دعوة أممية إلى «وقف نار شامل» في سوريا لمواجهة «كورونا»

بيدرسن يبدي استعداده للعمل مع الحكومة والمعارضة والقوى الخارجية... ويناشد إطلاق المعتقلين

ادلب
ادلب
TT

دعوة أممية إلى «وقف نار شامل» في سوريا لمواجهة «كورونا»

ادلب
ادلب

دعا المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، إلى «وقف كامل وفوري لإطلاق النار على المستوى الوطني» في سوريا، لتمكين القيام بجهد شامل للقضاء على فيروس «كورونا» في هذه البلاد بعد أكثر من 9 سنوات من الحرب.
كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس، حث الأطراف المتحاربة في العالم على «تطبيق وقف فوري لإطلاق النار بهدف السماح للأسرة الدولية بالتعامل مع العدو المشترك المتمثل في فيروس كورونا».
وقال بيدرسن: «أدعو بشكل محدد إلى وقف كامل وفوري لإطلاق النار على المستوى الوطني في سوريا، للتمكين من القيام بجهد شامل للقضاء على فيروس (كوفيد 19) في سوريا»، موضحاً: «السوريون بشكل خاص هم الأكثر ضعفاً في مواجهة فيروس (كوفيد 19). فالمنشآت الطبية إما دُمرت أو تدهورت. وهناك نقص في المواد الطبية الأساسية والكوادر الطبية. ويعيش النازحون واللاجئون والمعتقلون والمختطفون في ظروف تجعلهم أكثر عرضة للخطورة. ولدي شواغل حقيقية بشأن التأثير المحتمل على النساء السوريات اللاتي يتصدرن بالفعل للعمل في أنظمة الدعم الصحي والمجتمعي القائمة». وقال أطباء وعاملون في مجال الإغاثة، إن وصول «كورونا» إلى سوريا يثير احتمال انتشار وباء قاتل بدرجات مختلفة من القلق في «مناطق النفوذ» الثلاث، سواء الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية من جهة، أو فصائل معارضة في شمال غربي سوريا من جهة ثانية، أو الأكراد في شمال شرقي البلاد من جهة ثالثة. وأعلن بيدرسن في بيان: «هذا التهديد المشترك لا يعرف الحدود، ولا يفرق بين الضحايا، ولا يفرق بين من يعيشون في مناطق تحت سيطرة الحكومة أو في مناطق أخرى. فهو يعرض كافة السوريين للخطر. ومن أجل مواجهة هذا الخطر، يحتاج الشعب السوري الذي عانى طويلاً بشكل عاجل إلى فترة هدوء متصلة في كافة أنحاء البلد تلتزم بها كافة الأطراف». وتخضع إدلب في شمال غربي البلاد لهدنة برعاية روسية - تركية. وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية، إن اختبارات الكشف عن «كورونا» ستبدأ قريباً في مناطق خارج سيطرة الحكومة في محافظة إدلب، وسط خشية من أن يطال الوباء المخيمات المكتظة بالنازحين. وأفادت مصادر بأنه لم يتأكد وجود أي حالات في هذه المناطق التي يخضع لسيطرة المعارضة، غير أن أعراضاً محتملة للمرض تظهر على مرضى منذ أسابيع، وأن 300 جهاز للكشف عن الفيروس ستصل خلال يومين. وأفادت ريتشل سايدر مستشارة المجلس النرويجي للاجئين: «البنية التحتية والخدمات الأساسية الصحية تعرضت كلها للدمار في جانب كبير من البلاد. ومن المرجح جداً أن يكون السوريون من الأشد عرضة للتأثر بانتشار الفيروس عالمياً». وأضافت: «الواضح جداً أنهم ليسوا جاهزين بأي حال من الأحوال لأي انتشار» للمرض.
ويعيش نازحون سوريون في مخيمات مؤقتة مزدحمة؛ الأمر الذي يثير قلق العاملين في المجال الطبي من أن يفتك المرض بأعداد كبيرة. وقد أدى هجوم تشنه القوات الحكومية السورية بدعم روسي إلى نزوح ما يقرب من مليون شخص في الشهور الأخيرة، ما أحدث حالة من الفوضى في البنية التحتية قبل إعلان وقف للنار.
وقال بيدرسن: «ساهمت اتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة حديثاً في خفض العنف في شمال شرقي وشمال غربي سوريا، وهذا الأمر محل ترحيب. لكن تبقى هذه الاتفاقات هشة وهناك إمكانية لتجدد العنف في أي وقت. وسيكون لهذا الأمر تبعات خطيرة على سوريا، وعلى جهود الاستجابة الدولية لمكافحة فيروس (كوفيد 19) بشكل عام. لذا فهناك حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى لوقف إطلاق نار على المستوى الوطني، طالما دعوت إليه، ويشكل ركيزة أساسية لقرار مجلس الأمن 2254، ولأن تحترمه كافة الأطراف». ودعا إلى مضاعفة الجهود لمواجهة «كورونا».
ولم يتمكن بيدرسن من جمع وفدي الحكومة والمعارضة لبحث الإصلاح الدستوري بموجب القرار 2254. وهناك مطالب غربية للبحث عن أمور أخرى كمدخل لاستئناف العملية السياسية. وقال المبعوث الأممي أمس: «أناشد أيضاً أن يتم الإفراج عن أعداد كبيرة من المعتقلين والمختطفين، والسماح بشكل فوري لأسباب إنسانية للمنظمات الإنسانية بزيارة مراكز الاعتقال وخطوات عاجلة لضمان توفير الرعاية الصحية والإجراءات الوقائية في كل أماكن الاحتجاز». وحث بيدرسن، أيضاً، المانحين الدوليين، على مساندة الجهود الإنسانية بشكل كامل والاستجابة لنداءات الأمم المتحدة، و«عليهم القيام بما يلزم لضمان حصول كافة السوريين في كل أنحاء سوريا على المعدات والموارد المطلوبة من أجل مكافحة الفيروس، ومعالجة المصابين. لا شيء يجب أن يعيق ذلك (...) وهناك حاجة لاستخدام كافة آليات إيصال المساعدات وزيادة إجراءات الوقاية والحماية». وأبدى استعداده للعمل مع الحكومة السورية والمعارضة وكافة الأطراف المعنية على الأرض، والدول الرئيسية ذات الوزن والتأثير، لـ«تثبيت وقف إطلاق النار على المستوى الوطني». وقال: «تفرض علينا إنسانيتنا المشتركة العمل بشكل فوري... ودعونا نضع حداً للعنف، ونعمل سوياً من أجل مكافحة الفيروس، والمضي قدماً وصولاً إلى مخرج سياسي للأزمة».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.