«يورو 2020» الملعونة وفرصة ذهبية لتصحيح أوضاع كرة القدم

التوجهات المثالية للمنافسات في خمسينات القرن الماضي تلاشت لتحل محلها بطولة منتفخة مثيرة للسخرية

«يورو 2020» باتت مطالبة بتغيير شعارها إلى «يورو2021» (إ.ب.أ)
«يورو 2020» باتت مطالبة بتغيير شعارها إلى «يورو2021» (إ.ب.أ)
TT

«يورو 2020» الملعونة وفرصة ذهبية لتصحيح أوضاع كرة القدم

«يورو 2020» باتت مطالبة بتغيير شعارها إلى «يورو2021» (إ.ب.أ)
«يورو 2020» باتت مطالبة بتغيير شعارها إلى «يورو2021» (إ.ب.أ)

تلاشت التوجهات المثالية التي سادت عقد خمسينات القرن الماضي، ووقفت خلف بطولة أمم أوروبا، لتحل محلها بطولة منتفخة على نحو مثير للسخرية؛ لكن روح الاحتفاء بالبطولة ووحدة الجماعة ربما تعاود الظهور في بطولة «يورو 2021».
لقد أطفئت الأنوار، ومن المنتظر أن تضيء من جديد عبر أرجاء أوروبا بعد 15 شهراً من اليوم، حال الالتزام بالجداول الزمنية الراهنة. أما ما سيحدث خلال تلك الشهور للمدن الـ12 التي من المقرر استضافتها لبطولة أمم أوروبا، فيبقى أمراً قيد تكهنات لا تبعث على الارتياح.
في الوقت الحالي، تبدو شوارع روما خالية، بينما أعلنت بوخارست عاصمة رومانيا حالة الطوارئ. أما مدريد فتشعر وكأن «نيزك سقط عليها». وفيما يخص لندن، فقد تحولت هي الأخرى لما يشبه مدينة أشباح.
بعد انعقاد مؤتمر عبر الفيديو مع الاتحادات الوطنية الــ55 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وممثلي الأطراف المعنية بالكرة في القارة لمناقشة تأثير أزمة انتشار فيروس «كورونا» على اللعبة والقرارات التي يفترض اتخاذها، جاء الإجماع بضرورة تأجيل «يورو 2020» للعام المقبل. لكن بالتأكيد هذا القرار لم يكن له وقع المفاجأة على أي شخص.
في الواقع، بلغت سرعة وتيرة دورة الأنباء حداً جعل مثل هذا الخبر الرياضي بالغ الأهمية، يمر على المرء وكأنه شيء بديهي لم يكن بحاجة لإعلان.
في مثل هذا الوقت من الأسبوع الماضي، كان ليفربول يستعد لمواجهة أتلتيكو مدريد على استاد «أنفيلد»، واستغرق الأمر منا أسبوعاً واحداً فقط للانتقال من تلك النقطة الحماسية واللعب أمام جماهير، إلى ما وصلنا إليه اليوم بتعليق جميع المسابقات. والسؤال الآن: أي تغييرات كبرى تحملها لنا الأسابيع الخمسة المقبلة؟ على الأقل أصبح لدى الكرة الأوروبية موعد بداية معدل، ويبدو معقولاً لانطلاق هذا الحدث الرياضي المفعم بالمشكلات.
اليوم، تحولت بطولة «يورو 2020» رسمياً إلى «يورو 2021»، ومن المقرر عقدها خلال الفترة بين 11 يونيو (حزيران) و11 يوليو (تموز)، في الوقت الذي لم تتضح بعد ملامح تفاصيل ولوجستيات هذه البطولة.
لقد أصبح روتينياً تعالي أصوات الانتقاد مع كل قرار يتخذه مسؤول تنفيذي بأي مكان من العالم. والحقيقة أنه ما من حل جيد لأي من تلك المشكلات التي نواجهها، في الوقت الذي تتضاءل فيه قيمة إرجاء هذا الحدث الكروي الأوروبي، المقدرة قيمته بملياري جنيه إسترليني، وتصبح بلا أهمية تذكر لدى التداعيات الأوسع للأزمة الراهنة.
ومثلما الحال مع أي صناعة أخرى، تواجه كرة القدم علامات استفهام وتكهنات لا حصر لها، وضرورة ملحة لاتخاذ حلول وسطى، وتقسيم ما تبقى من الثروات والمساحات.
على الأقل، هناك اليوم وقت لإعادة تجميع الصفوف وإنقاذ شيء من هذا السيرك العالمي الضخم، وصياغة بعض الخطط التي تبدو مقبولة. وقد أرجئت بطولة دوري أبطال أوروبا، مع ظهور بعض التكهنات عن إمكانية عقد النهائي في ذروة الصيف، وإن كان من المهم تذكر أن مثل هذه التصريحات غير موجهة إلى الرأي العام فقط.
الآن، تجري المناقشات الجوهرية مع أصحاب الحقوق الحصرية والرعاة وجهات التأمين، وقبل كل شيء مع المحامين، ويجري بذل جهود كبرى. وأتمنى أن يقروا هذا الموعد؛ لكن مع الوضع في الاعتبار أننا جميعاً اليوم أصبحنا تحت رحمة الأحداث المتكشفة من حولنا.
