15 مليون روسي قد يفقدون مصادر دخلهم وتدابير الدعم «محدودة»

انتقادات حادة لإجراءات «المركزي» في مواجهة تداعيات «كورونا»

احتمال إغلاق 3 ملايين رجل أعمال روسي شركاتهم يهدد ملايين المواطنين بفقدان مصادر دخلهم (رويترز)
احتمال إغلاق 3 ملايين رجل أعمال روسي شركاتهم يهدد ملايين المواطنين بفقدان مصادر دخلهم (رويترز)
TT

15 مليون روسي قد يفقدون مصادر دخلهم وتدابير الدعم «محدودة»

احتمال إغلاق 3 ملايين رجل أعمال روسي شركاتهم يهدد ملايين المواطنين بفقدان مصادر دخلهم (رويترز)
احتمال إغلاق 3 ملايين رجل أعمال روسي شركاتهم يهدد ملايين المواطنين بفقدان مصادر دخلهم (رويترز)

حذرت تقارير إعلامية وأخرى صادرة عن غرفة التجارة والصناعة الروسية، من احتمال إغلاق 3 ملايين رجل أعمال روسي، من قطاعي الأعمال المتوسطة والصغيرة، شركاتهم، وفقدان ما بين 8 إلى 15 مليون مواطن مصادر دخلهم، بسبب عدم تناسب التدابير التي اتخذتها السلطات الحكومية والمالية، مع طبيعة وحجم التحديات التي يواجهها الاقتصاد الروسي حالياً، بسبب «كورونا»، وتراجع أسعار النفط.
ومع استمرار التشكيك في قدرة تلك التدابير على تنفيذ المهام الملحة في زمن «أزمة كورونا»، أخذت حملة الانتقادات لسياسات البنك المركزي الروسي طابعاً أكثر حدة، برز في تصريحات الملياردير الروسي أوليغ ديريباسكا الذي شبه سياسة البنك خلال السنوات الماضية بمستنقع «حفره معتمداً على مقاطع من كتب الاقتصاد الكلي في خمسينات القرن الماضي».
وحذرت غرفة التجارة والصناعة الروسية من مخاطر إفلاس 3 ملايين رجل أعمال روسي، بسبب فيروس «كورونا». وقالت يلينا ديبوفا، رئيسة الغرفة، خلال مؤتمر صحافي، إن التقديرات الأولية تشير إلى احتمال توقف 3 ملايين رجل أعمال عن نشاطهم، إن استمرت الأوضاع المعقدة اقتصادياً. وكانت الغرفة قد أجرت دراسة لوضع قطاعي الأعمال الصغيرة والمتوسطة، تضمن استطلاعاً للرأي، قال فيه ثلث رجال الأعمال إنهم لن يتمكنوا من الاستمرار أكثر من ثلاثة أشهر، مع تراجع الطلب في السوق. ويدرك 50 في المائة منهم عدم إمكانية استئناف عمل شركاتهم في وقت قريب، بحال اضطروا لإعلان الإفلاس؛ لأن القوانين الروسية لا تسمح لرجل الأعمال الذي يعلن إفلاس شركته، ببدء مشروع جديد إلا بعد ثلاث سنوات.
وحمل خبراء «عدم كفاية» التدابير الحكومية لدعم «البيزنس»، المسؤولية عن هذا الوضع. وقالت صحيفة «نيزافيسمايا غازيتا» في تقرير بهذا الصدد، إن قطاع الأعمال الصغيرة يوفر حتى ربع فرص العمل في السوق. وحسب التقديرات يعمل في هذا القطاع ما بين 15 إلى 18 مليون مواطن روسي، قد يصطدمون بتقليص أعداد العمال، ما يعني فقدانهم مصادر الدخل. وبعد إشارتها إلى أن الحكومة اقترحت تسهيلات ائتمانية وإعفاءات ضريبية لدعم القطاع، تقول الصحيفة إن «تلك التدابير ربما كانت مفيدة لكن قبل وباء (كورونا)، بينما كان الاقتصاد يتدحرج للأسفل تدريجياً»، وتشير إلى تحديات قادمة ترى أن الحكومة لم تأخذها بالحسبان، وتقول إن قضايا أكثر إلحاحاً برزت الآن، بينها «ما هي الأعمال التي ستكون مطلوبة ضمن الواقع الجديد، وما هو البديل الذي سيحصل عليه المواطنون بحال خروج أرباب عملهم من السوق، ومن سيعيد بناء (البيزنس) بعد انتهاء الوباء؟».
ووفق بيانات أعدها مصرف «سبير بنك» منتصف العام الماضي، وفرت الشركات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع الشركات الفردية، ربع فرص العمل في السوق، أو 18.3 مليون فرصة عمل، معظمها في المدن الكبرى. ويحذر ألكسندر شيروف، نائب مدير «معهد التوقعات الاقتصادية»، التابع لأكاديمية العلوم، من أن «دخل جميع العاملين في هذا القطاع على المحك الآن»، ويرى أن «المقيمين منهم في المدن الكبيرة سيحتاجون بالدرجة الأولى إلى الدعم»، بينما تبقى «التدابير التي أقرتها الحكومة محدودة للغاية» على حد تعبيره، موضحاً أن «التراجع المحتمل للأجور الشهرية، مشكلة رئيسية (...) وفي ظل تقييد الحركة والقيود الأخرى، ستكون هناك حاجة إلى تدابير تعويض مباشر عن الدخل الذي فقده المواطنون من الميزانية».
وكان البنك المركزي الروسي قد رفض فكرة تقديم الدعم المالي المباشر للمواطنين، لمواجهة تداعيات انتشار «كورونا»، وقالت إلفيرا نابيؤلينا، مديرة البنك، إنه لا حاجة في روسيا لهذا الأسلوب من الدعم، وأشارت إلى «توفر أدوات بما فيه الكفاية تسمح بدعم المواطنين، والنشاط الاستهلاكي والدخل».
ووجه رجل الأعمال، الملياردير الروسي أوليغ ديريباسكا، انتقادات حادة اللهجة لسياسات «المركزي» في مواجهة تداعيات «كورونا»، لا سيما قراره الأخير بالحفاظ على سعر الفائدة دون تخفيض. وقال إن البنك لا يملك تقديراً سليماً لوضع الاقتصاد الروسي، وبقراره هذا «سقط من الفضاء حتى قعر المستنقع الذي حفره بعناية خلال السنوات الأربع الأخيرة»، وخلص إلى أن «(المركزي) لا يرى في الوضع الراهن أزمة، وبالتالي يظهر عدم نيته اتخاذ إجراءات حازمة لتحسين الظرف المالي في البلاد»، وقال: «إما أن المركزي لا يدرك فعلاً مدى عمق المشكلات المتنامية، وإما أنه يحاول إخفاءها». ووجه ديريباسكا انتقادات بصورة خاصة لتصريحات إلفيرا نابيؤلينا، مديرة «المركزي» التي أشارت فيها إلى بقاء احتمال رفع أو تخفيض سعر الفائدة، وعبر عن قناعته بضرورة تخفيض الفائدة، ووصف تدابير الدعم التي أعلنت عنها السلطات الروسية بأنها «غير كافية»، وطالب بتوفير الدعم المادي المباشر للمواطنين، أسوة بتجربة دول أخرى.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».