خورخي فرانكو لـ«الشرق الأوسط»: لديّ عاطفة خاصة تجاه الشخصيات النسائية في الواقع والخيال

الروائي الكولومبي الذي قال عنه ماركيز إنه «أحد المؤلفين الذين أود أن أنقل لهم الشعلة»

جورج فرانكو وفي الإطار غلاف لإحدى رواياته المترجمة للعربية
جورج فرانكو وفي الإطار غلاف لإحدى رواياته المترجمة للعربية
TT

خورخي فرانكو لـ«الشرق الأوسط»: لديّ عاطفة خاصة تجاه الشخصيات النسائية في الواقع والخيال

جورج فرانكو وفي الإطار غلاف لإحدى رواياته المترجمة للعربية
جورج فرانكو وفي الإطار غلاف لإحدى رواياته المترجمة للعربية

لا يزال الاتجار بالمخدرات في كولومبيا يمثل كابوساً مروّعاً لكولومبيا لم تستيقظ منه بعد، ولا يزال مصدر إلهام لكتاب الروايات والمسلسلات التلفزيونية والأفلام الناجحة، ولكمية هائلة من الأدب على اختلاف أشكاله، خصوصاً أولئك الذين عاشوا في وقت ازدهرت فيه هذه التجارة المجرمة قانوناً في الثمانينات والتسعينات في عصر بابلو إسكوبار، الوحش الذي كان يعدّ ملك تلك الأعمال الإجرامية والمربحة. فقد كانت عبارة عن استقصاءات روائية جميلة تضع القارئ في جزء موجع للغاية من التاريخ الكولومبي.
ومن ضمن أفضل من كتب عن ذلك، الكاتب خورخي فرانكو (ولد عام 1962) الذي قال عنه ماركيز مرة، إنه «أحد المؤلفين الكولومبيين الذين أود أن أنقل لهم الشعلة»، والذي ترجمت أعماله إلى عدد لا يحصى من اللغات. آخر أعمال المؤلف التي صدرت مؤخراً هي رواية «روساريو تيجيراس» التي جلبت له شهرة كبيرة، والتي ترجمت إلى العربية. وتصور الرواية الواقع الصادم للقتلة الشباب الذين تم توظيفهم من قبل أباطرة تجار المخدرات مثل إسكوبار.
وفي رواية «روساريو تيجيراس» بدأ جورج رواياته الثلاث بعناصر أكثر واقعية من التي نراها في روايات أخرى، حيث يلتقط اللحظات التاريخية للعنف الذي عانت منه كولومبيا، بسبب عصابات المتاجرة بالمخدرات.
في مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» من العاصمة الكولومبية بوغوتا، تحدث راموس عن تجربته الروائية، وعمله الأخير «روساريو تيجيراس» وترجمته إلى العربية:
> كيف تفسرون النجاح الدولي لرواية «روساريو تيجيراس» التي احتفلت قبل أيام بمرور 20 عاماً على نشرها؟
- أعتقد أن الأمر يتعلق بحقيقة أن قصة الاتجار بالمخدرات هذه تدور حول امرأة. وربما كان التصور الذي كان لدى الناس عن الرجال الذين ينتمون إلى العصابات ضحلاً جداً. في هذه الرواية، هناك دراما أعمق وأكثر إنسانية حول ما تنطوي عليه الحياة العنيفة للأطفال، وأعتقد أن ما يجعل هذه الرواية عالمية جداً هو أنها في الأساس قصة حب.
> روساريو قاتلة كولومبية شابة نشأت في عصر عنف بابلو إسكوبار، هل تعتقد أن أمثالها من النساء ما زلن موجودات في عالم المخدرات؟
- لسوء الحظ، لا تزال كولومبيا تعاني من عواقب الاتجار بالمخدرات، وطالما استمر ذلك، فستظل هناك عصابات تعمل لحساب مافيا المخدرات. وبالطبع سيستمر وجود شابات يعملن في تلك العصابات.
> لقد قمت للتو بنشر روايتك الجديدة التي حملت عنوان «إسقاط الجنة» التي ستجري ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية قريباً، ما العلاقة بين روايتك «روساريو تيجيراس» وأحدث رواياتك؟
- ظهر فيلم «إسقاط الجنة» بعد 20 عاماً من نشر رواية «روساريو تيجيراس»، وخلال تلك السنوات العشرين حدثت أشياء كثيرة في كولومبيا، بدءاً من وفاة إسكوبار. لقد قسم مقتله تاريخنا إلى قسمين، فالآن هناك جيل جديد لم يعِش السنوات العنيفة لتهريب المخدرات. وهذه الرواية الجديدة هي نظرة نقدية لما حدث خلال تلك السنوات. أتساءل لماذا ما زلنا نحافظ على ثقافة سلوك تجار المخدرات بعد كل تلك السنين. كنت أشعر بالفضول أيضاً بشأن بعض الشخصيات التي تنتمي إلى عالم المافيا: أطفال تجار المخدرات الذين لم يرغبوا في مواصلة الحياة الإجرامية لآبائهم. وقد دفعني ذلك إلى السؤال عن معضلة محبة الأب أو كراهيته.
