الإصابات بـ«كورونا» تسجل ارتفاعاً جديداً مغاربياً

تجاوب مع «حالة الطوارئ الصحية» في المغرب... وتونس تبدأ الحجر الصحي العام اليوم... والوفيات تبلغ 15 في الجزائر

وسائل للنظافة والتعقيم وفرتها السلطات الجزائرية أمس في مدينة الجزائر (رويترز)
وسائل للنظافة والتعقيم وفرتها السلطات الجزائرية أمس في مدينة الجزائر (رويترز)
TT

الإصابات بـ«كورونا» تسجل ارتفاعاً جديداً مغاربياً

وسائل للنظافة والتعقيم وفرتها السلطات الجزائرية أمس في مدينة الجزائر (رويترز)
وسائل للنظافة والتعقيم وفرتها السلطات الجزائرية أمس في مدينة الجزائر (رويترز)

استمر، أمس، الاستنفار الطبي في المغرب العربي، وسط ارتفاع جديد في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وكذلك عدد الوفيات.
ففي المغرب، لُوحظ أن المواطنين تجاوبوا بشكل واسع مع قرار السلطات إعلان حالة الطوارئ الصحية، وتقييد حركة الأفراد، في اليوم الأول من بدء تنفيذ حظر التجول للحد من انتشار فيروس «كوفيد 19»، باستثناء بعض الحالات المعزولة التي تدخلت قوات الأمن لوضع حد لها.
وبدت شوارع الرباط، أمس، شبه خالية، إلا من عدد محدود من الأشخاص والسيارات، كما خفت وتيرة حركة وسائل النقل العام مثل الحافلات والتراموي بشكل كبير.
وفي الدار البيضاء، فتحت الأسواق ومحلات بيع الخضر والفواكه والأسماك أبوابها بشكل عادي أمس. وعرفت حضور تجهيزات النظافة بشكل ملفت. ووضع بعض هذه المحلات رهن إشارة الزبائن السوائل المطهرة والصابون.
وأظهرت تقارير بثتها القناة التلفزيونية المغربية الأولى، أمس، من مختلف المدن المغربية التزام المغاربة بيوتهم، وتنقل عدد محدود من الأشخاص للعمل، أو لأغراض ضرورية، بعد منحهم وثيقة رسمية تبرر مغادرتهم المنازل.
وحظيت الوثيقة الاستثنائية لمغادرة السكن في وقت الحجر الصحي، التي قررت السلطات منحها للمواطنين، باهتمام واسع من قبل المغاربة على وسائل التواصل الاجتماعي، وظل الكل يسأل عنها، وكيفية الحصول عليها، ما دفع بعضهم لاستغلال الوضع ونسخ وثيقة مزورة وبيعها، رغم أن السلطات أعلنت أنها ستوزع مجاناً على المنازل. في هذا السياق، أوقفت السلطات الأمنية، صباح أمس، شخصين بمدينة الدار البيضاء ضبطا داخل مكتبة بمنطقة سيدي مومن، وهما في حالة تلبس بنسخ وبيع 11 مطبوعاً من الوثيقة الاستثنائية التي أصدرتها السلطات العامة لتقنين المغادرة وتفادي انتشار وباء كورونا المستجد.
وفي مواجهة نشر الأخبار الزائفة، التي بلغت حد تداول بيانات صحافية مزورة تحمل أختام وزارة الصحة أو الداخلية أو جهات مسؤولة، أعلنت الحكومة عن إحداث بوابة خاصة على الإنترنت تنشر فيها كل البيانات الرسمية المتعلقة بوباء كورونا.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية المغربية عن توقيف التنقل عبر الحافلات بين المدن المغربية، ابتداءً من صباح الثلاثاء. وطلبت من شركات النقل البري للمسافرين أخذ هذا الأجل بعين الاعتبار في جدولة الرحلات، وعدم إرسال حافلات على المسافات البعيدة ابتداء من اليوم (الاثنين)، إذ يجب أن تكون كل الرحلات متوقفة صباح الثلاثاء. كما أعلن المكتب الوطني للسكك الحديد على موقعه الإلكتروني عن «توقيف جميع قطارات، وتأمين الحد الأدنى من قطارات القرب ابتداء من يوم الاثنين، الساعة 11 ليلاً و59 دقيقة».
تزايدت حدة المخاوف لدى المغاربة بعد تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا، التي بلغت 86 حالة حتى الليلة قبل الماضية. كما أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل حالة وفاة جديدة ليرتفع بذلك عدد الوفيات جراء الإصابة بالفيروس إلى ثلاث، فيما أعلن أول من أمس عن تماثل مواطنة مصابة بالفيروس للشفاء، وهي حالة التعافي الثانية من الفيروس التي يتم تسجيلها بالمملكة.
من جانبها، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي عن لائحة الأنشطة التجارية والخدماتية الضرورية، التي ستبقى رهن إشارة المغاربة في حالة الطوارئ الصحية التي فرضها المغرب منذ مساء الجمعة الماضية. ففيما يخص الأنشطة التجارية، فإن المحلات المفتوحة خلال هذه الفترة هي المساحات التجارية الكبرى والمتوسطة وأسواق الجملة للخضر وأسواق السمك والدجاج بالجملة ومحلات بيع المواد الغذائية بالجملة ومحلات البقالة والتغذية العامة ومحلات بيع الخضر والفواكه ومحلات بيع الحبوب ومحلات بيع اللحوم والدجاج والبيض والأسماك والمخابز والحلويات ومحلات بيع الزيتون والتوابل والفواكه الجافة ومواد التنظيف والورق الصحي والصيدليات وشبه الصيدليات. كما ستكون رهن إشارة المواطنين أيضاً محلات بيع المستلزمات والمعدات الطبية ومحلات بيع العقاقير والأدوات واللوازم الصحية ومحلات بيع قطاع الغيار ومحلات بيع الأسمدة والمبيدات والمعدات الفلاحية والأعلاف.
وفيما يخص قطاع الخدمات، ستظل المصحات مفتوحة، وكذلك العيادات الطبية، ومختبرات التحاليل الطبية، ومحلات مزاولة المهن شبه الطبية، والوكالات المصرفية، ووكالات شركات الاتصالات، ومحطات توزيع الوقود، وخدمات الحراسة والنظافة، إضافة إلى الشركات والمصانع ووحدات الإنتاج والتوضيب والتخزين، مع الحرص على سلامة وصحة اليد العاملة والأنشطة الفلاحية وأنشطة الصيد البحري.

