رفض الكرملين وصف ما يجري في أسواق النفط حالياً بأنه «حرب أسعار» بين السعودية وروسيا، ووصف العلاقات بين البلدين بأنها «شراكة وثيقة»، داعياً إلى عدم تدخل أطراف أخرى بينهما. كما رفض تصريحات رجال أعمال كبار من القطاع النفطي، حذروا فيها من أن سعر النفط المتدني «كارثي لروسيا»، وأكد وفرة احتياطيات لدعم استقرار الاقتصاد.
وفي غضون ذلك، قرر البنك المركزي الروسي الحفاظ على سعر الفائدة دون تعديل، في ظل الظروف الحالية. وساهم ذلك بتحسين موقف الروبل، وارتفاعه بنسبة محدودة يوم أمس أمام العملات الصعبة، قبل أن يعود للتراجع مجدداً.
ودفع انهيار السوق الروسية المستمر منذ مطلع الأسبوع الثاني من مارس (آذار) الحالي وكالة «فيتش» إلى تخفيض توقعاتها لنمو الاقتصاد الروسي.
وفي سياق رده على الملياردير ليونيد فيدون، نائب رئيس شركة «لوك أويل» النفطية الروسية، الذي قال إن روسيا والسعودية تخوضان حرب استنزاف في مجال النفط، أكد دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، في تصريحات له أمس، أنه «لا توجد أي حرب أسعار بين روسيا والمملكة العربية السعودية»، وأضاف: «بناء على تصريحات كبار المسؤولين في السعودية، فإن المملكة لا تشن حرب أسعار أيضاً».
وأحال بيسكوف ما يجري في أسواق النفط إلى «الوضع الاقتصادي في العالم»، و«بيئة تسعير غير مواتية بالنسبة لكثير من البلدان». كما علق على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حول عزمه الانضمام في الوقت المناسب لبحث الوضع حول الخلافات بين روسيا والسعودية، ورأى بيسكوف في هذه التصريحات محاولة تدخل في العلاقات بين البلدين التي قال إنها «علاقات شراكة جيدة»، وأضاف: «نحن لا نعتقد أن أحداً يجب أن يتدخل في هذه العلاقات».
وقال إن الحديث عن نية الولايات المتحدة فرض عقوبات ضد روسيا للتأثير على موقفها في «حرب أسعار النفط» جاء نظراً للأضرار التي ألحقها هبوط أسعار النفط بالشركات الأميركية، لا سيما شركات إنتاج النفط الصخري.
وفي تعليقه على تقديرات نائب رئيس «لوك أويل» بأن هبوط أسعار النفط أقل من 25 دولاراً للبرميل سيكون له تأثير كارثي على الاقتصاد الروسي، قال بيسكوف: «لا شك أن ظروف السعر الحالية غير مريحة، نحن نتفق مع هذا. لكن الحديث عن أنه كارثي لروسيا، على الأرجح لا يمكن أن نتفق مع هذا التقدير على المدى المتوسط، لأن الرئيس والحكومة أكدا أكثر من مرة أنه يوجد لدينا احتياطيات كافية لتنفيذ جميع الالتزامات وخطط التنمية، وما إلى ذلك». وعاد وأشار إلى أن الميزانية تم وضعها انطلاقاً من سعر 42 دولاراً للبرميل «لذلك فإن سعر 25 دولاراً للبرميل غير مريح لنا»، وعبر عن قناعته بعدم إمكانية وضع توقعات دقيقة لتطورات الوضع في أسواق النفط على المدى البعيد، مؤكداً أنه «لا يجري أي شيء مخيف بالنسبة لنا على المديين القريب والمتوسط».
ولدى سؤاله حول ما إذا كان الرئيس بوتين قد أصدر تعليمات لوزير الطاقة ألكسندر نوفاك ببدء محادثات جديدة مع «أوبك» حول تخفيض الإنتاج، قال المتحدث الرسمي باسم الكرملين: «لا نكشف أبداً عن توجيهات بوتين للوزير نوفاك، ولن نفعل هذا الآن».
إلى ذلك، أعلن البنك المركزي، في أعقاب اجتماع مجلس إدارته يوم أمس، عن قراره بالحفاظ على سعر الفائدة عند معدل 6 في المائة، وقال في بيان رسمي إن «الوضع في فبراير (شباط) ومارس (آذار) تطور مع انحراف كبير عن التوقعات الأساسية»، وأحال هذا الانحراف إلى «تغير الظروف الخارجية: انتشار فيروس كورونا، والهبوط الحاد على أسعار النفط».
وأضاف البيان أن «القرار بشأن سعر الفائدة في الفترة المقبلة سيتم اتخاذه مع مراعاة الديناميات الفعلية والمتوقعة للتضخم نسبة إلى المعدل المستهدف، والتنمية الاقتصادية في الأفق المتوقع، وكذلك تقييم المخاطر من الظروف الداخلية والخارجية، ورد فعل السوق عليها».
وترك قرار المركزي أثراً إيجابياً محدوداً على تقلبات العملة الروسية التي باتت تتبع بشكل كبير تقلبات النفط في الأسواق العالمية. ومع توارد أنباء حول ارتفاع سعر البرميل، ارتفع الروبل الروسي صباح أمس أمام العملات الصعبة في الساعات الأولى، قبل أن يعود للهبوط في بداية النصف الثاني من النهار، حيث بلغ سعر العملة الروسية 78.56 روبل للدولار، و84.45 روبل لليورو، وفق نشرة بورصة موسكو الساعة 13:32 ظهراً.
وبعد إعلان المركزي عن قراره، ارتفع السعر حتى 78.03 روبل أمام الدولار، و83.98 روبل أمام اليورو. إلا أن هذا الوضع لم يستمر طويلاً، فعند الساعة الرابعة بعد الظهر، وفق نشرة بورصة موسكو، هبط مجدداً حتى 79.57 روبل للدولار، و85.25 روبل لليورو الواحد.
حالة عدم الاستقرار في السوق الروسية، نتيجة تأثرها بهبوط أسعار النفط وتداعيات كورونا، دفع وكالة «فيتش» الدولية للتصنيفات الائتمانية إلى تخفيض توقعاتها للاقتصاد الروسي. وقالت في تقرير أخيراً: «قمنا بتخفيض التوقعات لنمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا حتى 1 في المائة، عوضاً عن التوقعات السابقة بنمو حتى 2 في المائة». وفي توضيحها الأسباب التي دفعتها لتخفيض التوقعات، قالت الوكالة: «من المرجح أن تؤثر المخاطر العالمية المتزايدة، بما في ذلك ضعف النمو في الصين، وانكماش الاقتصادي العالمي، وانهيار أسعار النفط، والروبل الضعيف، على الصادرات الروسية، وعلى السوق المحلية».
وتتوقع الوكالة أن يظهر تباطؤ نمو الاقتصاد الروسي في النصف الأول من العام الحالي «نظراً لأن الروبل الضعيف، والطلب الخارجي الضعيف على الصادرات الروسية، سيؤديان إلى تراجع الاستثمارات». و«في النصف الثاني من العام، يُتوقع أن يعود الاقتصاد للنمو، نظراً لأن الحكومة ستزيد من الأنفاق»، وفق ما يراه خبراء «فيتش».
الكرملين: لا حرب نفطية مع السعودية وعلاقاتنا «شراكة وثيقة»
«فيتش» تخفض توقعاتها للنمو... و«المركزي» يحافظ على سعر الفائدة
الكرملين: لا حرب نفطية مع السعودية وعلاقاتنا «شراكة وثيقة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة