مئات الملايين يخضعون للعزل لمنع انتشار «كورونا»

الأميركيون يلتزمون بيوتهم بسبب إجراءات الحجر الصحي (أ.ب)
الأميركيون يلتزمون بيوتهم بسبب إجراءات الحجر الصحي (أ.ب)
TT

مئات الملايين يخضعون للعزل لمنع انتشار «كورونا»

الأميركيون يلتزمون بيوتهم بسبب إجراءات الحجر الصحي (أ.ب)
الأميركيون يلتزمون بيوتهم بسبب إجراءات الحجر الصحي (أ.ب)

يخضع مئات الملايين من الأشخاص في العالم لعزلة في بيوتهم في عطلة نهاية الأسبوع على أمل الحد من انتشار فيروس «كورونا» المستجد الذي أسفر عن وفاة أكثر من أحد عشر ألف شخص وهز الاقتصاد العالمي.
وتستعد إيطاليا البلد الأكثر تضرراً في أوروبا بالفيروس الذي أودى بحياة أربعة آلاف شخص فيها وكانت أول دولة في القارة العجوز تأمر بوضع السكان في الحجر، لتعزيز إجراءاتها في مواجهة انتشار المرض.
وستغلق كل الحدائق والمحميات أمام الجمهور في عطلة نهاية الأسبوع على أن تفرض قيوداً أخرى لدفع الإيطاليين إلى البقاء في بيوتهم، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلنت السلطات الإيطالية وفاة 627 شخصاً بالفيروس خلال 24 ساعة في البلاد، فيما يشكل ذروة منذ بداية الأزمة.

وفي الولايات المتحدة، قال حاكم ولاية نيويورك الأميركية أندرو كومو: «نحن في الحجر الصحي»، مؤكداً أنه «الإجراء الأكثر تشدداً الذي يمكن أن نتخذه».
ومع فرض الحجر في نيويورك وكاليفورنيا وولايتي نيوجيرسي وإيلينوي، بات على أكثر من 85 مليون شخص ملازمة بيوتهم باستثناء القيام بالتسوق ونزهة قصيرة.
وهذه ضربة قاسية أيضاً لأول اقتصاد في العالم، إذ إن كاليفورنيا ونيويورك وحدهما تمثلان حوالي ربع إجمالي الناتج الداخلي للولايات المتحدة. وتعد نيويورك قلب قطاع المال العالمي بينما تشكل كاليفورنيا مركزا للتكنولوجيا والإنترنت.
واستبعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي قلل لفترة طويلة من خطورة انعكاسات الوباء، الجمعة، توقف البلاد بأكملها. وقال: «لا أعتقد أننا سنرى أن ذلك ضروري يوماً ما».
وأضاف: «هذا طبق في كاليفورنيا وهذا طبق في نيويورك وهما نقطتان ساخنتان (...) لكن إذا ذهبتم إلى منطقة وسط غرب البلاد أو غيرها، فهم يتابعون كل ذلك على شاشات التلفزيون وليست لديهم المشكلات نفسها».
وبدأ الاقتصاد الأميركي يشعر بآثار انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم. ولن يعوض توظيف كثيرين في المجموعات العملاقة للتوزيع وعلى رأسها «وولمارت» و«أمازون» في مواجهة غزو المستهلكين للمراكز التجارية، عن الوظائف التي ألغيت.
في أوروبا، أعلن الاتحاد الأوروبي الجمعة تعليق قواعد انضباط الميزانية، في إجراء غير مسبوق سيسمح للدول الأعضاء بإنفاق الأموال اللازمة للحد من التباطؤ الاقتصادي.

وحذرت منظمة العمل الدولية من أن غياب رد منسق على المستوى الدولي يهدد عدداً قد يصل إلى 25 مليون وظيفة.
في مواجهة هذا الوضع، يسود حذر كبير أسواق المال. فبعد أسوأ أسبوع شهدته منذ أزمة 2008، أغلقت البورصات (الجمعة) بنتائج متفاوتة، إذ تراجعت سوق المال في وول ستريت بينما سجلت البورصات الأوروبية ارتفاعاً.
ويخشى بعض الخبراء من أن تكون الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء أسوأ من أزمة الرهن العقاري التي حدثت في 2008، لا سيما إذا طال أمد عزل السكان.
وانضمت دول أخرى في نهاية الأسبوع إلى لائحة البلدان التي تفرض عزلا. فقد أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد فرض حجر صحي عام في البلاد يبدأ (الأحد) كما اتخذت كولومبيا الإجراء نفسه اعتباراً من (الثلاثاء) المقبل.
وعززت بريطانيا بشكل كبير (الجمعة) ردها على الوباء، وأمرت بإغلاق الحانات والمطاعم ودور السينما والصالات الرياضية.
عززت سويسرا من جهتها إجراءاتها ومنعت كل تجمع لأكثر من خمسة أشخاص، لكنها استبعدت فرض عزل معتبرة أنها «سياسة استعراضية».
وهذا الإجراء المشدد غير المسبوق في تاريخ البشرية يجري تنفيذه بدرجات متفاوتة حسب الدول. فقد بدأ الإيطاليون الذين يلازمون بيوتهم منذ حوالي عشرة أيام التململ. ووُجه تأنيب إلى أكثر من 53 ألفاً منهم بسبب خروجهم غير المبرر إلى الشوارع.

في غامبيا تبحث السلطات بجد عن 14 شخصاً فروا من فندق وضعوا فيه في الحجر.
في المقابل، في لوس أنجليس، خلا شارع المشاهير «ووك أوف فيم» الشهير المزدحم عادة بالسياح الذين يلتقطون الصور أمام النجوم التي تحمل أسماء المشاهير، من المارة باستثناء قلة من المشردين.
أما بوينوس آيرس العاصمة الأرجنتينية المعروفة بحيويتها بوجود حانات ومسارح ومكتبات، فقد تحولت إلى مدينة أشباح بعدما قررت الحكومة فرض العزل على السكان حتى نهاية مارس (آذار).
وتزدهر أيضا المبادرات للتخفيف من وطأة الحجر. فقد بثت إذاعات حوالي ثلاثين دولة أوروبية الأغنية الشهيرة «يو ويل نيفر ووك ألون» (لن تسير وحدك أبداً) التي تعد من أشهر أناشيد كرة القدم، موجهة بذلك رسالة تضامن في مواجهة أزمة «كورونا».
لكن يصعب تطبيق الإجراءات الوقائية في أماكن بالغة الحساسية مثل الأحياء العشوائية في آسيا أو السجون المكتظة والمتهالكة في جميع أنحاء العالم.
ولا يملك ثلاثة مليارات نسمة الحد الأدنى من وسائل مكافحة الفيروس مثل المياه الجارية والصابون حسب خبراء الأمم المتحدة الذين يخشون موت «ملايين».

في سان سلفادور (عاصمة السلفادور) يسود خوف من أن يفوق الوضع قدرات السلطات إلى درجة أنها «استبقت» الأمر حسب رئيس البلدية، وقامت بحفر 118 قبراً جاهزاً للاستخدام.
وقررت دول عدة إغلاق حدودها لمحاولة عزل الوباء. فقد منعت بلجيكا (الجمعة) الدخول «غير الضروري» إلى أراضيها. وقررت كوبا أيضا عدم استقبال سياح متخلية بذلك عن مصدر أساسي للعملة الأجنبية.
ومنذ ظهور الفيروس في الصين أواخر العام الماضي أصيب به أكثر من 270 ألف شخص حول العالم، كما توفي بسببه ما يزيد على 11 ألفاً حتى الآن.


مقالات ذات صلة

صحتك ممرضة تحمل اختباراً للدم (أرشيفية - رويترز)

اختبار دم يتنبأ بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية قبل حدوثها بـ30 عاماً

يقول الأطباء إن اختبار الدم البسيط «ثلاثي الأبعاد» يمكنه التنبؤ بدقة بخطر إصابة المريض بنوبة قلبية وسكتة دماغية قبل 30 عاماً من حدوثها

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ يمر أحد الركاب أمام لافتة تحذر من مرض «جدري القرود» في مطار سوكارنو هاتا الدولي بتانجيرانغ في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

«يونيسف» تطرح مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة»

طرحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة» للدول المتضررة من الأزمات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين. وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مجلس الأمن يوافق بالإجماع على تجديد مهمة «اليونيفيل» لعام آخر

آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

مجلس الأمن يوافق بالإجماع على تجديد مهمة «اليونيفيل» لعام آخر

آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
آلية تابعة لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

وافق مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بالإجماع، اليوم (الأربعاء)، على تجديد مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لعام آخر، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وتسيّر «اليونيفيل» دوريات على الحدود الجنوبية للبنان المشتركة مع إسرائيل.

وكانت قد أُنشئت «اليونيفيل» في 1978، ويجري تجديد مهمتها سنوياً، وكان من المقرر أن تنتهي مهمتها الحالية السبت المقبل.

ويأتي التصويت بعد أيام فقط من اشتباك «حزب الله» اللبناني والجيش الإسرائيلي في واحدة من أعنف عمليات تبادل إطلاق النار بينهما على مدى الأشهر العشرة الماضية، وذلك وسط مخاوف من اتساع نطاق حرب إسرائيل في قطاع غزة إلى صراع إقليمي.