- تونس... الحجر الصحي
من المقرر أن يبدأ في تونس، اليوم الأحد، حجر صحي عام في البلاد يستمر حتى الرابع من أبريل (نيسان) المقبل، للحد من تفشي فيروس كورونا. ويستلزم هذا القرار ملازمة المواطنين لبيوتهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى وتقييد حركة التنقل بين المدن، وغلق المناطق الصناعية ذات الكثافة العمالية، حسب ما ورد في كلمة للرئيس قيس سعيّد يوم الجمعة.
وأعلن وزير الصحة التونسي، عبد اللطيف المكي، في مؤتمر صحافي، أمس، عن تطبيق الحجر الصحي الإلزامي على الوافدين من الخارج والمشتبه بحملهم فيروس «كورونا» في مراكز تشرف عليها الوزارة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المكي: «تبين أن الثغرة الكبرى هي عدم الالتزام بالحجر الصحي الذاتي، أو الالتزام بذلك بشكل خاطئ ما يعرّض العديد (من المواطنين) للعدوى بالفيروس». وتابع: «قررت الدولة فرض عزل صحي في مراكز محروسة يتوافر فيها الإشراف الطبي وإقامة معقولة لمدة 14 يوماً».
وارتفع عدد المصابين بالفيروس إلى 60 حالة مؤكدة، حسب ما أعلنت وزارة الصحة أمس.
كانت مطارات تونس شهدت الجمعة حالة من الزحام بسبب رحلات الإجلاء الأخيرة من تونس وإليها، وتسبب ذلك في مخالفة لوائح الحجر الصحي للمئات من العائدين من الخارج.
وقال المكي: «حصلت نقائص (أول من) أمس وعدم تفهم من العديد، نحن الآن على حافة خطيرة إذا استمر الاستهتار». وأوضح: «نحن بصدد تهيئة المستشفيات لمن يحتمل إصابتهم بالفيروس، لن نترك أي مريض استوجبت حالته الإنعاش، سنعمل بكل إمكاناتنا بنسبة مائة في المائة».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة شفاء أحد التونسيين المصابين بفيروس «كورونا». وقال المتعافي الذي يقطن في ولاية (محافظة) قفصة، بجنوب غربي تونس، إنه في صحة جيدة ويعيش وسط أفراد عائلته. وأكد هذا الرجل في تصريح لإذاعة «جوهرة» التونسية الخاصة أنه عاد إلى تونس من إيطاليا قبل تفشي الوباء بين سكانها، ولم تظهر عليه حين وصوله إلى منطقة سكنه أي أعراض حادة، غير أنه سجّل بعد يومين من عودته ارتفاعاً في درجة حرارته، وهو ما دعاه إلى الاتصال بالسلطات الصحية المختصة التي أجرت له التحاليل الطبية الضرورية، ووضعته تحت الحجر الصحي الذاتي. ودعا المتعافي التونسيين إلى الحد من تنقلاتهم، وعدم مغادرة منازلهم إلا عند الضرورة القصوى.

- الجزائر.. غلق المقاهي والمطاعم
في الجزائر، أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا من 95 إلى 139، مشيرة إلى أن الوفيات بلغت 15 (كانت 11 حتى أول من أمس).
من جهتها، أفادت الرئاسة الجزائرية، في بيان، بأن الرئيس عبد المجيد تبّون سيتلقى اليوم، بمناسبة انعقاد اجتماع لمجلس الوزراء، «عرضاً حول تطور وباء فيروس كورونا في البلاد، وتقييم التدابير المتخذة للحد من انتشاره».
من جهته، أمر والي الجزائر العاصمة، يوسف شرفة، أمس، بالإغلاق الفوري لكل المقاهي والمطاعم، ومنع حركة التنقل ما بين المدن وما بين الولايات، بواسطة وسائل النقل الجماعية العمومية والخاصة. كما منع حركة تنقل القطارات. وأكد بيان عن ولاية العاصمة الجزائرية أن القرار «يندرج في إطار الإجراءات والتدابير الرامية إلى حماية صحة المواطنين وسلامتهم من خطر فيروس كورونا، والحد من انتشار هذه العدوى الفتاكة في الأوساط العامة، وتنفيذاً لتعليمات وزارة الداخلية بهذا الخصوص». ودعا الوالي إلى «تفهم هذا الإجراء»، مشدداً على «أهمية تقيّد الجميع به والبقاء في منازلهم لمواجهة العدوى».


مقالات ذات صلة

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

رياضة عالمية رياضيو بلجيكا اضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس (رويترز)

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

ثبتت إصابة كثير من الرياضيين البلجيكيين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية بفيروس «كوفيد-19» مؤخراً، واضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

طبيب: نتائج اختبار بايدن لـ«كوفيد» جاءت سلبية

أعلن طبيب البيت الأبيض في رسالة، اليوم (الثلاثاء)، أن نتيجة اختبار جو بايدن لـ«كوفيد-19» جاءت سلبية، في الوقت الذي عاد فيه الرئيس إلى واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا خلال حديثها لوسائل الإعلام (رويترز)

بعثة أستراليا: عزل لاعبة كرة ماء في أولمبياد باريس بعد إصابتها بكوفيد

قالت آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا في أولمبياد باريس اليوم الثلاثاء إن لاعبة في فريق كرة الماء المحلي تم عزلها بعد إصابتها بفيروس كورونا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم عودة السفر الجوي إلى طبيعته بعد طفرة دامت سنوات في أعقاب جائحة كورونا وسط إحجام المصطافين والمسافرين بسبب ارتفاع الأسعار (رويترز)

الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد الطفرة التي أعقبت «كورونا»

قال مسؤولون تنفيذيون في شركات طيران كبرى مشاركون بمعرض «فارنبورو» للطيران في إنجلترا، الاثنين، إن الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)

لماذا ينتشر فيروس «كورونا» هذا الصيف؟

في شهر يوليو (تموز) من كل عام، على مدى السنوات الأربع الماضية، لاحظ علماء الأوبئة ارتفاعاً مفاجئاً في حالات الإصابة بفيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.