موسكو تتهم واشنطن بمحاولة «دق إسفين» بين روسيا وتركيا

TT

موسكو تتهم واشنطن بمحاولة «دق إسفين» بين روسيا وتركيا

نفت موسكو صحة اتهامات أميركية للروس بقتل عشرات من العسكريين الأتراك، خلال المواجهات التي شهدتها مدينة إدلب خلال الشهرين الماضيين. وقال مصدر في وزارة الخارجية الروسية لوكالة أنباء «سبوتنيك» الحكومية، إنه «حتى في ظل الوباء المعدي العالمي، يواصل المسؤولون الأميركيون نشر الدعاية المناهضة لروسيا على نطاق واسع، من خلال تكرار المعلومات الكاذبة بشكل صارخ»، ووصف البيان الذي أدلى به وزير الخارجية مايك بومبيو حول الموضوع، بأنه «تصريح جديد شائن».
ولفت الدبلوماسي إلى أن «الولايات المتحدة تعلن أن روسيا قتلت عشرات الجنود الأتراك، وأن واشنطن تعتزم دعم حليفتها في حلف (الناتو)»، ورأى أن الإعلان الأميركي «يهدف لدق إسفين في التعاون الروسي التركي، بشأن تسوية الوضع في سوريا»؛ مشيراً إلى أنه «من أجل ذلك ينزلق رجال الدولة الأميركيون إلى نشر الأكاذيب الصارخة». وزاد: «ربما ليس من قبيل الصدفة أن الولايات المتحدة هي التي أشعلت النزاع في هذا البلد (سوريا) وتدعم بنشاط أي مجموعة تحارب حكومتها الشرعية».
لافتاً إلى أن «الأميركيين قاوموا لفترة طويلة إعلان تنظيم (داعش) منظمة إرهابية، آملين في استخدام الجهاديين لتحقيق مآربهم الخاصة، وما زالوا يحاولون منع إقامة تسوية على الأرضي السورية».
وكان بومبيو قد قال إنه يعتقد أن روسيا قتلت عشرات العسكريين الأتراك في سوريا، مضيفاً: «إن الولايات المتحدة ستدرس تقديم مساعدة إضافية لتركيا».
وأعلنت أنقرة الشهر الماضي أن ضربة جوية نفذتها القوات السورية أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 34 جندياً. وقالت موسكو في حينها إن طائراتها لم تنفذ أي غارات في المنطقة التي قتل فيها الجنود الأتراك.
وكتب المعلق السياسي لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية، أن «بومبيو يسعى لتحريض الرئيس التركي على خوض مواجهة مع روسيا، وهو يمزج بين عسل التراحم ودموع التماسيح في آذان إردوغان».
وأعادت الوكالة التذكير بأن مدير الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري الفني، ديمتري شوغيف، قال قبل أيام إن الاستعدادات مستمرة لشراء أنقرة مجموعة ثانية من صواريخ «إس400» الروسية، وإن العرض الإضافي يشمل بعض المشاركة من تركيا في إنتاج هذا النظام الصاروخي المضاد للطائرات، مرجحة أن يكون التحرك الأميركي جاء كرد فعل على هذا الإعلان.
ولفتت الوكالة الحكومية إلى أنه «تستمر العلاقات الروسية التركية في التطور، وحتى أكثر التناقضات والاحتكاكات حدة حول قضايا معينة لا تؤثر على الشراكة المنتجة للطرفين». وخلصت إلى أن «الحرب ليست ضرورية؛ لكن الصدام مفيد» موضحة أن «هذا ما تريده الولايات المتحدة في سوريا، وتسعى إليه على صعيد العلاقة بين موسكو وأنقرة».
ولفتت إلى أن واشنطن «لا تريد أن تتعايش مع واقع عندما أصبح العالم يستمع أكثر بجدية لخطاب السياسة الخارجية الروسية، بعدما رأى الجميع أن كلمات موسكو جديرة بالاهتمام دائماً، وأن روسيا تمكنت من تحقيق هدفها حتى في ظل أسوأ الظروف» مذكرة بأنه حتى سنوات قليلة ماضية «كان رد الفعل المعتاد غالباً ما يكون الإهمال الذي ينطلق من قناعة بأنه يمكن للروس قول أي شيء، فهم لا يزالون غير قادرين على فعل أي شيء آخر».
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الطرفين الروسي والتركي لم يسجلا في لجنة رصد انتهاكات وقف الأعمال العدائية في سوريا، أي خروقات خلال الساعات الـ24 الماضية. ووفقاً لبيان نشرته الوزارة على موقعها الإلكتروني أمس، فإن «الجزء الروسي من المكتب التمثيلي للجنة الروسية التركية المشتركة للنظر في القضايا المتعلقة بانتهاكات وقف الأعمال العدائية، لم تسجل وقائع إطلاق نار». وزاد أن الجزء التركي من المكتب التمثيلي أبلغ موسكو أنه لم يرصد حالات انتهاك أيضاً.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.