انتقل الصراع على الحكم في إسرائيل إلى حرب بين الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، ومحكمة العدل العليا برئاسة القاضية إستر أوحايون. فبعدما أصدرت المحكمة قراراً، بناء على طلب كتلة «كحول لفان»، يلزم رئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) يولي أدلشتاين، وهو من حزب «الليكود»، بعقد جلسة لانتخاب رئيس للكنيست الجديد، ثارت ثائرة الحكومة، فخرج وزير القضاء أمير أوحانا يقول إنه لو كان مكان رئيس الكنيست لما استجاب لأمر المحكمة. وقال وزير السياحة ياريف لفين، الذي يعلن أنه يطمح لتولي وزارة القضاء، إن المحكمة العليا تتصرف ببلطجية، وتدوس على مبدأ فصل السلطات.
وقد عد «كحول لفان» رد فعل «الليكود» دليلاً على أن اليمين ليس معنياً بحكومة وحدة حقيقة، وأنه يسعى بكل قوته لدفع إسرائيل نحو انتخابات جديدة، هي الرابعة في غضون سنة تقريباً.
وكان واضحاً أن يوم أمس سيكون حافلاً بالصراع بين القوى المتخاصمة في القيادة السياسية التي يؤدي الصدام بينها إلى أشد أزمة سياسية في تاريخ الدولة العبرية. فقد استهل بمظاهرة سيارات كبرى، سارت في الشارع الذي يصل الشمال بالجنوب، وعرجت على القدس الغربية، وهناك طافت 7 مرات حول مبنى الكنيست وهي ترفع الأعلام السوداء «حداداً على الديمقراطية»، واحتجاجاً على امتناع أدلشتاين عن جمع الكنيست الجديد، ومنعه من انتخاب رئيس له ولجان لإدارة عمله.
وفي مبنى الكنيست، تم ترتيب بعض الأدوات التكنولوجية التي تتيح للنواب أن يبحثوا في تشكيل اللجان، من دون خرق تعليمات وزارة الصحة، بألا يجتمع 10 أشخاص في قاعة واحدة، تفادياً للإصابة بفيروس كورونا. وقد قاطع نواب كتلة اليمين الجلسات، وعددهم 58 من مجموع 120، باستثناء رئيس الكنيست المنتهية مدته، أدلشتاين، الذي بقي في المبنى يدير الجلسات ويتمسك بمنصبه، بدعوى أنه لا يجوز انتخاب بديل عنه قبل تشكيل حكومة جديدة. وسيطر النقاش حول هذه الأزمة الحكومية على النقاشات الجارية حول الفيروس، وتزايد عدد المصابين به، وتصاعد الخوف من أن يؤدي إلى وفيات جماعية.
وجنباً إلى جنب، بحثت محكمة العدل العليا دعوى «كحول لفان» ضد رئيس الكنيست، أدلشتاين. وقد وجه القضاة عدة أسئلة وملاحظات بدا واضحاً فيها رفضهم لموقف أدلشتاين. وفي ختام البحث، أمهل القضاة أدلشتاين حتى الساعة الخامسة من عصر أمس، ليرد عليهم فيما إذا كان يوافق على أن تناقش الهيئة العامة مسألة استبداله، حتى موعد أقصاه عصر يوم غد (الأربعاء). ومع ذلك، أوضحت المحكمة أن ذلك لا يعني أنها حسمت أمرها في القضية. وقد طلب أدلشتاين تمديد المهلة حتى التاسعة مساء، فوافقت.
وحال صدور القرار، تجند قادة اليمين ضد المحكمة بشكل علني صريح. ورأت وزيرة العدل السابقة إييليت شاكيد، من حزب «يمينا»، أن المحكمة غير مخولة بصلاحية التدخل في شؤون مواعيد النقاشات في الكنيست. وهاجم الوزير أوحانا القضاة، وهو المفترض أنه الوزير الذي يحمي القضاء من زملائه السياسيين، وقال إنهم يتدخلون في أمور داخلية للكنيست. وقال الوزير لفين إن «رئيسة محكمة العدل العليا تضع نفسها فوق الكنيست. وأنا أقترح عليها أن تقتحم مبنى الكنيست، برفقة فرقة من حراس المحاكم، وتجلس بنفسها على كرسي الرئاسة، فهي تترك ألوف الملفات القضائية التي تنتظر إصدار قرارات، وتتفرغ للاعتداء على السلطة التشريعية». ونصح لفين زميله أدلشتاين بأن يرفض الرد على مهلة المحكمة، وأن يرفض الرضوخ، حتى لو صدر قرار عنها.
وبالمقابل، دافع قادة «كحول لفان» عن المحكمة. وذكروا أدلشتاين بتصرفاته عندما واجه الكنيست مشكلة شبيهة في سنة 2014. ففي حينه، قرر نواب المعارضة من تجمع «يوجد مستقبل» وحزب العمل مقاطعة جلسة الكنيست، احتجاجاً على تصرفات «الليكود» الحاكم، فغضب عليهم أدلشتاين، وعد تصرفهم غير مسؤول وغير ديمقراطي، وطلب منهم أن يحترموا رغبة الأكثرية. وقالوا له: «هل تذكر تلك الأيام؟ إنك الآن تتصرف بما يتناقض مع الديمقراطية، دفاعاً عن رئيس حكومة متهم بالفساد».
يذكر أن «كحول لفان» أبرمت اتفاقاً مع 61 نائباً في الكنيست للتصويت ضد أدلشتاين، وانتخاب رئيس جديد للكنيست، وتشكيل لجنة نظام تسرع هذه العملية. وفي الاتفاق مع «القائمة المشتركة» بهذا الشأن، وعد بتبني معظم طلباتها في قضايا المساواة للمواطنين العرب.
وقد حاول «الليكود» تنظيم عريضة يتعهد بها نواب جميع كتل اليمين بألا يصوتوا مع «كحول لفان» في أي شيء، حتى يضمن عدم خيانة نتنياهو، لكن اثنين من أحزاب اليمين اعترضا على ذلك، وهما حزب «يمينا» المتطرف وحزب «اليهود المتدينين الأشكناز» (يهدوت هتوراة)، فقد عدا كثرة العرائض التي يطالبهم «الليكود» بالتوقيع عليها «أمراً مملاً» و«ضرباً من التشكيك بإخلاصنا».
حرب إسرائيلية بين الحكومة والمحكمة العليا
على خلفية الصراع على الحكم
حرب إسرائيلية بين الحكومة والمحكمة العليا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة