• الفيلم: Arab Blues
• إخراج: منال لبيدي
• تقييم الناقد: ★★
تصل الطبيبة النفسية سلمى (غوشفته فرحاني) من باريس إلى وطنها الأول تونس لكي تفتتح عيادة نفسية؛ لأنها تعتقد أن «البلاد تحتاج إليها». «أراب بلوز» هو كوميديا سوداء حول كل الدوافع التي يمكن لسلمى أن تستحوذ عليها لكي تدرك أن الحياة في تونس يمكن أن تستمر من دونها. رغم ذلك هي عنيدة في رغبتها مساعدة الغير، وتحويل الشقة التي وجدتها فوق السطوح إلى مكتب عمل.
في الأربعين دقيقة الأولى هناك سذاجة غير مقصودة للتعاطي مع اللقاء المنتظر ما بين سلمى ومرضاها. توفر المخرجة منال لبيدي نماذج متسارعة كلها تشي بدرجات متعددة من سخف المرضى حيال العمل الجاد الذي تحاول سلمى ممارسته. هذا ليس لديه ما يقوله. آخر يعتقد أنه سيمارس الغرام معها. ثالث يحكي ما يخطر على باله مما لا علاقة له بأي أمر فعلي، وآخرون يكشفون عن جهلهم بمفهوم الطبابة النفسية باستثناء قلة. الفيلم مبني، بعد ذلك، على التعاطي مع تلك القلة.
ما يغيب عن الفيلم هو أن هذا التعاطي يضعهم في العلاقة مع المشاهد الذي يراهم سذجاً ومسلوبي الإرادة ضائعين كل بمشكلته المختلفة. في المقابل لا شيء لدى سلمى ما توفره من علاج أو ما تمنحه من رأي أو نقاش. أسئلتها قليلة وحواراتها أقل.
في الوقت ذاته، فإن تعابير وجه الممثلة غوشفته فرحاني قلما تتغير: هي إما صاغية بلا تعابير (هذا مقبول إلى حد) أو تعبر عن دهشتها حيال البيروقراطية والموانع القانونية (وسخافة بعض رجال البوليس كما يصوّرهم الفيلم) بتعابير قليلة. الممثلة فرحاني في محاولتها التمثيل دون خط الدراما لا تمنح هذا المشاهد التعاطف الذي يحتاج إليه الفيلم لتأكيد حالتها. ليس مُبرراً مجيئها إلى تونس لفتح عيادة فوق السطوح، ولا مُبرراً لماذا صبرت على الوضع لفترة طويلة، وليس هناك من مبرر لأن تبقى شخصيتها على هذا القدر من الجمود إلا إذا كانت بالفعل لا تعرف كيف تتعامل مع الواقع الجديد وهذا لم يتبلور تماماً في النص أو في التنفيذ.
يتحسن الوضع على نحو أفضل بدءاً من الدقيقة الخمسين أو نحوها حالما تبدأ الحكاية بالتبلور مع مشاهد مبنية على تطورات المشكلات التي تواجهها سلمى في حياتها العملية. لكن تبقى هناك مشاهد لا تنجز المأمول منها
قيل في الفيلم إنه كوميديا. إذا كان هذا صحيحاً فهو كوميديا بلا ضحكات. الأقرب للواقع هو أنه كوميديا سوداء تطرح بعض أوضاع تونس (قدر ما يُراد لتلك الأوضاع أن تبرز) مع نقد اجتماعي وديني. في أحد مشاهد الفيلم يتهمها المفتش الذي لا يريد لها أن تواصل عملها من دون رخصة بأنها متعالية، لكن في الواقع الفيلم في مسعاه لنقد الأوضاع الفيلم هو الذي يرمي الناس بنظرة متعالية.
(★ ) لا يستحق
(★★) وسط
(★★★) جيد
(★★★★) ممتاز
(★★★★★) تحفة