> أحدث رواياتك بعد «روساريو تيجيراس» تتألف من 3 أجزاء... ما السبب وراء ذلك؟
- الثلاثية لم تكتب عمداً، فقد كتبت بطريقة فوضوية. أولاً، كتبت رواية «روساريو تيجيراس» التي تتمحور حول اللحظة الأكثر جنوناً في تاريخنا فيما يتعلق بالاتجار بالمخدرات. ثم كتبت «العالم من الخارج» التي تدور حول مدينة «ميديلين» في مرحلة ما قبل تهريب المخدرات، على الرغم من أنه كان من السهل في ذلك الحين ملاحظة حالة التوتر التي عاشوها بعد سنوات. ومؤخراً جاءت رواية «إسقاط الجنة» التي تشبه لحظات ما بعد حفلة مجنونة عاشتها «ميديلين» لعقود.
> إلى أي مدى تحولت كولومبيا بعد وفاة إسكوبار؟
- كانت هناك تغييرات إيجابية للغاية منذ وفاة إسكوبار، خصوصاً في «ميديلين»، المدينة الأكثر تأثراً. ومع ذلك، ما زالت بعض سلوكيات المافيا موجودة في بعض قطاعا[ت المجتمع. أعتقد أننا ما زلنا نعيش في ثقافة المخدرات وأنه لا توجد إمكانية لعمل تغييرات كبيرة طالما استمر الاتجار بالمخدرات في كولومبيا.
> لماذا أبطال رواياتك دائماً من النساء؟
- حقاً لا أدري، لدي عاطفة خاصة تجاه الشخصيات النسائية، سواء في الواقع أو في الخيال. ولطالما أحببت تلك الشخصيات النسائية العظيمة في الأدب مثل «مدام بوفاري» و«ليدي ماكبث»، و«أشولا أوغران». فقد نشأت في عائلة سادت فيها النساء وشهدت قوتهن وقدرتهن على مواجهة المواقف الصعبة. أعتقد أيضاً أنه يمكنني العثور على قصص أكثر إثارة للاهتمام في العالم الأنثوي من قصص الذكور.
> لقد جرت تحولات في السنوات الأخيرة في كولومبيا في السنوات الأخيرة بفضل عملية السلام، كيف ترى ذلك؟ وكيف يمكن للمثقفين على اختلاف اتجاهاتهم المساهمة في السلام؟
- كانت عملية السلام هذه ضرورية لكولومبيا، ومع ذلك فإن هذه الأنواع من العمليات تتعرض للتجربة والخطأ مع مرور الوقت. لهذا السبب، ارتكب كثير من الأخطاء خلال مراحل تغيير كولومبيا. كان الشيء الأهم هو أن نصف سكان هذه البلاد باتوا يعيشون[ خارجها. على أي حال، يجب أن نحاول المضي قدماً في ذلك والحصول على أفضل النتائج ونأمل أن نرى نتائج إيجابية مع مرور الوقت.
> ترجمت رواية «روساريو تيجيراس» إلى العربية، كيف ترى ذلك؟
- كنت في غاية السعادة عندما علمت أنه للمرة الأولى ستتم ترجمة أحد كتبي إلى اللغة العربية. يجب أن أعترف بأن العالم العربي غير معروف بالنسبة لي، وأنا فضولي للغاية بشأن كيفية قراءة روايتي في ثقافة مختلفة عن ثقافتي.
> في أي البلدان ستكون متوفرة؟
- في سوريا ومصر ولبنان والإمارات العربية المتحدة ولاحقاً في دول عربية أخرى.
> ماذا تعرفون عن الأدب العربي؟
- المرجع الأول العظيم هو السرد الرائع لـ«ألف ليلة وليلة»، حيث يحتوي هذا النص على أفضل درس لكيفية الإبقاء على القارئ أسيراً. كاتب كلاسيكي آخر قرأته كان جبران خليل جبران وكتابه «النبي». وفيما يتعلق بالمعاصرين، أتذكر رواية عظيمة قرأتها عنوانها «مدن الملح» لعبد الرحمن منيف.
> ماذا تكتب الآن؟
- في الآونة الأخيرة كتبت «سيناريو سينمائياً»، وهو قصة موازية لـ«سفر الجنة»، الفيلم الذي استند إلى روايتي. لقد انتهى النص بالفعل وبدأت أيضاً رواية جديدة، ولكن من السابق لأوانه الحديث عنها.
> ما كلمتك الإسبانية المفضلة؟ ولماذا؟
- من قبيل الصدفة، هي كلمة من أصل عربي: «أوجالا»، أي «إن شاء الله». أحبها لصوتها ولكن بشكل خاص لما تنطوي عليه. أعتقد أن حياتنا تعتمد دائماً على «أوجالا»، فهي طريقة متواضعة وصبورة في انتظار تحقيق أحلامنا.



