اتهامات لنتنياهو بتسييس «كورونا» لأجندته الخاصة

الفيروس يخترق حصار غزة ويشل الحركة في الضفة الغربية

فلسطينيون يعقمون الشوارع بعد تأكيد إصابتين بغزة مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يعقمون الشوارع بعد تأكيد إصابتين بغزة مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

اتهامات لنتنياهو بتسييس «كورونا» لأجندته الخاصة

فلسطينيون يعقمون الشوارع بعد تأكيد إصابتين بغزة مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يعقمون الشوارع بعد تأكيد إصابتين بغزة مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

في تصريحات غير مسبوقة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن الإصابات بفيروس كورونا المستجد في البلاد قد تؤدي إلى وفاة عشرات الآلاف، وأن «لا أحد يعلم إلى أين ستصل الأمور». كان نتنياهو يتكلم خلال مقابلة مع «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، ليلة أول من أمس، حث فيها المواطنين على التزام بيوتهم، والتوقف عن التسكع غير الضروري في الشوارع وعلى شواطئ البحر. ولكنه فاجأ بهذا التحذير المرعب، وأثار شكوكاً حول أهدافه الحقيقية، إذ إن غالبية الإسرائيليين يدركون خطورة الفيروس ويلتزمون بتعليمات وزارة الصحة، ويجلسون في بيوتهم في حجر صحي اختياري. واعتبروا التهويل في تحذيراته جاء لأغراض أخرى سياسية وشخصية. وقال الكاتب السياسي في صحيفة «معريب»، بن كسبيت، إن نتنياهو يحاول ممارسة ضغوط على بيني غانتس، رئيس «كحول لفان»، حتى ينضم إلى حكومة طوارئ بدعوى مواجهة «كوفيد - 19».
وتشهد إسرائيل، في الأيام الأخيرة، سلسلة تحذيرات من أطباء كبار ومديري مستشفيات يشكون من هذا التقصير، وحتى من موظفي وزارة الصحة. ومن أشد الإخفاقات التي يجري الحديث عنها عدم القيام بتوفير وسائل وقاية كافية للكوادر الطبية في المستشفيات، ما دفع لانتقال الفيروس لأكثر من ألف طبيب وممرض، إذ تبين أن هناك نقصاً شديداً في معدات الفحص، وعندما قام جهاز المخابرات الخارجية (الموساد) بشراء 100 ألف جهاز فحص، بشكل عاجل، من إحدى الدول العربية التي لا تقيم علاقات مع إسرائيل، تبين أنه لا توجد مختبرات كافية. كما أن هناك نقصاً في عدد الأسرة عموماً في المستشفيات، وفي عدد أجهزة التنفس الاصطناعي.
وقد صد نتنياهو، هذه الاتهامات، وقال إن حكومته أدركت من اللحظة الأولى مدى فداحة الخطر، وأدارت سياسة عاقلة. وقال إن تحذيراته حول خطر موت ألوف الإسرائيليين تعود إلى الإحصائيات العالمية التي تشير إلى أن نسبة الوفاة بين مصابي «كورونا» المستجد، تتراوح بين 2 و4 في المائة خلال الفترة المقبلة. وقال إنه يبحث إمكانية تشديد القيود التي فرضت على حركة المواطنين لتقليص الخروج من المنازل، في محاولة للحد من انتشار الفيروس.
وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، في بيان، أن عدد المصابين في إسرائيل بالفيروس ارتفع إلى ما 945 مصاباً حتى ظهر أمس، ويتوقع أن يتجاوز الألف حتى منتصف الليل.
في سياق متصل، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، حظر تجول في الضفة الغربية، بشكل كامل، ضمن جملة من الإجراءات والتدابير الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد في الأراضي الفلسطينية.
