شلل في تونس وتعليق العمل بمصالح الدولة

أحزاب سياسية تجمّد نشاطها بسبب «كوفيد ـ 19»

شوارع خالية وشلل شبه كامل في تونس نتيجة إجراءات مكافحة انتشار فيروس {كورونا} (أ.ف.ب)
شوارع خالية وشلل شبه كامل في تونس نتيجة إجراءات مكافحة انتشار فيروس {كورونا} (أ.ف.ب)
TT

شلل في تونس وتعليق العمل بمصالح الدولة

شوارع خالية وشلل شبه كامل في تونس نتيجة إجراءات مكافحة انتشار فيروس {كورونا} (أ.ف.ب)
شوارع خالية وشلل شبه كامل في تونس نتيجة إجراءات مكافحة انتشار فيروس {كورونا} (أ.ف.ب)

أعلن محمد عبو، وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد في تونس، تعليق العمل الحضوري في كافة مصالح الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والمؤسسات والمنشآت العمومية بداية من يوم أمس وإلى غاية الرابع من أبريل (نيسان) المقبل، وهو ما من شأنه أن يصيب الإدارة التونسية ومؤسسات القطاع العام بالشلل التام، وذلك في إطار الخطوات التي تتخذها الدولة للتصدي لانتشار وباء {كورونا} المستجد. وجاء إعلان عبّو في وقت اقترح هشام بن أحمد، القيادي في حركة {تحيا تونس} التي يتزعمها يوسف الشاهد، رئيس الحكومة السابق، على البرلمان التونسي أن يبدأ نوابه العمل من منازلهم ويصوّتوا على القوانين ذات الأولوية التي تطلبها الحكومة، لئلا يتوقف العمل الحكومي في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد بسبب فيروس {كوفيد - 19}.
ودعا عبو، من جهته، جميع إطارات وأعوان الدولة إلى الالتزام بقواعد الحجر الصحي الشامل وعدم مغادرة منازلهم إلا في حال دعوتهم من قبل الإدارات المعنية، على أن يتواصل العمل بالنسبة إلى الأعمال التي يمكن إنجازها عن بعد، مع الحرص على تأمين الخدمات الأساسية الدنيا حضورياً بمقرات العمل، وذلك عملاً بمبدأ استمرارية عمل المرافق العمومية.
وحددت الحكومة قائمة بالخدمات الأساسية التي يتحتم مواصلة تأمينها حضورياً في حدها الأدنى، مع ضبط قائمة بالأعوان المطالبين بالحضور إلى مقرات العمل لمواصلة تأمين قسط من الخدمات. وفي حال الرفض، يمكن الالتجاء إلى إرغامهم على الحضور بمقرات العمل، وذلك طبقاً لقانون الوظيفة العمومية وكذلك قانون الشغل.
ويعمل في القطاع العام بتونس نحو 650 ألف موظف، في ظل انتقادات بأن نحو 120 ألفاً منهم لا يقدمون أي أعمال فعلية في مقابل الأجور التي يتقاضونها.
أما بالنسبة لعمل السلطة القضائية، فقد تم الترخيص للمحامين، عند الضرورة، بالانتقال من مقرات سكنهم إلى مقرات المحاكم وإلى مقرات البحث الأولي للدفاع عن موكليهم، وذلك بالتنسيق مع ممثلي النيابة العامة ورؤساء الفروع المعنية.
من ناحية أخرى، أعلنت مجموعة من الأحزاب السياسية التونسية عن تعليق أنشطتها السياسية ودعم الحكومة في مواجهة الوباء. وفي هذا الشأن، أكد نبيل القروي، رئيس حزب {قلب تونس}، أكبر أحزاب المعارضة، عن تعليق كافة أنشطته حتى تتضح الأوضاع الصحية في تونس. وكان هذا الحزب سينظر في طلب استقالة 11 من نوابه في البرلمان احتجاجاً على طريقة إدارة الحزب وعلاقته بالائتلاف الحاكم وبقية أحزاب المعارضة. ويرى مراقبون أن فيروس {كورونا} أنقذ أحزاباً سياسية عدة، من بينها {قلب تونس}، من انقسامات وانشقاقات سياسية حادة، بعدما باتت الآن مؤجلة إلى وقت لاحق. والأمر نفسه يشمل حركة {النهضة} التي سجلت قبيل انتشار الوباء استقالة القيادي البارز عبد الحميد الجلاصي.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية التونسية القبض على تونسي استغل صفحة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار زائفة تتعلق باستقالة قيادات أمنية ومسؤولين بالدولة، وهو ما من شأنه {المس باستقرار البلاد وزعزعة أمنها}. وحجزت الوزارة هاتفه الجوال وحاسوبه المحمول. وأذنت النّيابة العامة بالاحتفاظ به موقوفاً ومواصلة الأبحاث الأمنية والقضائية واتخاذ الإجراءات القانونية ضده. وكان حسام الدين الجبابلي، المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني التونسي، قد نفى في وقت سابق أخباراً بخصوص استقالة آمر الحرس الوطني.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.