عشرات القتلى والجرحى في هجوم على معبد للسيخ في كابل

اقتحم مسلحون، معبدا للسيخ والهندوس في وسط العاصمة الأفغانية كابل، في هجوم جديد على أقليات دينية تبناه تنظيم «داعش»، أسفر عن مقتل 25 مدنيا على الأقل وجرح ثمانية آخرين، في آخر حصيلة مسائية أمس.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية الأفغانية طارق عريان في بيان: «للأسف قتل 25 مدنيا وجرح ثمانية آخرون».
ويأتي هذا الهجوم بينما تواجه أفغانستان مجموعة من الأزمات بينها هجمات لحركة طالبان المتمردة ووضع سياسي مأزوم وخفض كبير في المساعدات الأميركية وارتفاع في عدد الإصابات بكوفيد - 19. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية الأفغانية طارق عريان لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحو الساعة 07.45 (03.15 ت. غ) اقتحم عدد من المهاجمين معبدا للسيخ والهندوس»، موضحا أن «الناس عالقون داخل المبنى و(قوات الأمن) تحاول إنقاذهم» (حتى مساء أمس). وكان المتحدث باسم وزارة الصحة الأفغانية وحيد الله ميار ذكر في حصيلة سابقة أن الهجوم أسفر عن مقتل طفل على الأقل وجرح 15 شخصا آخرين. وقالت أناركالي كاور هوناريار النائبة التي تمثل طائفة السيخ في البرلمان الأفغاني إن «هناك نحو 150 شخصا في المعبد» الذي يعيش فيه عدد من العائلات بينما تأتي أخرى للصلاة فيه صباح كل يوم. وأضافت أن «بعض الموجودين داخل المعبد يختبئون وهواتفهم مغلقة»، مشيرة إلى أنها «تشعر بقلق عميق».
وأوضح الناطق باسم وزارة الداخلية الأفغانية أن أحد المهاجمين قتل أيضا بينما تمكنت قوات الأمن من إنقاذ ثمانين شخصا كانوا عالقين داخل المعبد في وسط العاصمة الأفغانية. وتظهر صور ومقاطع فيديو أطفالا يبكون أثناء إجلائهم بمواكبة مسلحين، وثمة جثث ودماء على الأرض. بدوره قال ناريندر سينغ خالسا، عضو البرلمان الذي يمثل أقلية السيخ، في وقت سابق إنه تلقى أنباء عن مقتل أربعة أشخاص وحصار ما يصل إلى 200 داخل المعبد. وتابع «ثلاثة انتحاريين دخلوا المعبد... وبدأوا هجومهم في وقت كان فيه مزدحما بالمصلين». وقال مسؤول من بعثة حلف شمال الأطلسي لدى أفغانستان إن التصدي للهجوم قادته ونفذته القوات الأفغانية لكنها تلقت بعض المساعدة من الحلف.
وتضم أفغانستان حاليا أقل من 300 أسرة من السيخ. وفي أواخر ثمانينات القرن الماضي كان عددهم نحو 500 ألف في مختلف أرجاء البلاد، كثير منهم من أسر كانت تقيم في البلاد منذ أجيال لكن البعض فروا بعد الحرب الأهلية وصعود طالبان.
والسيخ من الأقليات الدينية التي يحق لها الحصول على الجنسية الهندية بموجب قانون مثير للجدل استحدثه حزب بهاراتيا جاناتا الذي ينتمي له رئيس الوزراء ناريندرا مودي. وأدان نشطاء في الدفاع عن حقوق الإنسان ودول منها الولايات المتحدة والهند وباكستان الهجوم.
وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم. ونقل موقع «سايت» الأميركي لمتابعة المواقع الأصولية، عن وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم أن مقاتلين من تنظيم «داعش» حالياً يشنون هجوماً انغماسياً ضد معبد للسيخ في الناحية الأولى من مدينة كابل. وكان تنظيم «داعش» تبنى هجمات مماثلة وقعت منذ 2015 في أفغانستان واستهدفت أقليات. وقد استهدف التنظيم مرات عدة السيخ والهندوس بما في ذلك في هجوم انتحاري في جلال آباد أدى إلى سقوط 19 قتيلا و21 جريحا في يوليو (تموز) 2018.
وبعيد بدء الهجوم نفت حركة طالبان علاقتها به. وقال الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد «لا علاقة لنا بالهجوم». ويعيش نحو ألف من السيخ والهندوس في أفغانستان التي يشكل المسلمون الغالبية الكبرى من سكانها. وكان تنظيم «داعش» شن خلال الشهر الحالي هجوما على تجمع سياسي في كابل ما أسفر عن سقوط 32 قتيلا وجرح عشرات.
وأعلنت واشنطن خلال الأسبوع الحالي خفض مساعداتها لأفغانستان. وجاء هذا القرار بعد زيارة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لكابل من أجل تسوية خلاف بين الرئيس الأفغاني أشرف غني وخصمه عبد الله عبد الله الذي أعلن نفسه رئيسا بعد الانتخابات المثيرة للجدل. وأكد بومبيو الذي انتقد «إخفاقهما» في التوصل إلى اتفاق، أن الولايات المتحدة ستخفض فورا مليار دولار من المساعدة، و«مستعدة» لحسم مليار آخر في 2021 وتخفيضات أخرى بعد ذلك. وكانت الولايات المتحدة وحركة طالبان وقعتا الشهر الماضي اتفاقا يفترض أن يمهد الطريق لمحادثات بين القادة الأفغان والمتمردين، لكن بما أن كابل غير قادرة على الاتفاق على حكومة، تراوح هذه المحادثات مكانها.
ويشكل خفض المساعدة لبلد لا يتجاوز إجمال ناتجه الداخلي 20 مليار دولار، ضربة قاسية لاقتصاد أفغانستان الذي يعتمد على مساعدات المانحين. في الوقت نفسه، يواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره في أفغانستان. رسميا، أعلن عن 74 إصابة ووفاة شخصين، لكن مراقبين يخشون أن تكون الحصيلة أكبر من ذلك بكثير. وتجري هذه الدولة الفقيرة فحوصا لعدد قليل من الحالات بينما يبدو مفهوم العزل الاجتماعي غير مقبول لدى شعب معتاد على التجمع في المساجد وفي لقاءات عائلية واسعة. وقد عاد مؤخرا آلاف من زيارات قاموا بها إلى إيران حيث ينتشر كوفيد - 19 في الأسابيع الأخيرة.