إصابة جندي إسرائيلي ومقتل مستوطنة في هجومين فلسطينيين في تل أبيب والخليل

نتنياهو: الفلسطينيون يريدون «تمرير عيشتنا».. وليفني: علينا أن نفتش عن فرص للتسوية السياسية

عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية يطوقون المكان الذي قتل فيه فلسطيني بعد طعنه ثلاثة مستوطنين خارج إحدى المستوطنات بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية يطوقون المكان الذي قتل فيه فلسطيني بعد طعنه ثلاثة مستوطنين خارج إحدى المستوطنات بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

إصابة جندي إسرائيلي ومقتل مستوطنة في هجومين فلسطينيين في تل أبيب والخليل

عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية يطوقون المكان الذي قتل فيه فلسطيني بعد طعنه ثلاثة مستوطنين خارج إحدى المستوطنات بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية يطوقون المكان الذي قتل فيه فلسطيني بعد طعنه ثلاثة مستوطنين خارج إحدى المستوطنات بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

أُصيب جندي إسرائيلي بجراح خطيرة في قلب تل أبيب، وقُتلت مستوطنة يهودية في مجمع مستوطنات محاذٍ لمدينة بيت لحم، أمس، في هجومين وقعا خلال 4 ساعات، في مؤشر مهم على تصاعد الأحداث، وأشعل المخاوف من اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة.
وأعلنت أجهزة الأمن الإسرائيلية حالة تأهب غير عادية، وباشرت سلسلة عمليات عقابية، في حين حذرت من عمليات ثأر من المتطرفين اليهود ضد الفلسطينيين. ورأت الحكومة الإسرائيلية في هاتين العمليتين «تصعيدا خطيرا»، وحمَّلت مسؤوليتهما «للرئيس الفلسطيني محمود عباس وحلفائه من حماس». وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، خلال جلسة لكتلة الليكود البرلمانية، إن «الفلسطينيين يريدون تمرير عيشتنا وجعلها مستحيلة لدب اليأس فينا، كي نغادر البلاد. ونحن نقول لهم إن الرحيل لن يكون من نصيبنا، بل من نصيب من يسعى لقذفنا من وطننا التاريخي».
وقد ردت عليه وزيرة القضاء في حكومته، تسيبي لفني، فقالت إن «الإرهاب بشع ومجرم ويفرض علينا فعلا عيشة ظلامية. ولكن جنبا إلى جنب مع مكافحة الإرهاب، علينا أن نفتش عن كل فرصة للتسوية السياسية، التي لا يوجد ما هو أهم منها لإجهاض الإرهاب». وقال رئيس المعارضة الإسرائيلية، يتسحاق هيرتسوغ، إنه يحمّل نتنياهو مسؤولية التدهور الأمني الحاصل في المنطقة، «فهو يلجأ إلى خطابات العربدة الطنانة ويمتنع عن القيام بأي خطوة لتخفيض لهيب النيران». وأضاف هيرتسوغ إن «الحل الوحيد لهذا الوضع هو في العودة إلى المفاوضات والسعي المخلص للتسوية على أساس دولتين للشعبين». ودعا نتنياهو إلى البدء باتصالات مع أبو مازن وغيره من الزعماء العرب للتفاوض حول مبادرة السلام العربية.
وكان شاب من نابلس قد حضر إلى محطة قطار في قلب تل أبيب، أمس (الاثنين)، وانقض على جندي إسرائيلي في الـ25 من عمره، ينتظر فيها، وراح يطعنه بالسكين في قلبه. وقد هجم عليه بعض الحاضرين ونزعوا منه السكين، بعد أن أصابوه بالجراح، فهرب. واختبأ في بيت سكني على مقربة من المكان. فحضرت قوة كبيرة من الشرطة إلى المكان، وفرضت إغلاقا على منطقة الحادث، ثم اعتقلته. والشاب الفلسطيني من مدينة نابلس تبين أنه تسلل من الضفة الغربية إلى إسرائيل بلا تصريح. ويُدعى نور الدين أبو حاشية (18 عاما) من مخيم اللاجئين «عسكر»، القائم في نابلس.
وبعد 4 ساعات وقع هجوم فلسطيني آخر، وهذه المرة على محطة باصات تقع في المنطقة الاستيطانية «غوش عتصيون» القائمة على أراضي بيت لحم المحتلة وقضائها، وهي المنطقة التي تم خطف مستوطني منها قبل 3 شهور؛ فقد وصل إلى المكان مواطن من الخليل يقود سيارة بسرعة بالغة، فاصطدم بالمحطة، ثم نزل من السيارة وراح يطعن كل من يجده أمامه، فقتل مستوطنة وجرح 3 آخرين. وتمكنت قوات الجيش من قتله بالرصاص. ومنفذ العملية يدعى ماهر الهشلمون من مدينة الخليل القريبة.
وقد دعا ديفيد فريل، رئيس مجمع المستوطنات في المنطقة، إلى معاقبة أبو مازن شخصيا على هذه العملية. وقال: «التحريض الذي يديره هو شخصيا ورجاله في الإعلام والسياسة هو السبب فيما يجري على الأرض. وينبغي أن يدفع ثمن ذلك سياسيا وعسكريا».
يُذكر أن الجامعات الإسرائيلية شهدت، أمس، سلسلة مظاهرات قام بها الطلاب العرب من فلسطينيي 48، وذلك تضامنا مع القدس واحتجاجا على قتل الشاب من كفر كنا، خير الدين حمدان، برصاص الشرطة. ورفع المتظاهرون أعلام فلسطين، فهاجمهم نتنياهو مهددا: «لا مكان عندنا لمن يتظاهر ضد دولة إسرائيل؛ فمن لا تعجبه الدولة اليهودية فليرحل عنا، ويذهب إلى فلسطين التي يتغنى بها». وقال وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، إن قسما من العرب في إسرائيل يجب أن يصبحوا جزءا من الدولة الفلسطينية.
وأعطى مثالا بمنطقة المثلث، وهي المحاذية للضفة الغربية، التي يسكنها نحو 200 ألف نسمة من فلسطينيي 48.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.