«أحلام النصر» شاعرة «داعش» السورية

احتفل التنظيم بزفافها من أحد قياداته

«أحلام النصر» شاعرة «داعش» السورية
TT

«أحلام النصر» شاعرة «داعش» السورية

«أحلام النصر» شاعرة «داعش» السورية

أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن من تعرف بكنية «أحلام النصر» أو شاعرة «داعش»، هي سيدة سورية الأصل من مدينة حمص، كانت تقيم في احدى دول الخليج (الكويت)، وليست سعودية كما ادعى التنظيم في السابق.
وأشارت هذه المصادر الى ان تنظيم داعش احتفل بزفاف شاعرته الى أحد قيادييه، وهو ما ظهر في نبأ عبر حسابات أنصاره التي أشارت الى ان «أحلام النصر» زفت الى، أبو أسامة الغريب، وعقد زواجهما قبل أسابيع في محكمة «الرقة الإسلامية».
عقد قران شاعرة «داعش» على «أبو أسامة الغريب» يأتي مبكرا منذ إعلانها عبر حسابها في «تويتر» عن نجاح محاولة نفيرها في مطلع الشهر الماضي إلى سوريا والالتحاق بصفوف تنظيم داعش برفقة أحد محارمها بعد فشل محاولات سابقة لها، قائلة: «نظرتُ إلى تلك الديار من نافذة الطائرة وتمتمتُ: لن أعود إلا فاتحة بإذن الله عز وجل».
قبل أشهر طويلة حاولت فتاة وشقيقها الشاب النفيرَ خفية إلى أرض الشام بعد إعلان التمدد وقبل إعلان الخلافة بمدة، لكن الله عز وجل كتب للأمر أن يفشل في لحظاته الأخيرة بعد أن كاد يتم.
حكاية اقتران «غريب - أحلام»، تعيد إلى الأذهان من جديد ما عرف بمنظمة جناح الجيش الأحمر الإرهابية «بادر - ماينهوف» التي روعت ألمانيا منذ بداية السبعينات والثمانينات، والتي تعود تسميتها إلى آندرياس بادر الذي كان ميالا للعنف والجريمة، حيث سجن لمدة 3 سنوات بسبب اقتحامه متجرا كبيرا في فرانكفورت عام 1968. أما أولريكة ماينهوف فقد شاركت في عملية شهيرة لتحريره من السجن عام 1970 واضعين بذلك حجر الأساس لجماعة بادر - ماينهوف.
الجانب المثير للاهتمام في هذه الحكاية هو نشاط العنصر النسائي ضمن قيادات التنظيمات الإرهابية والانجذاب نحو العنصر القيادي الذكوري فيها، رغم اختلاف المرجعيات ما بين الجماعتين، فالأولى «بادر - ماينهوف» شيوعية ألمانية، والثانية «داعش» أصولية إسلامية.
عبارات التهنئة والمباركات انهمرت مباشرة من قبل أنصار التنظيم بعد تتويج قصة «شاعرة داعش» بالزواج من أحد قيادييها «الغريب» الذي نشأ في النمسا قبل أن ينتقل إلى ألمانيا يحكم عليه بالسجن عدة مرات، حتى تمكن من السفر إلى تركيا تمهيدا لدخوله الأراضي السورية، إلا أن السلطات التركية اعتقلته قبل أن يطلق سراحه في صفقة التبادل التي تمت قبل أسابيع مع تنظيم داعش، خرج بموجبها رهائن أتراك لدى التنظيم، مقابل إفراج أنقرة عن العشرات من عناصر التنظيم.
كان أبو أسامة، أحد رموز مسجد «ملة إبراهيم»، في مدينة «سولنجين» التابعة لمحافظة «ديسلدورف» عاصمة ولاية «الراين» غرب ألمانيا، وظل ملاحقا من قبل السلطات الألمانية على خلفية نشاطاته المتطرفة قبل أن يتمكن من الخروج إلى تركيا.
استدراج النساء في صفوف تنظيم داعش عبر الرومانسيات وبوابة الزواج، وصولا إلى النفير من أجل تحقيق ذلك، باتت على الأرجح أكثر الوسائل رواجا وفاعلية لتوريد الداعشيات شملت أيضا نساء غربيات.
وبحسب ما جاء في أحد حسابات «داعش» والذي لا يعرف نسبة صاحبه أن كان رجلا أم امرأة، يقول: «أتقدم بعرض نفسي للزواج ومبايعة أبو بكر البغدادي»، متابعا: «أي فتاة تريد زواجا ونفيرا تتواصل معي وشكرا».
الحديث الذي نسب عبر منصات مختلفة في مواقع التواصل الاجتماعي لمن تسمى «أحلام النصر» يظهر من خلاله حجم اعتماد التنظيمات المتطرفة، وتحديدا «داعش» على عامل «الفانتازيا» بكل صوره وأشكاله.
«شاعرة داعش» التي تحولت بعد نفيرها إلى خدمة عناصر التنظيم والقيام بمهام التنظيف والطبخ لهم قالت في تغريداتها التي سرعان ما توقفت بعد وصولها «أول متجر دخلتُه في الولاية؛ كان متجر سلاح! يا للروعة! لقد أمسكتُ بالسلاح! فـ(مَن معي) بارك الله فيهم، أهدوني قنبلة صوتية، وخنجرا، وطلقة (دوشكا)، إضافة إلى راية الخلافة، وأشياء أخرى كثيرة رائعة فاقت ما حلمتُ بامتلاكه». وتضيف: «أسأل الله تعالى أن أفجر رأس كافر قريبا! وحسنا.. أن أنحر علجًا مرتدا.. يا للروعة والحماس!»، على حد تعبيرها.



«حزب الله»... خلايا قائمة وقادمة

متظاهرون موالون لـ«حزب الله» يشعلون النيران أمام مجمع السفارة الأميركية، في العاصمة بغداد نهاية الشهر الماضي  (أ.ب)
متظاهرون موالون لـ«حزب الله» يشعلون النيران أمام مجمع السفارة الأميركية، في العاصمة بغداد نهاية الشهر الماضي (أ.ب)
TT

«حزب الله»... خلايا قائمة وقادمة

متظاهرون موالون لـ«حزب الله» يشعلون النيران أمام مجمع السفارة الأميركية، في العاصمة بغداد نهاية الشهر الماضي  (أ.ب)
متظاهرون موالون لـ«حزب الله» يشعلون النيران أمام مجمع السفارة الأميركية، في العاصمة بغداد نهاية الشهر الماضي (أ.ب)

قبل نحو شهر تقريباً أدرجت السلطات البريطانية جماعة «حزب الله» بمؤسساتها المختلفة السياسية والعسكرية كمنظمة إرهابية، ومن قبلها مضت ألمانيا في الطريق عينه، الأمر الذي دفع المراقبين لشأن الميليشيات اللبنانية الجنسية الإيرانية الولاء والانتماء للتساؤل: «ما الجديد الذي جعل الأوروبيين يتصرفون على هذا النحو؟»

الشاهد أن الأمر لا يقتصر فقط على الجانب الأوروبي، بل أيضاً تبدو الولايات المتحدة الأميركية في حالة تأهب غير مسبوقة، وسباق مع الزمن في طريق مواجهة الخلايا النائمة «لحزب الله» على أراضيها، ناهيك عن تلك المنتشرة في الفناء اللوجيستي الخلفي، لها أي في أميركا اللاتينية.
غير أن الجديد والذي دفع جانبي الأطلسي لإعلان مواجهة شاملة لميليشيات «حزب الله» هو ما توفر لأجهزة الاستخبارات الغربية، والشرقية الآسيوية أيضاً، لا سيما تلك التي ترتبط بعلاقات تبادل أمني مع بروكسل وواشنطن، من معلومات تفيد بأن «حزب الله» ينسج خيوطاً إرهابية جديدة في دول أوروبية وأميركية وآسيوية، من أجل الاستعداد للمواجهة القادمة حكماً في تقديره بين طهران والغرب.
ليس من الجديد القول إن ميليشيات «حزب الله» هي أحد أذرع الإيرانيين الإرهابية حول العالم، وقد أعدت منذ زمان وزمانين من أجل اللحظة المرتقبة، أي لتكون المقدمة الضاربة في إحداث القلاقل والاضطرابات، ومحاولة ممارسة أقصى وأقسى درجات الضغط النفسي والمعنوي على الأوروبيين والأميركيين، مع الاستعداد التام للقيام بعمليات عسكرية سواء ضد المدنيين أو العسكريين في الحواضن الغربية حين تصدر التعليمات من نظام الملالي.
مؤخراً أشارت عدة مصادر استخباراتية غربية لعدد من وسائل الإعلام الغربية إلى الخطة الجديدة لـ«حزب الله» لإنشاء شبكات موالية له في العديد من مدن العالم شرقاً وغرباً، الأمر الذي أماطت عنه اللثام صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية بنوع خاص والتي ذكرت في تقرير مطول لـ«نيكولا باروت»، أن فكر التقية الإيراني الشهير يمارس الآن على الأرض، بمعنى أن البحث يجري على قدم وساق من أجل تجنيد المزيد من العناصر لصالح ميليشيات «حزب الله»، لكن المختلف هو انتقاء عناصر نظيفة السجلات الأمنية كما يقال، أي من غير المعروفين للأجهزة الأمنية والاستخباراتية سواء الأوروبية أو الآسيوية أو الأميركية.
هل الحديث عن عناصر «حزب الله» في الغرب قضية حديثة أم محدثة؟
الواقع أنهما الأمران معا، بمعنى أن ميليشيات «حزب الله» كثفت حضورها الخارجي في الأعوام الأخيرة، لا سيما في أميركا اللاتينية، وهناك جرى إنشاء «كارتلات» تعمل على تهريب البشر والسلاح والمخدرات من جهة، وتتهيأ لمجابهة أميركا الشمالية من ناحية أخرى.
ولعل المثال الواضح على قصة هذا الاختراق لدول القارة اللاتينية يتمثل في قضية الإرهابي سلمان رؤوف سلمان، الذي شوهد مؤخراً في بوغوتا بكولومبيا، والذي ترصد الولايات المتحدة الأميركية عدة ملايين من الدولارات لاقتناصه، بوصفه صيداً ثميناً يحمل أسرار ميليشيات «حزب الله» في القارة الأميركية الجنوبية برمتها.
أما المثال الآخر على الخلايا النائمة في الولايات المتحدة الأميركية فيتمثل في شخص علي كوراني الذي تم القبض عليه في نيويورك بعد أن تم تجنيده لصالح «حزب الله» لتنفيذ هجمات إرهابية، حال تعرض إيران أو «حزب الله» في لبنان لهجمات من جانب الولايات المتحدة الأميركية، ولاحقاً أكدت التحقيقات التي جرت معه من قبل المباحث الاتحادية الأميركية أنه أحد أعضاء وحدة التخطيط للهجمات الخارجية في الحزب والمعروفة بـ«الوحدة 910».
كارثة كوراني تبين التخطيط الدقيق لإيران وأذرعها لإصابة الدول الغربية في مقتل، ذلك أنه كان دائم التنقل بين كندا والولايات المتحدة، حيث حاول تهريب متفجرات من كندا إلى الداخل الأميركي.
كان كوراني مثالاً على الخلايا النائمة التابعة «لحزب الله» في دول العالم، لا سيما أنه ينتمي لعائلة معروفة بصلاتها الوثيقة مع الحزب، وقد التحق بمعسكر تدريب تابع للحزب عندما كان في السادسة عشرة من عمره، وتعلم إطلاق النار، والقذائف الصاروخية قبل أن يجند كجزء من خطة للانتقام لمقتل عماد مغنية أحد قادة «حزب الله» رفيعي المستوى الذي قضى بسيارة مفخخة في دمشق عام 2008.
هل كان القبض على كوراني المدخل للخطط الجديدة لميليشيات «حزب الله» لنسج خيوط شبكات إرهابية جديدة غير معروفة لقوى الأمن والاستخبارات الدولية؟
يمكن أن يكون ذلك كذلك بالفعل، ولهذا تقضي الآلية الجديد تجنيد عناصر غير عربية، وغالباً ما يكون المعين المفضل من دول شرق وجنوب آسيا، والتي تكثر فيها الحواضن المشبعة بالإرهاب الأصولي، وقد كان آخر شخص تم الاشتباه فيه مهندس باكستاني لا يتجاوز الثلاثة عقود من عمره، وبدا أنه على اتصال «بحزب الله».
ويعزف القائمون على الميليشيات الخاصة «بحزب الله» على الأوتار الدوغمائية الشيعية تحديداً، ويستغلون الكراهية التقليدية تجاه الولايات المتحدة الأميركية والقارة الأوروبية، ويلعبون على أوتار القضايا الدينية، مظهرين الصراع بين إيران والغرب على أنه صراع ديني وليس آيديولوجياً، وفي الوسط من هذا يقومون بتجنيد من يقدرون على تعبئتهم، وفي هذا تكون الكارثة لا الحادثة، أي من خلال استخدام جوازات سفرهم الأجنبية أو تزويد بعضهم الآخر بجوازات سفر قد تكون حقيقية مسروقة، أو مزورة، ليمثلوا حصان طروادة في الجسد الأوروبي أو الأميركي.
لا تكتفي خطط ميليشيات «حزب الله» الخاصة بإعداد شبكات إرهابية جديدة في الغرب بالطرق التقليدية في تجنيد عناصر جديدة من الصعب متابعتها، بل يبدو أنها تمضي في طريق محاكاة تنظيم «داعش» في سعيه لضم عناصر إرهابية إضافية لصفوفه عبر استخدام وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة من مخرجات الشبكة العنكبوتية الإنترنت، مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام».
في هذا السياق تبدو الخطط الجديدة لـ«حزب الله» كمن ينسج شبكات إرهابية في العالم الرقمي، بمعنى أنها خطط لتجنيد المزيد من «الذئاب المنفردة»، تلك التي يمكن أن يتفتق ذهنها عن وسائل انتقام غير مدرجة من قبل على خارطة الأعمال الإرهابية، فكما كان استخدام الشاحنات للدهس في أوروبا أداة غير معروفة، فمن الجائز جداً أن نرى آليات جديدة تمارس بها الجماعة الإيرانية الخطى طريقها في إقلاق الحواضن الغربية.
يتساءل المراقبون أيضاً هل من دافع جديد يقودها في طريق شهوة الانتقام غير المسبوقة هذه؟
من الواضح جداً أن قيام الولايات المتحدة الأميركية باغتيال قاسم سليماني، والتهديدات التي أطلقها «إسماعيل قاآني»، قائد فيلق القدس الجديد، ضمن صفوف الحرس الثوري الإيراني، بأن تملأ جثث الأميركيين الشوارع، هي وراء تسريع إيران في طريق دفع ميليشيات «حزب الله» في تغيير طرق تجنيد واكتساب عملاء جدد يكونون بمثابة رؤوس حراب في المواجهة القادمة.
خلال صيف العام الماضي كشفت مصادر استخباراتية لصحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية عن أن الأزمة مع إيران قد تتسبب في إيقاظ خلايا إرهابية نائمة، وتدفعها إلى شن هجمات إرهابية على بريطانيا، ولفتت المصادر عينها إلى الخلايا يديرها متشددون مرتبطون بـ«حزب الله» اللبناني.
ولم تكن هذه تصريحات جوفاء أو عشوائية، وإنما جاءت بعد أن كشفت شرطة محاربة الإرهاب في عام 2015 في بريطانيا عن خلية جمعت أطناناً من المتفجرات في متاجر بضواحي لندن، موضحة أن إيران وضعت عملاءها في «حزب الله» على استعداد لشن هجمات في حالة اندلاع نزاع مسلح، وهذا هو الخطر الذي تشكله إيران على الأمن الداخلي في بريطانيا.
والثابت أنه لا يمكن فصل مخططات ميليشيات «حزب الله» الخاصة بتجنيد عناصر ونسج شبكات جديدة عن الموقف الواضح لـ«حزب الله» من الصراع الدائر بين أميركا وإيران، فهي ترغب في القتال، وهو ما أشار إليه حسن نصر الله أمين عام الحزب في مقابلة تلفزيونية مع قناة المنار التابعة لجماعته عندما أجاب على سؤال حول ما ستفعله الجماعة في حال نشوب حرب بين إيران والولايات المتحدة، إذ أجاب بسؤال استفهامي أو استنكاري على الأصح في مواجهة المحاور: «هل تظن أننا سنقف مكتوفي الأيدي؟ إيران لن تحارب وحدها، هذا أمر واضح وضوح الشمس، هكذا أكد نصر الله».
هل قررت إيران إذن شكل المواجهة القادمة مع الولايات المتحدة الأميركية، طالما ظلت العقوبات الاقتصادية الأميركية قائمة وموجعة لهيكل إيران التكتوني البنيوي الرئيسي؟
فوفقا لرؤية «ماثيو ليفيت» مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، يبدو أن إيران و«حزب الله» لن يعتمدا المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة في حال نشوب حرب بين واشنطن طهران، إذ سيتم إيقاظ «الخلايا النائمة» من سباتها في الداخل الأميركي الشمالي والجنوبي أولاً، عطفاً على ذلك إعطاء الضوء الأخضر للعناصر والشبكات الجديدة بإحداث أكبر خسائر في صفوف الأوروبيين، وتجاه كل ما يشكل أهدافاً ومصالح أميركية من شمال الأرض إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها دفعة واحدة.
الخلاصة... العالم أمام فصل جديد مقلق من تنامي مؤامرات «حزب الله» والتي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية خارج الشرق الأوسط، ربما بشكل لا يقل إقلاقاً عن الدور الذي يلعبه على التراب الوطني اللبناني في حاضرات أيامنا، ما يجعل التفكير في حصار هذا الشر أمراً واجب الوجود كما تقول جماعة الفلاسفة، من غير فصل مشهده عن حجر الزاوية الذي يستند إليه، أي إيران وملاليها في الحال والمستقبل.