ويرى بعض المنهمكين في متابعة الأخبار الأسبوعية، أنه من الضروري إكمال البطولات المحلية؛ لكن ينبغي الانتباه هنا إلى أن التوقعات الحالية ترى أن ذروة انتشار العدوى داخل بريطانيا ستحدث مطلع يونيو. والسؤال: كيف ستشعر الكرة في عالم من العزلة والعدوى وإحصاءات الوفيات، واحتمالات انهيار منظومة الرعاية الصحية؟ ومهما كانت أوهامنا، تظل الحقيقة المؤكدة أننا جميعاً مجرد متفرجين في هذه الدراما الواسعة.
بينما وراء الصيف القادم، سيتعين على «يويفا» اتخاذ قرار بخصوص ما يتعين عليه فعله بخصوص بطولة «يورو» للسيدات التي سوف تتداخل مع هذا الموعد المعدل لبطولة الرجال بمقدار أربعة أيام.
وربما سيأتي هذا اليوم عاجلاً وليس آجلاً عندما نرى - مثلما الحال في التنس - بطولات الرجال والنساء تجري على نحو شبه متزامن، وإن كان ذلك يحمل جدلاً أكبر حول مستوى المتابعة الجماهيرية. وعلى نحو منفصل، من المقرر حشر مباريات التأهل لبطولة دوري الأمم الأوروبية مع مباريات التأهل لبطولة كأس العالم 2022.
الحقيقة أن هذه المسائل الخاصة بإعادة وضع الجداول الزمنية يمكن حلها؛ لكن السؤال الحقيقي الآن: بعد إنجاز المواسم على عجالة وتقليص الخسائر بأقصى درجة ممكنة، أين سيتركنا كل ذلك؟ إننا على وشك معاينة وجه جديد لكرة القدم في وقت الوباء وعصر مناهضة العولمة، وعالم تحوطه الأخطار على نحو متزايد. كيف سيسير الأمر؟ ما الخطة؟ الحقيقة أن بطولة «يورو 2020» تحديداً التي ستقام عبر 12 دولة، دائماً ما شعر المرء بأنها بطولة ملعونة. ورغم أنه لدى الإعلان عنها، وصفها الفرنسي ميشيل بلاتيني بأنها «فكرة غريبة؛ لكنها جيدة»، فإن الأيام أثبتت أن أياً من الوصفين لا ينطبق عليها.
كانت خطة «يويفا» نتاجاً لانهيار قطاع البنوك في أوروبا، وحرمت كرة القدم من مستضيف سخي وكريم. وجاءت الحركة النشطة عبر الحدود، وانخفاض تكلفة النقل الجوي استجابة لذلك.
جدير بالذكر أن بطولة أمم أوروبا جرى التفكير فيها بادئ الأمر كتعبير عن روح الأمل والترابط الدولي. والمعروف أن هنري ديلوناي، أول أمين عام لـ«يويفا»، كان مؤمناً بشدة بقيم الجماعة الأوروبية في عالم أولوياته للفحم والصلب التي تشكل الكيان الأم الذي خرج من رحمه الاتحاد الأوروبي. ورأى في تلك البطولة التي انطلقت أول نسخة منها بعد وفاته بعامين، قوة لتعزيز الاندماج والتقدم.
بطبيعة الحال، بمرور الوقت تلاشت هذه المثالية تحت وطأة الرغبة في توسيع نطاق البطولة والربح المالي منها، باعتبارها ذراعاً ناجحة لصناعة الترفيه.
وفي النهاية، قدم لنا «يويفا» النسخة الحالية المنتفخة على نحو يبعث على السخرية، مع عقد بعض المباريات على مسافة 3200 ميل، بعضها من بعض.
وحتى قبل الأزمة الراهنة نتيجة تفشي فيروس «كورونا»، لم تبدُ «يورو» قصة نمو وازدهار دونما نهاية، وإنما بدت أشبه بكيان متهالك وممتد على مساحة هائلة تشكل عبئاً كبيراً عليه. وخلال مباريات البطولة الأخيرة التي أقيمت في فرنسا، بدا اللاعبون منهكين، والكرة التي يقدمونها فاترة. وبدا واضحاً للجميع أن قرار مشاركة 24 منتخباً بدلاً من 16 بالبطولة كان فكرة فاشلة.
جدير بالذكر أن «يورو 2016» انتهت بانسحاب الجماهير الفرنسية من استاد «دو فرنس»، بينما أطلق لاعبو منتخب البرتغال الألعاب النارية ابتهاجاً بتتويجهم باللقب.
بمرور الوقت أصبحت الروزنامة الكروية أكثر انتفاخاً، وازداد اتساع رقعة منافسات البطولة. وحتى مع افتراض حدوث تعافٍ عام، سيواجه اللاعبون جدول أعمال شديد الازدحام على نحو وحشي، مع انطلاق بطولة «يورو 2021» في ترتيب جديد تعقبها سريعاً في العام التالي بطولة كأس عالم في الشتاء، بعد إعادة ترتيبها هي الأخرى على حساب بطولات محلية.
في خضم كل ذلك، تبقى بارقة أمل واحدة. على ما يبدو، ستدخل أوروبا الآن فترة تقشف وشكوك؛ بل وفزع. ودائماً ما كانت الرياضة المصدر الأمثل للاحتفال وتعزيز الروح الجماعية ونشر قيمة الجمال. وعليه، فإن بطولة «يورو 2021» تحمل في طياتها بعض الأمل، على الأقل في التعافي العام والعودة بقوة من جديد. ورغم أن هذه اللحظة تبدو بعيدة؛ لكن مجرد التفكير فيها يبعث على البهجة.


مقالات ذات صلة

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب اعتباراً من ديسمبر بعد فرض ضوابط صارمة منذ عام 2020 بسبب جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

كوريا الشمالية تستأنف استقبال الزوار الأجانب في ديسمبر

قالت شركات سياحة، اليوم (الأربعاء)، إن كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب في مدينة سامجيون بشمال شرقي البلاد في ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (سول)

عدّاءة فرنسية تطلب الزواج من صديقها بعد تحطيمها رقماً قياسياً في أولمبياد باريس (فيديو)

العدّاءة الفرنسية أليس فينو (أ.ف.ب)
العدّاءة الفرنسية أليس فينو (أ.ف.ب)
TT

عدّاءة فرنسية تطلب الزواج من صديقها بعد تحطيمها رقماً قياسياً في أولمبياد باريس (فيديو)

العدّاءة الفرنسية أليس فينو (أ.ف.ب)
العدّاءة الفرنسية أليس فينو (أ.ف.ب)

عندما انحنت العدّاءة الفرنسية أليس فينو على ركبة واحدة، وطلبت الزواج من صديقها بعد سباق الحواجز الأولمبي، علقت دبوساً مكتوباً عليه «الحب هو في باريس» على قميصه.

قالت فينو، وفقاً لوكالة «أسوشيتد برس»: «قلت لنفسي إذا ركضت أقل من تسع دقائق، مع العلم بأن الرقم تسعة هو رقم الحظ لي، وأننا معاً منذ تسع سنوات، فسأتقدم بطلب الزواج منه».

واحتلّت فينو المركز الرابع في 8 دقائق و58.67 ثانية، يوم الثلاثاء، ثم ركضت إلى المدرجات حيث وجدت صديقها، لاعب الترايثلون الإسباني برونو مارتينيز.

قالت فينو: «لا أحب القيام بالأشياء بالطرق التقليدية. ونظراً لأنه لم يطلب الزواج مني، فقد اعتقدت أن الأمر متروك لي».