الأقصى.. هل يشعل حربا دينية؟

«الوضع القائم» في المسجد مطلب فلسطيني وعربي لكن غلاة المتطرفين اليهود يصبون الزيت على النار

الأقصى.. هل يشعل حربا دينية؟
TT

الأقصى.. هل يشعل حربا دينية؟

الأقصى.. هل يشعل حربا دينية؟

إذا كان يمكن وصف الصراع في مدينة القدس بأنه صراع هوية وعلى كل متر مربع من الأرض، فإن المسجد الأقصى يعد قلب الصراع الذي يحمل أوجها أخرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ يعده (الأقصى) الفلسطينيون المسلمون وقفا إسلاميا خالصا لا حق لأحد آخر فيه ويقع في قلب العاصمة الفلسطينية المنتظرة، ويرى فيه المتشددون اليهود جبل الهيكل الذي يجب أن يبنى ثانية ويقع في قلب العاصمة الإسرائيلية الموحدة.
وخلال 47 عاما على احتلال المسجد، حاولت الحكومة الإسرائيلية الحفاظ على ما يعرف بـ«الوضع القائم»، أي السماح للمسلمين بالصلاة فيه والسماح للإسرائيليين بزيارته ضمن برنامج السياحة الخارجي، لكن خلال السنوات القليلة الماضية أخذت جماعات يهودية متطرفة ومسؤولون بالمجاهرة بضرورة السماح لليهود كذلك بالصلاة في «جبل الهيكل»، وراح هؤلاء ينظمون زيارات استفزازية للأقصى ويطرحون على الكنيست الإسرائيلي قوانين لتقسيم المسجد وفرض السيادة الإسرائيلية عليه، وهو ما دق جرس الإنذار «الأحمر» عن الفلسطينيين والمسلمين الذي حذروا صراحة من جر المنطقة إلى حرب دينية.

قال محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية، إن الحرب المسعورة التي تشنها إسرائيل بكل أجهزتها على المسجد الأقصى وصلت إلى مرحلة خطيرة جدا، متهما الحكومة الإسرائيلية بالسعي إلى السيطرة على المسجد الأقصى. وحذر الهباش من أن المساس بالأقصى سيفجر أنهارا من الدماء وسيحول الصراع من سياسي إلى ديني. وأوضح أن «العداء الفلسطيني - الإسرائيلي هو سياسي ولم يكن يوما دينيا، لكن ما يجري على الأرض من انتهاكات سيجر المنطقة إلى صراع ديني في كل العالم».
وأردف: «المسجد الأقصى يمكن أن يكون بوابة سلام في المنطقة أو بوابة حرب». ولأنه فعلا يعد للكثيرين بوابة سلام أو حرب، تفجرت سريعا ما يعرف بـ«انتفاضة المقدسيين» التي شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية اشتباكات عنيفة وعمليات إطلاق نار وعمليات دهس وقتلى وجرحى واعتقالات وتخللها أول إغلاق للمسجد الأقصى منذ احتلاله قبل 47 عاما. وكانت إسرائيل أغلقت المسجد يوم الخميس الموافق 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومنعت أي مسلم من دخوله منذ الفجر وحتى فجر اليوم التالي، وهو الأمر الذي وصفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) آنذاك بأنه بمثابة إعلان حرب. وقال عباس في بيان رسمي: «إن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها هي خط أحمر لن يقبل المساس بها.. إننا نحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية التصعيد الخطير في مدينة القدس المحتلة، والذي وصل ذروته بإغلاق المسجد الأقصى المبارك، صباح الخميس».
وأضاف: «إن هذا القرار الذي أصدرته إسرائيل بإغلاق المسجد الأقصى المبارك لأول مرة، يعتبر تحديا سافرا وتصرفا خطيرا، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار وخلق أجواء سلبية وخطيرة». وجاء في البيان: «إن دولة فلسطين ستتخذ كل الإجراءات القانونية لمحاسبة إسرائيل، ولوقف هذه الاعتداءات المتكررة». وطالب عباس المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات الفورية لوقف هذا العدوان، لأن استمرار هذه الاعتداءات والتصعيد الإسرائيلي الخطير هو بمثابة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني ومقدساته وعلى الأمتين العربية والإسلامية. وكان أمر الإغلاق اتخذه وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاق أهارونوفتش فور محاولة قتل الناشط اليميني يهودا غليك، وجاء ذلك بعد تعليمات من نتنياهو الذي أمر بتعزيز الأمن في القدس للحفاظ على ما وصفه «الأمن» وعلى «الوضع القائم في الأماكن المقدسة».
وعلى الرغم من أن الصراع يتركز بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن الوضع القائم الذي يتغنى به الإسرائيليين وينشده الفلسطينيون يعني أن الوصاية هناك هي لطرف ثالث وهو الأردن التي كان لها دور بارز ومتقدم في الأزمة الأخيرة. وقال عزام الخطيب، مدير الأوقاف الإسلامية في القدس، إن إغلاق المسجد الأقصى كان خطوة خطيرة ولها تداعيات وتجري لأول مرة منذ احتلال الشق الشرقي من المدينة عام 1967.
وأضاف الخطيب لـ«الشرق الأوسط»: «لم يغلق بهذه الطريقة منذ 67. أغلق جزئيا في عام 2000 بسبب زيارة شارون. ولكن هذا الإغلاق الكامل لم يجر من قبل». وتابع: «آنذاك صليت وحدي مع الموظفين فقط، وهذا لم أشاهده طيلة حياتي في المسجد». وأكد الخطيب أن الخطوة إذا مال تكررت يمكن أن تجر المنطقة إلی ما لا يحمد عقباه.
وأضاف: «لولا تدخل المملكة الأردنية كان يمكن أن يتدهور الأمر أكثر». وكان الأردن بصفته راعي المقدسات، اتخذ موقفا صارما تجاه ما يحدث في الأقصى، استدعت السفير في تل أبيب، وتوجهت بشكوى إلى مجلس الأمن وألغت الاحتفالات بمعاهدة السلام مع إسرائيل وحذرت من تداعيات على العلاقة. وقال رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، إن ما تشهده مدينة القدس من اضطرابات خلال الأسابيع الأخيرة شكل «طعنة في كل تفكير بالسلام» مع إسرائيل.
وأضاف في تلميح استثنائي: «بيننا وبين إسرائيل معاهدة سلام، واحترام اتفاقية السلام واجب ليس على طرف واحد دون الآخر، بل هو واجب على الطرفين كليهما»، مؤكدا أن «حكومة المملكة الأردنية الهاشمية تدين بأقوى الكلمات التطورات التي حصلت في القدس في الأسابيع الأخيرة، خصوصا التي لا تدل على أخطاء إدارية وتجاوزات من أفراد متطرفين، بل نرى فيها خطة حكومية ونيات واضحة لتغيير الحقائق بما يتعلق بالأماكن المقدسة، وخصوصا المسجد الأقصى وقبة الصخرة المباركين».
وتابع: «الوصاية على القدس هي للأسرة الهاشمية منذ عام 1924، وانتقلت حتى وصلت للملك الحالي شخصيا». وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994 بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس. ودخول الأردن على الخط وبعدها الجامعة العربية وتوالي الضغوط التي مورست على إسرائيل أشعل بدوره قلق الكثيرين في إسرائيل من مواجهة أشمل. وأكثر ما يخشاه الإسرائيليون هو إشعال حرب دينية في المنطقة يكون رأس حربتها الفلسطينيين الذين يعيشون في الداخل وهو ما سيشبه بالنسبة لإسرائيل حربا «أهلية».
وترجمت وزير القضاء الإسرائيلي تسيبي ليفني القلق الإسرائيلي بتحذيرات علنية من تحول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى نزاع ديني مع كل العالم العربي والإسلامي. وقالت ليفني إنه يجب التصرف بحكمة.
وتبعت تصريحات ليفني مواقف متعددة من وزراء بمن فيهم وزير الخارجية المتطرف أفيغدور ليبرمان الذي عد زيارة نواب الكنيست الإسرائيليين للأقصى مجرد غباء وتستهدف الاستعراض. وأمام القوة الإسرائيلية على الأرض، لم يجد الفلسطينيون بموازاة الانتفاضة المقدسية التي أطلقوها في القدس، سبيلا آخر غير التوجه إلى مجلس الأمن لطلب كف يد إسرائيل عن المسجد الأقصى.
وقال أبو مازن في مستهل اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية، السبت الماضي، إنه يريد من مجلس الأمن تدخلا مباشرا في شأن الاعتداءات الإسرائيلية على القدس، موضحا الموقف الفلسطيني «نحن نريد من مجلس الأمن بيانا يؤكد (الستاتكو/ النظام الثابت والمعمول به) لأوضاع القدس المعتمد عام 1967، والذي يقول إن هذه أراضي مقدسات إسلامية لا يجوز الاعتداء عليها.. إسرائيل تخترق كل القرارات الدولية، وتقوم بهذا العمل، ونحن نطالب مجلس الأمن بإدانة ما يحدث والتأكيد على (الستاتكو)».
واتهم عباس الحكومة الإسرائيلية بالسعي لتصعيد الأوضاع في القدس، وقال إن الانتهاكات والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى تهدف إلى توتير الأجواء في المدينة المقدس وتصعيد الأوضاع هناك.
وجاء حديث عباس بعد ساعات من اتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو له بالتحريض على «العنف» في القدس، واصفا إياه بالمحرض رقم واحد.
وطالبت الرئاسة الفلسطينية بتدخل الدول المعنية لوضع حد للتصعيد الإسرائيلي الخطير، قائلة إن عدم تدخلها قد يجر المنطقة إلى «حرب دينية لا يحمد عقباها»، خصوصا بعدما «وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأحداث الحالية بأنها معركة القدس». ويأمل الفلسطينيون في قرار ملزم من مجلس الأمن. ودعا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار قاطع بحماية القدس والأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وحذر عبد ربه في بيان صحافي من «خطورة مواصلة حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، سياسة التوسع الاستيطاني العنصري، وبشكل خاص في مدينة القدس ومحيطها». واتهم عبد ربه الحكومة الإسرائيلية بـ«ممارسة الابتزاز الرخيص؛ لوضع القيادة الفلسطينية في موضع دفاعي، في الوقت الذي تواصل فيه عدوانها واستهدافها للمسجد الأقصى وللوجود الفلسطيني في مدينة القدس».
وأكد عبد ربه أن «مثل هذه السياسة العنصرية تستدعي دعم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، للتوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار لتحديد موعد نهائي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والاعتراف رسميا بحدود الرابع من 1967 حدودا لدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس، بدلا من الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار».
ولم تعد المواجهات التي فجرها الأقصى مقتصرة على القدس فقط، بل انتقلت إلى مناطق في إسرائيل والضفة الغربية كذلك.
وشهدت رام الله والخليل وبيت لحم مواجهات عنيفة بين فلسطينيين هتفوا للأقصى والجيش الذي أصاب واعتقل الكثيرين منهم.
كما شهدت البلدات العربية في إسرائيل، مواجهات وإضرابات احتجاجا على قتل الشرطة الإسرائيلية الشاب خير الدين حمدان بدم بارد من بلدة كفر كنا في الجليل، وهو الأمر الذي أدى إلى إعلان الشرطة الإسرائيلية عن حالة تأهب بدرجة واحدة تحت القصوى، وتهديد بنيامين نتنياهو بمعاقبة كل من يخالف القانون بشدة، مضيفا: «سنعمل بحزم ضد كل من راشقي الحجارة وملقي الزجاجات الحارقة والمفرقعات، ومن يقوم بقطع الطرق والمظاهرات التي تدعو إلى تدميرنا. لن نقبل بالمزيد من المظاهرات التي تجري في قلب مدننا، حيث يتم فيها رفع رايات حماس أو (داعش) وإطلاق الهتافات: بالروح بالدم نفديك يا فلسطين، هذه هي فعلا مناشدات إلى تدمير دولة إسرائيل. لقد أوعزت لوزير الداخلية بالعمل بشتى الوسائل، بما فيها النظر في إمكانية سحب الجنسية الإسرائيلية ممن يدعو إلى تدمير الدولة. لقد حان الوقت للقيام بذلك، والجهة التي تقف وراء هذا التحريض هي في مقدمة الأمر، الحركات الإسلامية المختلفة: حماس والحركة الإسلامية في إسرائيل. وفي الصدارة، على الأقل فيما يتعلق بالتحريض الذي نراه في جبل الهيكل، يقف من يسمون المرابطين والمرابطات، وهذه هي حركات تحريضية يموّلها الإسلام المتطرف».
واضطرت المواجهات المستمرة في القدس الشرطة الإسرائيلية إلى وضع خطط أمنية جديدة ونشر 1500 عنصر إضافي على الأقل في المدينة، إضافة إلى نصب حواجز وكتل إسمنتية في محطتي القطار الخفيف اللتين ارتكب فيهما عمليتا الدهس الأخيرتان.
وقال قائد شرطة الاحتلال في القدس موشيه، إنه «على الرغم من تراجع البؤر التي تقع فيها المواجهات، فإننا نشهد وقوع هجوم إرهابي أسبوعيا كجزء من التصعيد في المنطقة».
وعلى الرغم من كل الاحتياطات هاجم فلسطيني جنديا إسرائيليا في قلب تل أبيب الاثنين الماضي وطعنه فيما كانت القيادتان السياسة والأمنية في إسرائيل عقدتا سلسلة من المشاورات الحثيثة إثر القلق الذي ينتاب الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك من امتداد أحداث العنف من القدس إلى المدن والقرى العربية داخل إسرائيل وإلى أراضي السلطة الفلسطينية.
وقال حاتم عبد القادر، وزير القدس السابق، لـ«الشرق الأوسط»، إن الانفجار قادم لا محالة؛ إذ لا يمكن لأي فلسطيني أو مسلم أن يساوم على الأقصى. وأضاف أنه خط أحمر لا يمكن أن نسمح بالمساس به.
إذن، إنه صراع تاريخي وقديم ومتجدد ويحمل أوجها مختلفة سياسيا ودينيا ووجوديا وجغرافيا وديموغرافيا، ويبدو أنه سيبقى كذلك.
قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش في قصيدة عن القدس: «صاحت فجأة جندية: هو أنت ثانية؟ ألم أقتلك؟ قلت: قتلتني.. ونسيت، مثلك، أن أموت».
الأقصى تاريخ من الأحداث
*691م: بنى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مسجد قبة الصخرة المشرفة.
705م: تم الانتهاء من بناء المسجد الأقصى على يد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وابنه الوليد.
* 747م - 1099م: خضعت القدس لسيطرة العباسيين، فالطولونيين، فالإخشيديين، فالفاطميين الذين اهتموا بالقدس، وقاموا بتعمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة وغيرهما من أبنية المدينة؛ بعد ما أصابها من الدمار نتيجة الزلازل، وذلك في عهد أبو جعفر المنصور، والمهدي، وهارون الرشيد، والمأمون، والمقتدر، وكافور الإخشيدي، والحاكم بأمر الله، والظاهر لإعزاز دين الله، والمنتصر.
* 1099م: احتل الصليبيون القدس وارتكبوا مذبحة رهيبة قتلوا فيها معظم سكانها. ثم حولوا مسجد قبة الصخرة إلى «كنيسة السيد المسيح»، أما المسجد الأقصى فحولوا جزءا منه إلى كنيسة، والجزء الآخر إلى مسكن لفرسان «الداوية»، وبنوا فيه مستودعا للأسلحة، واستخدموا السراديب التي تحته كإسطبلات خيول؛ وهي المعروفة باسم «الأقصى القديم، والمصلى المرواني»، واستمر الاحتلال الصليبي للمدينة 88 سنة.
* 1187م: حرر صلاح الدين الأيوبي المدينة من الصليبيين، وأمر بترميم أسوارها؛ ولكن الصليبيين تمكنوا من السيطرة عليها لفترات قصيرة، أكثر من مرة، أيام الأيوبيين؛ كما تم هدم أسوارها وإعادة بنائها في زمنهم.
* 1516م: استولى الأتراك العثمانيون على المدينة. وأهم الأحداث التي شهدتها تلك الفترة هي:
إنشاء السور الحالي على يد السلطان سليمان القانوني، وترميم قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى.
تكالب الدول الغربية على فتح قنصليات لها في القدس؛ لزعزعة النفوذ التركي.
توصل الدول الغربية والدولة العثمانية لما يعرف باسم «اتفاق الوضع الراهن» (ستاتيكو) فيما يخص الأماكن الدينية المقدسة في القدس.
* 1863م: أنشئت بلدية القدس، ثم جرى تعمير كنيسة القيامة.
* 1950: إعلان إسرائيل أن القدس الغربية عاصمة لها، ونقل الكنيست ومقر الحكومة إليها.
* 1967: الاحتلال الإسرائيلي لكامل المدينة (الجزء الشرقي) والإعلان عن تطبيق القوانين الإسرائيلية على القدس، وهدم السور وتوحيد شطري القدس.
* 1967: إسرائيل تغلق المسجد الأقصى بشكل كامل.
21 / 8 / 1969: أحرق اليهودي «مايكل دينيس روهان» المسجد الأقصى المبارك.
* 1976: صدور حكم قضائي إسرائيلي يسمح لليهود بالصلاة داخل الحرم القدسي الشريف.
* 1982: أحد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي يهاجم مسجد قبة الصخرة المشرفة.
* 1994: توقيع اتفاقية «وادي عربة» التي تعهدت فيها إسرائيل باحترام الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس؛ كما تعهدت فيها دولة الاحتلال بإعطاء أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن عند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي.
* 1996: افتتحت إسرائيل نفق الأقصى؛ ما أشعل «هبة الأقصى» التي أدت إلى استشهاد 62 فلسطينيا، ومقتل 15 يهوديا، وسقوط مئات الجرحى.
* 2000: اشتعال انتفاضة الأقصى؛ جراء اقتحام أرئيل شارون (رئيس حزب الليكود المعارض آنذاك) الحرم القدسي الشريف بحراسة 3 آلاف جندي إسرائيلي.
* 2014: ثاني إغلاق للمسجد الأقصى بشكل كامل بعد سلسلة اقتحامات إسرائيلية له ومواجهات عنيفة ووقع قتلى من الطرفين.



يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.