مروحية أميركية هبطت 5 دقائق في السفارة وأخرجت الفاخوري من بيروت

ترمب أعلن الإفراج عنه وشكر الحكومة اللبنانية على تعاونها

طائرة البحرية الأميركية التي أقلت عامر الفاخوري من لبنان... وفي الإطار صورة من الأرشيف للفاخوري (أ.ب)
طائرة البحرية الأميركية التي أقلت عامر الفاخوري من لبنان... وفي الإطار صورة من الأرشيف للفاخوري (أ.ب)
TT

مروحية أميركية هبطت 5 دقائق في السفارة وأخرجت الفاخوري من بيروت

طائرة البحرية الأميركية التي أقلت عامر الفاخوري من لبنان... وفي الإطار صورة من الأرشيف للفاخوري (أ.ب)
طائرة البحرية الأميركية التي أقلت عامر الفاخوري من لبنان... وفي الإطار صورة من الأرشيف للفاخوري (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، الإفراج عن آمر معتقل الخيام السابق المتعامل مع إسرائيل عامر الفاخوري، الذي يحمل الجنسية الأميركية، بعد توقيفه في لبنان، وقال إن الفاخوري في طريقه للعودة إلى الولايات المتحدة، وشكر الحكومة اللبنانية على تعاونها للإفراج عنه. وجاءت تصريحات ترمب بعد ساعات على هبوط مروحية أميركية ضخمة في مبنى السفارة الأميركية في بيروت، أمس، لمدة خمس دقائق، أثارت أسئلة عما إذا كانت قد نقلت الفاخوري من لبنان إلى الخارج.
كما صدر عن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بيان قال فيه إن «المواطن الأميركي عامر الفاخوري الذي كان محتجزاً في لبنان يعود إلى الولايات المتحدة، حيث يلتقي مع عائلته ويحصل على العلاج الطبي الذي يحتاج إليه. إن عودته هي مصدر ارتياح للذين تابعوا قضيته بكثير من الاهتمام. ونحن سعداء لأننا تمكنا من الترحيب به في بلده».
وكان القضاء العسكري اللبناني قد أصدر يوم الاثنين الماضي قراراً بـ«وقف التعقّب» بحق الفاخوري، بالنظر إلى «مرور الزمن العشري» على ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه، تلاه قرار آخر يوم الثلاثاء قضى بتمييز القرار الأول، وبمنع سفر الفاخوري. وأثار القرار الأول تصعيداً سياسياً من قبل «حزب الله» وأطراف أخرى أدانت قرار وقف التعقب بحقه، فيما لمحت مصادر سياسية أخرى إلى «صفقة» بين لبنان والولايات المتحدة تقضي بتجميد قرار يكاد يصدر بإدراج شخصيات لبنانية قريبة من «حزب الله» ومن خارج الطائفة الشيعية على لوائح العقوبات الأميركية.
وكانت مروحية أميركية ضخمة قد هبطت في مبنى السفارة الأميركية في العاشرة و35 دقيقة من صباح أمس، قبل أن تقلع بعد خمس دقائق، وتعود فوق البحر سالكة المسار نحو الغرب، بحسب ما قالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع، مرجحة أن تكون المروحية حضرت في «مهمة خاصة»، بالنظر إلى ضيق الوقت الذي استغرقه هبوطها وإقلاعها.
وأكدت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أن الفاخوري الذي يعاني من وضع صحي دقيق جداً، وبعد قرار وقف التعقب الذي صدر عن القضاء العسكري يوم الاثنين الماضي، جرى نقله من المستشفى إلى وجهة لم يتم تأكيدها، مع أن الترجيحات، بحسب المصدر، تفيد بأنه جرى نقله إلى السفارة، مستفيداً من قرار وقف التعقّب بحقه.
وقالت المصادر إنه إذا كان في السفارة حين صدر قرار منعه من السفر الثلاثاء، فإنه لا يمكن وقف مغادرته لأن السفارات الأجنبية تعتبر أرضاً ذات سيادة للدولة الأجنبية، ما يعني من الناحية القانونية إنه لم يكن داخل الأراضي اللبنانية.
وأشارت المصادر إلى أن اتفاقية بين لبنان والولايات المتحدة كانت أبرمت في الثمانينات من القرن الماضي، تتيح للقوات الجوية الأميركية استخدام الأجواء اللبنانية، لافتة إلى أن «هناك حركة طيران دائمة على السفارة، وهي ليست المرة الأولى التي تهبط فيها طائرة أميركية في السفارة»، موضحة أن الطائرة دخلت «بموجب هذا الإذن».
وبموجب البروتوكول المعمول به مع سائر الطائرات التي تدخل الأجواء اللبنانية، على الطائرات إبلاغ غرفة العمليات الجوية التابعة للجيش اللبناني بمسارها وتحديد هذا المسلك الجوي، وهو ما يُعدّ إذناً يجب أن تحصل عليه الطائرات لسلوك هذا المسار. وتفيد معلومات خاصة بـ«الشرق الأوسط» بأنه ما دام هناك بروتوكول معمول به، فإن السلطات اللبنانية لا تسأل عن طبيعة المهمة ولا تدقق فيها، وبالتالي فإن السلطات اللبنانية لم تعرف طبيعة مهمة الطائرة.
وفيما تحدثت وسائل إعلام عن أن حجم الطائرة يشير إلى أنها تستخدم للنقل ومن ضمنها نقل المرضى والجرحى، قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الطائرة أقلعت من قطعة بحرية أميركية في المتوسط وحطت في مهبط المروحيات في السفارة الأميركية في بيروت، ثم أقلعت، وهو ما يعني أنها كانت «في مهمة خاصة».
والاتفاقية بين السلطات اللبنانية والأميركية لإتاحة المجال الجوي اللبناني أمام الطائرات الأميركية، لا تلغي ضرورة الحصول على إذن وتقديم علم لغرفة العمليات الجوية في الجيش، قبل دخولها المجال الجوي اللبناني. ويقول رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات» العميد الركن المتقاعد هشام جابر إنه «في الثمانينات عندما دخلت القوات المتعددة الجنسيات بينها قوات المارينز إلى بيرزت، عقدت الاتفاقية لأن مطار بيروت كان معطلاً بسبب الاجتياح الإسرائيلي».
ويشير جابر الذي كان رئيساً لمكتب الارتباط والتنسيق بين الجيش اللبناني والقوات الأميركية في ذلك الوقت، إلى أن المروحيات الأميركية «كانت تنتقل من البحر إلى البر بموجب الاتفاقية، لأنه لم تكن هناك أي طريق أخرى»، وإذ يعرب عن اعتقاده أن الاتفاقية لم تُلغ، يشير إلى أن الأميركيين قليلاً ما يستخدمون مطار بيروت، بل ينتقلون عبر المروحيات إلى مبنى السفارة، لأن هذه الطريقة أكثر أماناً لجنودها ولدبلوماسييها». ويقول: «إذا كانت الاتفاقية ألغيت، فإنه حتماً ستحتاج أي مروحية إلى إذن من السلطات اللبنانية لدخول الأجواء اللبنانية، وإما إذا كانت الاتفاقية لا تزال سارية، فإن دخول الطائرات الأجواء اللبنانية سيحتاج إلى إعلام السلطات اللبنانية لتحييد المسار الآمن للطائرات قبل أن تدخل المياه الإقليمية اللبنانية، إذ تكون غرفة العلميات الجوية في الجيش على علم بأي جسم طائر يدخل إلى الأجواء اللبنانية».



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».