وقال أشتية إنه من أجل تغليب السلامة الجماعية على الخصوصيات، ولأن الشعب الفلسطيني لا يحتمل أي خطأ، فإنه عطفاً على مرسوم الرئيس محمود عباس، الصادر بتاريخ 5 - 3 - 2020 بإعلان حالة الطوارئ، قرر منع خروج جميع المواطنين من بيوتهم تطبيقاً للحجر الإلزامي، اعتباراً من الساعة العاشرة من مساء (أمس)، ويستثنى من ذلك المرافق الصحية والعاملون فيها والصيدليات والمخابز ومحلات البقالة.
كما منع أشتية التنقل بين المحافظات نهائياً، ومنع وصول السكان من القرى والمخيمات إلى مراكز المدن، وقال إنه تقرر وضع كل القادمين من الخارج تحت الحجر الإجباري لمدة 14 يوماً، في مراكز الحجر الصحي، كل في محافظته. واتخذ جملة قرارات أخرى، من بينها أن تعمل البنوك بوتيرة حالة الطوارئ، ومنع وصول العمال إلى المستعمرات منعاً قاطعاً.
وطالب إسرائيل بتوفير ظروف إنسانية للعمال الذين يبيتون في أماكن عملهم، كما طالبها كقوة قائمة بالاحتلال بتحمل مسؤوليتها تجاه سكان القدس العرب. وطالب أشتية، فلسطينيي الداخل، بعدم التنقل بين الأراضي الفلسطينية والداخل. وأكد أنه سيتم نشر قوات الأمن الوطني والشرطة وبقية الأجهزة الأمنية في مختلف المدن ومداخلها، حفاظاً على النظام العام وتطبيق كامل الإجراءات.
وأعلن أن مدة هذه الإجراءات ستكون 14 يوماً من تاريخه.
يذكر أن هذه أول مرة تفرض فيها إجراءات مشددة خارج محافظة بيت لحم، التي كانت أول مدينة يكتشف فيها الفيروس.
وجاءت الإجراءات بعد ارتفاع عدد المصابين في الأراضي الفلسطينية إلى 59 حتى صباح الأمس، ووصول «كوفيد - 19» إلى قطاع غزة. وأغلب الظن أن تشمل هذه الإجراءات كل الضفة الغربية، ولكن ليس قطاع غزة الذي تديره حركة «حماس».
من جانبه، قال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم، إنه تم تسجيل 6 إصابات جديدة بالفيروس، 4 منها في الضفة الغربية، و2 في قطاع غزة، ما يرفع العدد إلى 59 إصابة تماثل 17 منها للشفاء.
وأوضح، في مؤتمر صحافي، أن المصابين من غزة، رَجُلا دعوة قادمان من باكستان، وكانا تحت الرقابة الصحية، أما إصابات الضفة الأربع، فقد سُجلت إحداها في مدينة رام الله لشاب خالط مصاباً، واثنتين في قرية شقبا لشقيقة المصابة التي أعلن عن إصابتها سابقاً، وابنة المصابة (8 سنوات)، والإصابة الرابعة سجلت في قلنديا لمواطن ستيني، نقلت إليه من زوجته المصابة بالفيروس، التي كانت ترقد في أحد المستشفيات الإسرائيلية.
بدوره أيضاً، أعلن وكيل وزارة الصحة في قطاع غزة، يوسف أبو الريش، عن أول حالتي إصابة بالفيروس، مؤكداً أن الحالتين كانتا بين المحجوزين عند معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر، وأنهما لم يدخلا إلى غزة. 
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، إن التحاليل الطبية أثبتت إصابة فلسطينيين اثنين كانا قد قدما من باكستان في طريقهما إلى غزة عن طريق مصر، بفيروس كورونا، في ساعة متأخرة، من مساء السبت، وتم وضعهما في الحجر الصحي في رفح القريبة من الحدود المصرية منذ وصولهما الخميس.  وحسب ما أكدته وزارة الصحة الفلسطينية، فإنه لم يتم تسجيل أي حالة من داخل قطاع غزة.
كانت السلطات في غزة قد بادرت إلى إغلاق المدارس والأسواق العامة وقاعات المناسبات، خلال الأسبوعين الأخيرين، كما أعلنت مؤخراً عن إغلاق المساجد والمطاعم والمقاهي للحد من خطر انتشار «كورونا» المستجد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم