رئيس الوزراء العراقي المكلف يبدأ اليوم مشاوراته لتشكيل الحكومة

استمرار الخلافات حول الزرفي داخل البيت الشيعي... وانتظار سني ـ كردي

TT

رئيس الوزراء العراقي المكلف يبدأ اليوم مشاوراته لتشكيل الحكومة

كشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي المكلف عدنان الزرفي أن الأخير سيبدأ اليوم مباحثاته الرسمية لتشكيل الحكومة العراقية بعد أن جرى تكليفه رسميا الأسبوع الماضي. وقال المصدر المقرب لـ «الشرق الأوسط» إن الزرفي «أجرى خلال الأيام الماضية لقاءات مكثفة مع عدد من الأطراف بمن فيها الرافضة له بصورة غير رسمية». وإنه قرر بدءا من اليوم إجراء مباحثات رسمية لتشكيل حكومته وعرضها على البرلمان العراقي لنيل الثقة من عدمها.
وردا على سؤال بشأن ما يبدو أنه اتساع لجبهة الرفض له من قبل قيادات وتحالفات شيعية بارزة في المقدمة منها إئتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري مع عدم وضوح الموقف النهائي لكل من تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وحتى تحالف النصر الذي يتزعمه حيدر العبادي وينتمي إليه الزرفي ، يقول المصدر إنه «بصرف النظر عن اختلاف المواقف من قبل أي طرف من هذه الأطراف فإن المعيار النهائي للرفض أو القبول هو داخل قبة البرلمان وبالتالي فإن الزرفي ليس بوسعه انتظار مواقف متباينة غير واضحة المعالم لجهة الرفض أو القبول».
وبينما يقر المصدر بصعوبة المهمة في ظل استمرار الرفض، فإنه يرى أن «ليس لدى الكتل الرافضة بديل متفق عليه بسبب الخلافات المعروفة بينها». ويشير المصدر إلى أنه بالنسبة للزرفي «تتفق بعض هذه الكتل على رفضه كليا ومنها الفتح ودولة القانون، لكن دون الاتفاق على بديل متفق عليه بينها، بينما هناك كتل أخرى مثل الحكمة والنصر ليس لديها رفض له بقدر ما توجد تحفظات على آلية الترشيح»، مبينا أن «نوابا من كل هذه الكتل لا يشاطرون زعاماتها بشأن الموقف من الزرفي الذي سبق له أن شغل مواقع مهمة منها محافظ النجف لدورتين وعضو البرلمان العراقي».
الزرفي الذي يوصف بالعناد تعهد بتشكيل حكومة قوية؛ وذلك بمناسبة أعياد «نوروز». وقال الزرفي في بيان بالمناسبة أمس: «أتطلع وإياكم إلى غد أفضل يتمكن فيه الجميع من العيش الرغيد في ظل حكومة قادرة على القيام بواجباتها الدستورية والإنسانية».
وبينما حدد موقف الكرد نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان، في كلمته بمناسبة أعياد «نوروز» مشترطا أن تحافظ أي حكومة مقبلة على حقوق شعب كردستان، فإن الموقف السني لا يبدو موحدا حيال الموقف من الزرفي، على الرغم من أنه يبدو «خيارا جيدا بشكل عام للسنة»، طبقا لما يقوله لـ«الشرق الأوسط» صلاح الجبوري، رئيس كتلة اتحاد القوى العراقية السابق وعضو لجنة المساءلة والعدالة، مشيرا إلى أن «السنة من حيث المبدأ لا يعترضون على أي مرشح شيعي لمنصب رئيس الوزراء من منطلق أن هذا المنصب من حصة الشيعة، لكن غالبية القوى السنية تنظر إلى الزرفي بوصفه رجلا قادرا على التعامل مع التحديات التي تواجه العراق خلال المرحلة المقبلة».
وبين الجبوري أن «هناك تحالفات سياسية يمكن أن تلعب دورها في هذا السياق ومنها التحالفات التي ظهرت خلال فترة تكليف محمد توفيق علاوي، حيث وقفت أطراف سنية مع القوى الشيعية بالضد منه وبالعكس».
وكما حصل في ملف ترشيح محمد علاوي، فإن تكليف الزرفي فجر صراع إرادات. إذ بينما وقفت قوى سنية وكردية وشيعية (محمد الحلبوسي ونوري المالكي ومسعود بارزاني) بالضد من تمرير علاوي داخل البرلمان، فإن القوى المؤيدة للزرفي حاليا (مقتدى الصدر وحيدر العبادي, ونسبيا عمار الحكيم) يسعون إلى المضي بتكليفه.
الزرفي ، من جانبه، وطبقا لما يراه المراقبون في بغداد يراهن على هذا الصراع، لاسيما أن الطرف الرافض له لم يتمكن من حسم خلافاته البينية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تقوية جبهة المؤيدين (الصدر والعبادي) وحسم موقف المترددين (الحكيم) وهو ما يمنح الكرد والسنة مرونة في إجراء مفاوضات ولو كانت مشروطة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.