القضاء الجزائري يؤيد أحكام السجن ضد أويحيى وسلّال

خفّض العقوبات ضد وزراء ورجال أعمال في عهد بوتفليقة

أحمد أويحيى (يسار) وعبد المالك سلال (أ.ف.ب)
أحمد أويحيى (يسار) وعبد المالك سلال (أ.ف.ب)
TT

القضاء الجزائري يؤيد أحكام السجن ضد أويحيى وسلّال

أحمد أويحيى (يسار) وعبد المالك سلال (أ.ف.ب)
أحمد أويحيى (يسار) وعبد المالك سلال (أ.ف.ب)

أيّدت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، قرارات للمحكمة الابتدائية تخص قضايا فساد ضد رئيسي الوزراء سابقا أحمد أويحيى (15 سنة سجناً) وعبد المالك سلال (12 سنة سجناً). لكن مع تخفيف الأحكام بحق وزيرين وبعض رجال الأعمال. وفي غضون ذلك، قررت «غرفة الاتهام» بالمحكمة نفسها إيداع الصحافي البارز خالد درارني الحبس الاحتياطي بإلغائها الرقابة القضائية، الذي وضعه فيها قاضي التحقيق بمحكمة بالعاصمة منذ أسبوعين.
ويرتقب أن ينتقل ملف القضية، المسمى «تركيب السيارات» و«التمويل الخفي لولاية بوتفليقة الخامسة»، إلى «المحكمة العليا» كدرجة أخيرة، بعد أن استنفذ المتقاضون الإجراءات على المستوى الثاني من المحاكمة بصدور أحكام أمس.
وخفضت محكمة الاستئناف الأحكام ضد وزيري الصناعة سابقاً محجوب بدة ويوسف يوسفي، من 10 سنوات إلى 5 سنوات، وكذا تخفيض الحكم ضد والية بومرداس (شرق)، والوزيرة سابقاً نورية زرهوني من 5 سنوات سجناً إلى عامين.
وورد في الأحكام أيضاً تأييد حكم البراءة بحق وزير النقل السابق عبد الغني، بصفته مدير حملة بوتفليقة للانتخابات التي كانت مقررة في 18 من أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن اتهمته النيابة بـ«جمع المال العام لفائدة مسعى التمديد لبوتفليقة». كما قلصت المحكمة عقوبة رجل الأعمال الكبير علي حداد من 8 سنوات سجناً إلى 4 سنوات. في حين تم تخفيض عقوبة فارس، نجل عبد المالك سلال، من 3 سنوات إلى سنتين.
وتقلصت الأحكام، التي صدرت بحق المستثمرين حسان عرباوي وأحمد معزوز، من 7 سنوات سجناً إلى 4 سنوات. وهما من أكبر المستثمرين في مجال تركيب السيارات. في حين تم تأييد عقوبة 20 سجناً، صدرت غيابياً، ضد وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، الذي يقيم بفرنسا، وهو محل أمر دولي بالاعتقال.
وتتمثل وقائع هذه القضية في تسهيلات وامتيازات كبيرة في ميدان الاستثمار، استفاد منها رجال أعمال مقربون من الرئيس السابق وعائلته، تمت في فترة تولي سلال وأويحيى المسؤولية، وثلاثة وزراء للصناعة، وتخص أساساً استيراد أجزاء سيارات من مختلف الماركات العالمية، وتركيبها بالجزائر. وحصل الناشطون في هذا المجال على إعفاءات ضريبية كبيرة، بلغت قيمتها مليار دولار، في مقابل هدايا. ففي حالة سلال، مثلاً، فرض على رجل الأعمال معزوز أن يشرك ابنه فارس في رأس مال شركته.
وخلال استجوابه من طرف القاضي، أكد سلال أنه كان «مجرد منفذ لسياسة الرئيس بوتفليقة»، الذي طالب الدفاع بإحضاره. لكن المحكمة رفضت. وفي المقابل كانت المحكمة الابتدائية قد أحضرت السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس وكبير مستشاريه سابقاً، ليقدم شهادته في القضية، لكنه رفض الحديث.
ويقضي السعيد عقوبة 15 سنة سجناً بتهمة «التآمر على الجيش والتآمر على سلطة الدولة».
وتخص الوقائع، أيضاً، مساهمة رجال الأعمال المتهمين بأموال ضخمة للإنفاق على عمليات الدعاية للعهدة الخامسة لبوتفليقة، التي أسقطها الحراك في 22 من فبراير (شباط) 2019، وفرض عليه الاستقالة. وقد جرى ذكر اسم الرئيس الحالي عبد المجيد تبون في القضية من طرف الوزير محجوب بدة، الذي قال إنه كان على علم بالامتيازات التي منحت لرجل الأعمال، عندما كان رئيساً للوزراء بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) 2017.
في سياق ذي صلة، فوجئ محامون وصحافيون وناشطون بالحراك بقرار «غرفة الاتهام» في محكمة الاستئناف، أمس، إيداع مراقب منظمة «محققون بلا حدود» ومراسل الفضائية الفرنسية «تي في 5» بالجزائر خالد درارني، رهن الحبس الاحتياطي، بعد أن كان قاضي التحقيق قد أمر بوضعه في الرقابة القضائية.
وجاء ذلك بناءً على استئناف النيابة التي اتهمته بـ«المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على التجمهر غير المرخص». في حين أبقت غرفة الاتهام على ناشطين سياسيين بالحبس، وقد اعتقل الثلاثة منذ شهر خلال مظاهرة بالعاصمة، منعتها قوات الأمن بالقوة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.