تحديد هدف دوائي جديد لعلاج «كورونا»

علماء توصلوا لبروتينات مسؤولة عن خداع مناعة البشر

صورة لفيروس «كورونا المستجد» باستخدام المجهر الإلكتروني (المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بولاية مونتانا الأميركية)
صورة لفيروس «كورونا المستجد» باستخدام المجهر الإلكتروني (المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بولاية مونتانا الأميركية)
TT

تحديد هدف دوائي جديد لعلاج «كورونا»

صورة لفيروس «كورونا المستجد» باستخدام المجهر الإلكتروني (المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بولاية مونتانا الأميركية)
صورة لفيروس «كورونا المستجد» باستخدام المجهر الإلكتروني (المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بولاية مونتانا الأميركية)

نجح مركز الجينوم البنيوي للأمراض المعدية (CSGID)، وهو تحالف دولي من العلماء الذين يحققون في بنية بروتينات الفيروسات التاجية، في تحديد هدف دوائي جديد محتمل في إطار محاولات مواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19).
وخلال دراسة تم نشرها على موقع «بيوركسيف»، التابع لمختبر »كولد سبرينغ هاربور» بنيويورك، قال علماء المركز إنهم حددوا التركيب الذري لاثنين من بروتينات الفيروس الجديد (nsp10 - 16)، وحددوا هذين البروتينين كأهداف علاجية.
ووفق تقرير نشره، أول من أمس، الموقع الإلكتروني لجامعة كاليفورنيا الأميركية، الذي يشارك باحثوها في هذا التحالف، فإن البروتينين اللذين تم تحديدهما يقومان بتعديل المادة الوراثية للفيروس لجعله يبدو أشبه بالحمض النووي الريبي البشري، مما يسمح له بتجنب الدفاعات المضادة للفيروسات عند الإنسان وخداعها، وإعطاء الوقت للفيروس للتكاثر.
ويعتقد الباحثون أنه «إذا كان من الممكن تطوير دواء لتثبيط هذين البروتينين، فإن ذلك سيمنح الجهاز المناعي القدرة على اكتشاف الفيروس والقضاء عليه بشكل أسرع».
وتقول د.كارلا ساتشيل، أستاذة علم الأحياء الدقيقة في جامعة نورث وسترن الأميركية وقائدة التحالف: «هذا هدف جميل حقاً لأنها بروتينات ضرورية للغاية لتكاثر الفيروس».
وأرسل الباحثون مركب البروتينين إلى جامعة بروردو الأميركية، موقع اكتشاف الأدوية التابع للتحالف، ليتم فحصهما بحثاً عن مثبطات جديدة يمكن تطويرها كأدوية جديدة.
وتضيف ساتشيل: «نحتاج إلى أدوية متعددة لعلاج هذا الفيروس، لأن هذا المرض من المحتمل أن يبقى معنا لفترة طويلة، ليس من الجيد بالنسبة لنا تطوير دواء واحد، خصوصاً إذا طوّر (كوفيد – 19) مقاومة لدواء واحد، فإننا بحاجة إلى أدوية أخرى».
وسبق لفريق التحالف العامل في جامعة شيكاغو اكتشاف ثلاثة بروتينات أخرى مهمة لتكاثر الفيروس هي: nsp15، nsp3، وnsp9.
ويقول آدم جودزيك، أستاذ علوم الطب الحيوي في جامعة كاليفورنيا: «هذا كله جزء من جهد لرسم خريطة كاملة لمجموعة بروتينات الفيروس الجديد، وهذا سيساعد على تحسين الأدوية، بجعلها موجهة بشكل أفضل نحو العامل الممرض».
ويسابق التحالف الزمن لتطوير الأدوية، عن طريق تحديد تراكيب جميع البروتينات التي قد تكون أهدافاً دوائية محتملة، ويتعاون أيضاً لتوفير البروتينات للعاملين على تصميم اللقاحات.
وتقول د.كارلا ساتشيل، قائدة التحالف: «حققنا إنجازات مهمة، لكن عملنا صار أكثر صعوبة لأن العديد من الجامعات قللت من أنشطتها وأغلقت بعض المختبرات بالكامل».
وتضيف: «قدرتنا على القيام بالتجارب تتضاءل، ومع ذلك، سنواصل العمل قدر الإمكان حتى نصل إلى هدفنا».


مقالات ذات صلة

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب اعتباراً من ديسمبر بعد فرض ضوابط صارمة منذ عام 2020 بسبب جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

كوريا الشمالية تستأنف استقبال الزوار الأجانب في ديسمبر

قالت شركات سياحة، اليوم (الأربعاء)، إن كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب في مدينة سامجيون بشمال شرقي البلاد في ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (سول)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».