السياحة المصرية تدخل نفقاً مظلماً بسبب «كورونا»

في الوقت الذي بدأت الحكومة المصرية إعلان تعافي قطاع السياحة بعد سنوات من المعاناة أعقبت ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، أدخل «فيروس كورونا» هذا القطاع الحيوي مجدداً في نفق مظلم، بعدما تسبب في وقف نشاط القطاع بالكامل وسط توقعات بكارثة حقيقية تؤدي لتشريد نحو ثلاثة ملايين عامل في مجال السياحة بمصر، إضافة إلى خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات إذا استمرت فترة الإغلاق شهوراً طويلة وفق خبراء ومسؤولين.
ويعيش العاملون في قطاع السياحة المصرية حالة ترقب وقلق، على حد تعبير حسن النحلة، نقيب المرشدين السياحيين المصريين، الذي أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنّ «السياحة الآن متوقفة بشكل كامل بعد تعليق رحلات الطيران، وإغلاق المطارات، ونحن نترقب مع العالم ما الذي سيحدث في الفترة المقبلة».
وقال النحلة إنّ «السياحة تلقت ضربة موجعة، ولو استمر الوضع فترة طويلة سيحدث انهيار في القطاع»، مشيراً إلى أنّ «هذه هي المرة الأولى التي يتوقف فيها القطاع بشكل كامل، ففي الأزمات السابقة منذ ثورة يناير، وما تلاها من أحداث تأزمت السياحة، لكن لم يتوقف نشاطها مثل هذه الأيام، وظلت تعمل بشكل جزئي».
وتعد السياحة أحد مصادر الدخل الرئيسية في مصر، وانتعشت السياحة في مصر في عام 2010، لتصل إلى 14.731 مليون سائح، بزيادة تجاوزت الـ17% عما كانت عليه في عام 2009، وفقاً للإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، لكنّ ثورة 25 يناير وضعت حداً لهذه الزيادة، وتسببت في تراجع معدلات الزيارات السياحية بشكل لافت، حتى بلغ عدد السياح الذين زاروا مصر في عام 2016 نحو 5 ملايين سائح، نتيجة للفوضى والاضطرابات الأمنية قبل أن يبدأ القطاع في التعافي مجدداً بعد استقرار البلاد سياسياً واقتصادياً.
ووفق النحلة فإن «السياحة كانت قد بدأت في التعافي، وكادت تقترب من أرقام 2010، لكن انتشار (كورونا) حطم أحلام عودتها إلى الأرقام القديمة».
وكانت مصر تسعى لزيادة عدد السياح خلال الموسم الحالي 2019-2020 إلى 12 مليون سائح، بعدما وصل عدد السياح في مصر في موسم 2018-2019 نحو 10.8 مليون زائر، وفقاً لتقرير الحكومة الذي عُرض على مجلس النواب في منتصف العام الماضي، لكنّ الفيروس قضى على تحقيق هذا الأمل وفق الخبير السياحي محمد كارم، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الأزمة هذه المرة مختلفة، فلم يحدث أن تم إغلاق مطار القاهرة الدولي منذ إنشائه، ولم يحدث إيقاف كامل للسياحة بالشكل الذي نعيشه الآن».
وأعلنت السلطات المصرية إغلاق جميع المتاحف والمواقع الأثرية بالبلاد ابتداءً من صباح يوم الاثنين الموافق 23 مارس (آذار) الجاري، حتى نهاية الشهر، للبدء في إجراءات تعقيم وتطهير هذه المناطق بالتعاون مع وزارة الصحة.
فيما قال ماجد فوزي، رئيس غرفة المنشآت الفندقية، في بيان صحافي، إن «المطاعم الرئيسية والنوادي الصحية للفنادق ستظل مفتوحة أمام نزلائها فقط لحين خروج آخر نزيل».
ونتيجة لهذا الوضع يعاني نحو 3 ملايين مصري يعملون بقطاع السياحة، حسب التقديرات الرسمية من توقف السياحة، التي تشكل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، مما يهدد طموحات وزارة السياحة التي كانت تسعى عبر خطة الإصلاح الهيكلي إلى عمل فرد على الأقل من كل أسرة مصرية في قطاع السياحة.
وتعد مدن القاهرة والأقصر وأسوان وشرم الشيخ والغردقة من أشهر الوجهات السياحية المصرية، والتي سوف تعاني خلال الأيام المقبلة من توقف النشاط السياحي وفق خبراء ومسؤولين.
ويؤكد النحلة أن «نحو 60% من العاملين بالقطاع عمالة حرة أي تعمل بأجر يومي، وهم الأكثر تأثراً بالأزمة»، مشيراً إلى أنه «من واقع دفاتر نقابة المرشدين السياحيين فإن هناك نحو 10 آلاف مرشد سياحي تأثروا بفعل الأزمة، وهم من كانوا يعملون بالفعل، قبل الأزمة، وقد تم التنسيق مع وزارة القوى العاملة لبحث كيفية مساعدتهم».
كما أبدى كارم قلقه من استمرار الوضع هكذا فترة طويلة، وقال: «القطاع يعاني خسائر بالمليارات الآن، فتكلفة تشغيل منشأة سياحية ليست قليلة، وإذا استمر الوضع سيكون عدد كبير بلا عمل، فأي صاحب منشأة سياحية لن يستطيع دفع رواتب العاملين أكثر من شهرين بلا عائد، مع توقف السياحة الداخلية والخارجية».