها فرنسا بالتشارك مع الولايات المتحدة. كذلك بقي ماكرون عند العموميات فيما يخص موضوع الفراغ المؤسساتي وعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مذكراً بالحاجة لإنجاح المسار السياسي، ومشيراً إلى الجهود التي يبذلها ممثله الوزير السابق جان إيف لو دريان في هذا الخصوص.

وبحسب ماكرون، فإن انتخاب رئيس جديد «يمثل الخيار الحاسم الذي من شأنه توفير السيادة اللبنانية، ويفتح الطريق لتشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية».

الاعتراف بدولة فلسطين

الدمار والخراب في قطاع غزة بعد أكثر من عام من القصف الإسرائيلي المتواصل (أ.ف.ب)

كالعادة، ذكّر ماكرون بـ«الصداقة التاريخية» بين فرنسا وإسرائيل وتضامنه معها «في مواجهة الهمجية التي ظهرت في هجمات» «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وضرورة إطلاق سراح الرهائن. كذلك أعرب ماكرون عن «تفهم بلاده لحاجة إسرائيل بألا تتكرر أمور كهذه وأن تضمن أمنها... ومما شدد عليه اعتباره أن الضربات الإسرائيلية (المستهدفة) في لبنان وسوريا وإسرائيل غيرت الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ما يرتب علينا جميعاً استخلاص النتائج وفتح أفق لسلام صلب ودائم وآمن للجميع في المنطقة».

وبحسب ماكرون «لا يمكن بناء هذا النوع من السلام على الأمن وحده، إذ يجب أن ينطوي على العمل الإنساني والسياسي، وهو شرط أساسي مطلق، أولاً وقبل كل شيء في غزة». وأضاف ماكرون: «لا يوجد أي مبرر عسكري لاستمرار العمليات الإسرائيلية والعرقلة المتعمدة للمساعدات الإنسانية، ولاستمرار العوز الشديد وحالة الجوع التي وصل إليها السكان المدنيون» في القطاع، معتبراً أنه ينبغي على إسرائيل «أن تضع حداً للحرب دون مزيد من التأخير، وأن تعترف بأن لديها شركاء للسلام، وأن تلتزم بتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، وذلك بالتنسيق مع جميع دول المنطقة بشأن غزة، والحفاظ على الأوضاع السياسية في الضفة الغربية وغزة».

ورغم سوداوية الوضع، يرى ماكرون أن «السلام ممكن، حيث إن المملكة العربية السعودية وشركاءنا العرب من ذوي النوايا الحسنة، (الأردن ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة) على وجه الخصوص، ملتزمون بذلك، وفرنسا قدمت ولا تزال تقدم دعمها الكامل».

وحث ماكرون الأوروبيين على العمل في هذا الاتجاه، وبالتنسيق مع الشركاء العرب، «من أجل حل الدولتين، مع احترام الاحتياجات الأمنية للإسرائيليين والتطلعات المشروعة للفلسطينيين».

ودعا الرئيس الفرنسي إلى «بناء إطار جديد للأمن والتعاون في الشرق الأوسط» مشيراً إلى أن «هذا هو هدف المؤتمر الدولي الذي بادرنا به مع المملكة العربية السعودية، والذي سيعقد في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون علينا أن نجعل من هذا المؤتمر لحظة حاسمة». واختتم كلامه بالإشارة إلى أن فرنسا «يمكنها من هذا المنطلق التحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطين».