السودان: أزمة طاحنة في الدواء وتراجع إنتاج المصانع المحلية إلى النصف

TT

السودان: أزمة طاحنة في الدواء وتراجع إنتاج المصانع المحلية إلى النصف

قالت الحكومة السودانية، إن شح موارد النقد الأجنبي في البلاد، أثرت على استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية، وأضعفت الطاقة التشغيلية لمصانع الدواء بالبلاد إلى النصف، في وقت تشهد فيه الصيدليات في الخرطوم شحا في الأدوية المنقذة للحياة منذ مطلع مارس (آذار) الحالي.
في الأثناء قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة «أوتشا» في السودان، إن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد أثرت على استيراد السودان للأدوية والمستلزمات الطبية. وقال المكتب الأممي - في بيان - إنه في حين تحسنت واردات الأدوية في عام 2019 بشكل طفيف مقارنة بعام 2018، كانت المستويات أقل بنسبة 20 في المائة عن عام 2017، وفقاً لآخر تحديث من بنك السودان المركزي، مما يؤدي إلى انخفاض توافر الأدوية في كل من القطاعين الحكومي والخاص مقارنة بالسنوات السابقة، حسب وزارة الصحة السودانية ومنظمة الصحة العالمية.
واستورد السودان خلال الربع الأخير من عام 2019 أدوية بقيمة 367 مليون دولار، بزيادة بلغت نحو 47 مليون دولار مقارنة بعام 2018، بحسب بيان لنقطة التجارة الخارجية في السودان لعام 2019.
وقال وزير الصحة السوداني أكرم التوم، في تصريحات صحافية، إن هناك أزمة في استيراد الأدوية بالبلاد بسبب مشكلات مالية، وعجز في قدرة الحكومة على توفير النقد الأجنبي لاستيراد أدوية جديدة.
من جهتها، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة السودانية، عن شروعها في وضع خطة لتطوير الصناعة الدوائية بالبلاد لتحقيق الاكتفاء الذاتي. وقالت مسؤولة قطاع الأدوية بوزارة الصناعة السودانية الدكتورة هنادي عطا الفضيل لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك فجوة كبيرة في تغطية الاستهلاك المحلي من الدواء، مشيرة إلى أن السودان به 27 مصنعا لإنتاج الدواء، يعمل منها «19» مصنعا فقط، وتعمل بنصف طاقتها وتغطي نحو 45 في المائة من استهلاك البلاد.
وأضافت: «المصانع المحلية تحقق اكتفاء ذاتيا للبلاد من المضادات الحيوية وأدوية الضغط والسكري فقط، وأن الأدوية المنقذة للحياة تستورد من الخارج». وشكت المسؤولة السودانية من هيمنة قطاع استيراد الدواء على موارد النقد الأجنبي المخصص للدواء دون أن تستفيد منه المصانع الوطنية.
وتعاني الصناعات الدوائية بالبلاد من عدة مشكلات، تتمثل في عدم توفر النقد الأجنبي لاستيراد المواد الخام، وارتفاع تكلفة التشغيل وعدم توفر الطاقة من «كهرباء - وقود»، وضعف المنافسة الشرائية في السوق بسبب عمليات الاستيراد التي تستحوذ على نسبة 55 في المائة من حاجة السوق المحلية، بالإضافة إلى «التسعيرة» التي يضعها المجلس القومي للأدوية والسموم «مؤسسة حكومية»، وفقا لسعر الدولار في السوق الموازية مما يؤثر بشكل كبير على المنافسة للإنتاج المحلي.
وأعلنت وزارة الصناعة والتجارة، أن الصناعات الدوائية بالبلاد بحاجة إلى نحو «120» مليون دولار سنويا بواقع 10 ملايين دولار شهريا لتغطية استيراد المواد الخام، وقالت إن بنك السودان لا يقوم بتوفير النقد الأجنبي لتغطية حاجة المصانع.
وكان النظام البائد للمخلوع البشير، خصص نحو 10 في المائة من عائد الصادرات من العملات الحرة لصالح استيراد الأدوية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الدواء بنسب تراوحت بين 100 إلى 300 في المائة، في عام 2018.
وتفاقمت أزمة الدواء بالبلاد عندما أصدر بنك السودان المركزي في عهد البشير، قرارات بتخفيض سعر الجنيه أمام الدولار إلى 47.5 مطلع أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018، وفُرض ذلك السعر على مستوردي الأدوية، ما أدى إلى رفع سعر الدولار للاستيراد من 30 جنيها إلى 47.5 جنيه.
وأعلنت وزارة الصحة السودانية في دراسة استقصائية أجرتها مع منظمة الصحة العالمية في يوليو (تموز) من عام 2019، عن توفير 43 في المائة فقط من احتياجات الأدوية في هيئة الإمدادات الطبية بالبلاد. وقالت إن القطاع الخاص يقوم بتوفير نحو 57 في المائة من احتياجات البلاد من الأدوية.
وعانى قطاع الدواء من فساد كبير في عهد المخلوع عمر البشير، وأصدر بنك السودان المركزي قائمة بحظر مصرفي نهائي لـ34 شركة أواخر عام 2016، لتلاعبها في النقد الأجنبي المخصّص للدواء، تمت إحالة ملف 32 شركة منها للمحكمة، بتهمة استغلالها نسبة 10 في المائة من حصيلة الصادرات غير البترولية المخصصة لاستيراد الأدوية لأغراض أخرى، بمبالغ قيمتها 230 مليون دولار.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.