هل ينجح وباء «كورونا» في تعطيل آلة الحرب في طرابلس؟

هل ينجح وباء «كورونا»  في تعطيل آلة الحرب في طرابلس؟
TT

هل ينجح وباء «كورونا» في تعطيل آلة الحرب في طرابلس؟

هل ينجح وباء «كورونا»  في تعطيل آلة الحرب في طرابلس؟

رغم الأوضاع المتوترة التي تعيشها ليبيا الآن، تحرزاً من تفشي وباء «كورونا» المستجد، فلا تزال أعمدة دخان معارك طرابلس تتصاعد في سماء العاصمة، عقب عمليات قصف عشوائي استهدفت مناطق مكتظة بالسكان، وخلفت العديد من القتلى والجرحى. ومع ذلك عبر عضو مجلس النواب الدكتور، محمد العباني، عن أمانيه بأن تكون جائحة «كورونا كافية ربما لإنهاء الصراع المسلح في ليبيا، ورب ضارة نافعة».
وما بين هذا التوتر الاستثنائي وتراكم الجثث، تبدو ليبيا كساحة مصارعة، يلتف حولها جمهور منقسم إلى فريقين، كل واحد منهما يريد الانتصار لفريقه، ولديه مبرراته، بغض النظر عن الدماء والدمار وأنين الأطفال والنساء، الذين تسقط عليهم القذائف أثناء نومهم داخل منازلهم في منطقة عين زارة والسواني، أو المدينة القديمة.
وأمام تصاعد الدعوات الدولية والإقليمية لوقف القتال بما يسمح للسلطات بالتصدي للخطر، الذي يشكله فيروس «كورونا» المستجد، جاءت الاستجابة في جانب منها «مشروطة» من الموالين لـ«الجيش الوطني»، الذين يتمسكون بخيار الحرب لحين القضاء على الميليشيات المسلحة في غرب البلاد. لكن مسؤولاً عسكرياً مقرباً من حكومة «الوفاق» وصف هذا المطلب بأنه «تسويف وإضاعة للوقت». وقال المسؤول العسكري لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لقد أبدينا مرونة في التعاطي مع هذا الملف خلال اللقاءات الدولية والإقليمية، وآخرها لجنة (5+5) في جنيف السويسرية. لكن الطرف الآخر يراهن على إضاعة الوقت... وقناعتنا أنه لن يلتزم بأي اتفاقات، في ظل التدخلات الخارجية».
وبالنظر إلى الوضع الراهن، ومدى إمكانيته في فرملة عجلة الحرب، كان الانقسام حول الحرب هو سيد الموقف، إذ رأى فريق من السياسيين والنواب، الداعمين للعملية العسكرية على طرابلس، ضرورة استمرارها بأي ثمن. في حين ينادي سكان طرابلس والموالون لحكومة «الوفاق» بأهمية توحيد الجهود لمحاربة «كورونا» قبل أن يلتهم الفيروس القاتل الجميع.
في نهاية الأسبوع الماضي بشّر عضو مجلس النواب عن مدينة الكفرة، سعيد امغيب، الليبيين بما قال إنه «نصر قريب»، وكتب عبر حسابه على «فيسبوك»: «قريباً جداً بإذن الله سيفرح كل شرفاء الوطن بتحرير طرابلس من الإرهاب والميليشيات، وسنفرح بالنصر المبين على كل قوى الشر، التي حاولت العبث بسيادتنا واحتلال أرضنا»، ورأى أن «هذا النصر لن يكون على السراج وباشاغا وصنع الله والكبير، وتنظيمهم الإرهابي فقط، إنما هو نصر على تركيا وقطر، وكل الدول الداعمة للإرهاب والطامعة بالسيطرة على ثروات وخيرات الوطن».
لكن هذه الرغبة في «تحقيق النصر على الأعداء» التي أبداها امغيب، تصطدم بشكل مباشر بدعوات سفارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى سفارتي تونس والإمارات الجزائر، الأربعاء الماضي لـ«وقف فوري وإنساني للقتال»؛ وهي من وجهة نظر النائب مُبررة لأنها «تستهدف الطامعين بالسيطرة على ثروات وخيرات ليبيا»، ومن جهة ثانية فإن «تحرير العاصمة سيقضي على الإرهاب»، حسب تعبيره. لكن هذا لم يمنع عددا كبيرا من السياسيين والمراقبين للأحداث في غرب البلاد، ومن بينهم المحلل فرج فركاش، من الدعوة لوقف الحرب للتفرغ لمواجهة «كورونا»، وتساءل فركاش: «ألم يحن الوقت بعد لأن تأتي باخرات وطائرات الشحن بأجهزة التنفس الصناعي والأدوية والأسِرَّة، بدل جلب السلاح والمقاتلين». في إشارة إلى ما يقوم به «الجيش الوطني» في الحشد لاستكمال المعركة، بدل حشد الجهود لوقف وباء «كورونا».
وبمواجهة الإصرار على المضي قدماً في الحرب، رأى السفير إبراهيم موسى قرادة، كبير المستشارين سابقاً في الأمم المتحدة، أنه «قد لا يكون هناك غير العصيان لنواجه معاً وباء كورونا ونحمي أهلنا... في ظل الجائحة وخطر تفشيها، وأسبقية حفظ الأرواح شرعاً وإنسانياً ووطنياً وأخلاقاً وقانوناً، وطالما أن أحد الأطراف مُصر على الحرب، وتهديد الحياة وعرقلة التصدي للفيروس، فإنه من المنتظر أن يرفض الضباط والجنود النظاميون، والقوات المساندة، سواء كانوا في الميدان أو غرف العمليات، أوامر الهجوم وعصيانها، وانسحابهم من أجل أهلهم الليبيين. وهذا هو العشم والشهامة والشجاعة».
وبالاتجاه إلى التكاتف المجتمعي في مواجهة الحرب، وجه الكاتب سالم علي الهمالي رسالة، عبر مقاله الأخيرة بـ«بوابة الوسط» إلى رؤساء المجلس الرئاسي ومجلس النواب و«الأعلى للدولة»، بالإضافة إلى القائد العام للجيش الليبي، ودعاهم بوجه عاجل إلى التنازل من أجل شعبهم، وإغلاق صفحات الماضي بكل آلامه، وفتح صفحة جديدة، مقترحا عليهم وقف الحرب فورا في كل الجبهات، والاجتماع العاجل لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والاتفاق على كيفية تسيير المؤسسات الاستراتيجية. بالإضافة إلى توجيه خطاب موحد لكل الليبيين، مع وقف كل الدعايات التحريضية المضادة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».