تدخُّل روسي يضبط التوتر في ريف درعا بـ«ذكرى الثورة»

TT

تدخُّل روسي يضبط التوتر في ريف درعا بـ«ذكرى الثورة»

شهدت مناطق في ريف درعا الغربي قصفاً للمناطق المدنية واشتباكات هي الأعنف أيضاً في بلدة جلين ومساكن جلين في منطقة حوض اليرموك بعد هدوء المنطقة منذ بدء اتفاق التسوية جنوب سوريا في يوليو (تموز) 2018، وأسفر تدخل الجانب الروسي عن ضبط التوتر الذي صادف الذكرى السنوية للثورة السورية التي انطلقت في درعا في 2011.
وقالت مصادر في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إن قوات النظام المتمركزة على حاجز مساكن جلين حاولت يوم الأربعاء الماضي 18 مارس (آذار) 2020، التوسع بعد عودة الحاجز وعناصره باتفاق مع عناصر سابقة في المعارضة والنظام الذي قضى بعودة الحاجز وإطلاق سراح العناصر الأسرى بعد سيطرة عناصر المعارضة سابقاً على الحاجز وأسْر من فيه خلال حملة النظام على مدينة الصنمين قبل فترة و«في أثناء عملية توسيع الحاجز باتجاه (منشرة الخطيب)، توجه وفد من اللجنة المركزية للتفاوض في المنطقة الغربية إلى قوات النظام التي حاولت التوسع، ولم يتم التوصل إلى اتفاق يمنعهم من التوسع وزرع نقاط عسكرية جديدة، وحصلت مشادات بين الأطراف تخللها إطلاق الرصاص، ولدى انسحاب وفد التفاوض أطلقت قوات النظام النار على الوفد بشكل مباشر ما أدى إلى مقتل اثنين من أعضاء اللجنة هما القيادي وليد البرازي الملقب بـ(أبو رأفت) من بلدة العجمي، والقيادي حسان الصبيحي الملقب بـ(أبو العز) من بلدة عتمان، وإصابة القيادي باسم جلماوي الملقب بـ(أبو كنان) من بلدة القصير، وهم أعضاء في اللجنة المركزية المسؤولة عن سير اتفاق التسوية في المنطقة الغربية، التي تنسق مع الجانب الروسي بشكل مباشر، ما أدى إلى تطور الموقف وتصاعد التوتر في المنطقة وشن عناصر سابقة في المعارضة هجوماً على حاجز مساكن جلين والسيطرة عليه مع عدة نقاط عسكرية للنظام في منطقة حوض اليرموك، وقتل عدد من عناصر النظام، وردت بعدها قوات النظام بقصف بلدة جلين ومساكن جلين وبلدة تسيل بوابل من قذائف المدفعية والهاون، أسفرت عن وقوع ضحايا مدنيين عددهم 7 بينهم طفلان في بلدة جلين، وأضرار جسيمة في منازل المدنيين، واستمر التوتر في المنطقة، ونزوح عدد من العائلات في ببدة جلين ومساكن جلين إلى المناطق المجاورة، واستنفار لعناصر المعارضة سابقاً، وتدخل الجانب الروسي وقوات من الفيلق الخامس من أبناء المنطقة الجنوبية بقيادة أحمد العودة ودخلوا منطقة حوض اليرموك لفض الاشتباكات والوصول إلى صيغة اتفاق تُنهي التوتر في المنطقة».
وأضاف المصدر أن مناطق الريف الغربي في درعا شهدت في الآونة الأخيرة حالة توتر واحتقان، بعد اقتحام مدينة الصنمين، حيث شنت هجومات على حواجز وقطع عسكرية للنظام في ريف درعا الغربي ومنطقة حوض اليرموك، تمكن خلالها المنفذون من أسر عدد من عناصر النظام وأخذ سلاحهم، رداً على اقتحام مدينة الصنمين، في حين أن قوات النظام بدأت في اليوم التالي للهجمات التي تعرضت لها مواقعه في ريف درعا الغربي، بتعزيز قطعه العسكرية والحواجز المنتشرة هناك. وقال: «بعد أنباء تحدثت عن نية اقتحام لمناطق ريف درعا الغربي مثل طفس ومناطق جلين على غرار ما حصل في مدينة الصنمين، اجتمعت اللجنة المركزية للتفاوض في درعا مع الجانب الروسي في مدينة طفس الأسبوع الماضي، وأخذوا تطمينات بعدم عودة الأعمال العسكرية إلى المنطقة».
يذكر أن بلدة جلين ومساكن جلين وتسيل وغيرها من مناطق حوض اليرموك كانت تحت سيطرة تنظيم «داعش» قبل سيطرة النظام السوري عليها في يوليو 2018، وأن عدداً من فصائل المعارضة حينها شاركت مع قوات النظام في اقتحام مناطق سيطرة التنظيم في منطقة حوض اليرموك غربي درعا، وخضعت مناطق حوض اليرموك لاتفاق التسوية مع بقية مناطق الريف الغربي مع الجانب الروسي، الذي نص على سحب السلاح الثقيل من المقاتلين والحفاظ على السلاح الفردي، ويقتصر وجود قوات النظام فيها على وجود رمزي، وكثيراً ما تعرضت مواقع النظام فيها لهجمات مختلفة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».