«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
TT

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

في لحظة يصعب نسيانها، ظهر النجم الأميركي فين ديزل، وهو يدفع الأسطورة البريطانية مايكل كين على كرسيه المتحرّك فوق خشبة مسرح حفل افتتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، مساء الخميس، في مشهد بدا كأنه يُلخّص روح دورة خامسة تجمع بين شغف السينما وامتنانها لرموزها، وبين حضور دولي يُرسّخ جدة منصةً تلتقي فيها قصص نجوم «هوليوود» و«بوليوود» والعالم العربي.

وقف ديزل على المسرح لتقديم الجائزة التكريمية، قائلاً: «هذه الليلة مميّزة بالنسبة إليّ، لأنني أقدّم جائزة لشخص تعرفونه جميعاً بأنه من أفضل الممثلين الذين عاشوا على الإطلاق... مايكل كين يملك من الكاريزما ما يفوق ما لدى معظم نجوم هوليوود». أمّا كين، الذي بلغ التسعين من عمره، فصعد إلى المسرح بدعم 3 من أحفاده، وقال مازحاً: «أتيتُ لأتسلم جائزة، ولا يفاجئني ذلك... فقد فزت بأوسكارين».

مايكل كين متأثّراً خلال كلمته على المسرح (إدارة المهرجان)

كان ذلك المشهد الشرارة التي أعطت مساء الافتتاح طابعاً مختلفاً؛ إذ لم تكن الدورة الخامسة مجرّد احتفاء بفنّ السينما، وإنما إعلان عن نقلة نوعية في موقع السعودية داخل الخريطة العالمية، حيث تتقاطع الأضواء مع الطموح السينمائي، ويتحوَّل الافتتاح من استقطاب للنجوم وعروض الأفلام، إلى قراءة لصناعة تتشكَّل أمام العالم.

وانضم إلى مايكل كين في قائمة النجوم المكرّمين لهذا العام: سيغورني ويفر، وجولييت بينوش، ورشيد بوشارب، وستانلي تونغ، فيما استمرَّت أسماء عالمية في التوافد إلى جدة في اليومين الماضيين، من بينهم جيسيكا ألبا، وأدريان برودي، ودارين أرونوفسكي، والمخرجة كوثر بن هنية.

وينسجم ذلك مع كلمة وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، خلال الحفل، بأنّ المهرجان أصبح منصةً تعكس التحوّل الكبير الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة، ويُظهر دور الشباب في تشكيل مشهد سينمائي ينسجم مع طموحات «رؤية 2030»، مشيراً إلى أنّ الثقافة تُعد إحدى أقوى أدوات التأثير عالمياً.

حشد سينمائي عالمي كبير في الحفل (إدارة المهرجان)

السعودية... بدايات هوليوود

ومثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية؛ من داكوتا جونسون، وآنا دي أرماس، ورئيس لجنة التحكيم شون بيكر وأعضاء اللجنة رض أحمد، وناعومي هاريس، ونادين لبكي، وأولغا كوريلنكو، إضافة إلى كوين لطيفة، ونينا دوبريف؛ اللتين شاركتا في جلسات حوارية مُعمَّقة قبل الافتتاح.

وخلال الحفل، أكد رئيس لجنة التحكيم شون بيكر، أنه متحمّس جداً للحضور في السعودية، التي شبَّهها بـ«هوليوود في أيامها الأولى»، مضيفاً: «بينما نُقاتل للحفاظ على دور العرض في الولايات المتحدة، افتُتِحت هنا مئات الصالات خلال 5 سنوات، لتصبح السعودية أسرع أسواق شباك التذاكر نمواً في العالم. ما يحدث هنا مُلهم ودافئ للقلب».

رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد (إدارة المهرجان)

من جهتها، تحدَّثت رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي»، جمانا الراشد، عن أثر المؤسّسة خلال السنوات الخمس الماضية، قائلة: «لقد بنينا بهدوء ما كان كثيرون يرونه مستحيلاً: منظومة تمنح صنّاع الأفلام من آسيا وأفريقيا والعالم العربي القدرة على القيادة». وأشارت إلى أنّ 7 أفلام دعمها «صندوق البحر الأحمر» اختارتها بلدانها لتمثيلها في «الأوسكار»، وهو دليل على أثر الصندوق الذي دعم أكثر من 130 مشروعاً خلال 5 سنوات فقط. وأوضحت أنّ الدورة الخامسة تضم هذا العام 111 فيلماً من أكثر من 70 دولة، وتسلّط الضوء على 38 مُخرجة، مؤكدة أنّ حضور المرأة في هذه الدورة يُسهم في إعادة تعريف حدود السرد السينمائي، ويشكّل جزءاً أساسياً من روح المهرجان.

«العملاق»... فيلم الافتتاح

وفي نهاية الحفل، بدأ عرض فيلم الافتتاح «العملاق» للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، وهو عمل يستعيد سيرة الملاكم البريطاني - اليمني الأصل نسيم حمد «برنس ناز»، والفيلم من إنتاج سيلفستر ستالون، ويقدّم فيه الممثل المصري - البريطاني أمير المصري أهم أدواره حتى الآن، بينما يلعب بيرس بروسنان دور المدرّب الذي شكّل مسيرة ناز.

ورغم أنّ السِّير الرياضية مألوفة في السينما العالمية، فإنّ اختيار هذا الفيلم تحديداً يحمل دلالة ضمنية؛ فهو عن شاب صنع مساراً لم يكن موجوداً، وعَبَر حدود التصوّرات الطبقية والثقافية ليصنع له مكاناً يُشبهه. بما يُشبه إلى حد كبير قصة الصناعة السينمائية المحلّية التي تُحاول إعادة تعريف صورتها أمام العالم، وتبني حضورها من نقطة البدايات، بمزيج من الحلم والهوية والإصرار، لتصل اليوم إلى مرحلة النضج في دورة تحتفي بشعار «في حبّ السينما»، وتحمل معها 10 أيام من عروض وتجارب تُعيد إلى الفنّ السابع قدرته الأولى على الدهشة.


ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».