معارك طرابلس تجدد الاتهامات بـ«خرق الهدنة»

«الجيش الوطني» اعتبر {إرهاب الميليشيات} جرائم حرب لا تسقط بالتقادم

عناصر من الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق خلال دوريات حراسة في جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
عناصر من الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق خلال دوريات حراسة في جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
TT

معارك طرابلس تجدد الاتهامات بـ«خرق الهدنة»

عناصر من الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق خلال دوريات حراسة في جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
عناصر من الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق خلال دوريات حراسة في جنوب طرابلس (أ.ف.ب)

استمرّت، أمس، الاشتباكات العنيفة بمختلف الأسلحة الثقيلة في العاصمة الليبية، طرابلس، بين «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، على الرغم من المطالب الدولية والغربية بوقف الأعمال العدائية من أجل تمكين الأجهزة الطبية المحلية من الاستجابة سريعاً لفيروس «كورونا» المستجد.
وأعربت قيادة «الجيش الوطني» عن استنكارها، وتنديدها، بما وصفته بـ«الأعمال الإرهابية التي تقوم بها مجموعات الحشد الميليشياوي، من قصفٍ عشوائي للمناطق السكنية الآمنة داخل العاصمة طرابلس»، واعتبرت أن «هذه الأعمال المُتمثلة في القصف المتكرر لمساكن المدنيين والمواقع والمُنشآت المدنية، تُعدّ جرائم حرب كبرى لا تسقط بالتقادم».
وبعدما أوضحت أنها تقوم برصد وتوثيق هذه الجرائم، توعدت قيادة الجيش بملاحقة كل المسؤولين عنها جنائياً، وقالت إن «الردّ على مصادر القصف سيكون قاسياً ومُباشراً».
وكان الناطق الرسمي باسم القوات الموالية للسراج، ضمن ما يُعرف بعملية «بركان الغضب»، قد قال في المقابل إن قواته تعاملت أمس مع ما وصفه بـ«خرق جديد ومتكرر» لوقف إطلاق النار من قوات الجيش، ولفت إلى أنها قصفت بالهاون منطقة عين زارة المكتظة بالسكان خلف خطوط القتال جنوب العاصمة طرابلس.
وتحدثت مصادر عسكرية في «الجيش الوطني» عن إصابة ومقتل قياديين بارزين في تنظيم «سرايا الدفاع عن بنغازي» المتطرف، إثر استهداف الجيش لموقع للميليشيات في محور عين زارة جنوب العاصمة، فيما نقلت وسائل إعلام محلية، موالية لحكومة السراج، عن مسؤولين بوزارة الصحة إصابة ثلاثة مدنيين بجروح، جراء سقوط قذيفة على بلدية عين زارة.
وكانت قيادات في عملية «بركان الغضب» قد أعلنت أن قواتها أحبطت، مساء أول من أمس، محاولة تقدم لقوات «الجيش الوطني»، في محور الرملة، وادعت أنها كبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وتمثل هذه الاشتباكات خرقاً جديداً للهدنة الهشة المعلنة من بعثة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس، منذ الثاني عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.
بدوره، ترأّس السراج اجتماعاً حكومياً موسعاً، مساء أول من أمس، في طرابلس لمتابعة الإجراءات الوقائية والعلاجية والتوعوية المتخذة، في ظل تسجيل عدد من الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد، وكذا أوضاع الليبيين العالقين بالخارج، وآليات توفير احتياجات النازحين، والاحتياجات الأساسية للمواطنين.
وكان السراج، الذي اجتمع بالمجالس البلدية بالمنطقة الغربية، في إطار ما سماه بـ«التعبئة العامة لمواجهة مخاطر وتداعيات جائحة (كورونا)»، قد اعتبر أن للبلديات دوراً أساسياً ومحورياً في هذه المواجهة، من خلال المتابعة والرصد، وإلزام الجميع بالسلوكيات الوقائية الصادرة عن الأجهزة الطبية والأمنية.
وعلى الرغم من أن حكومة السراج أعلنت حالة الطوارئ وإغلاق المدارس في العاصمة طرابلس، والحدود البرية والجوية لمدة 3 أسابيع، وأوقفت الرحلات الجوية في غرب البلاد، كما خصصت مبلغ نصف مليار دينار (350 مليون دولار أميركي) لمواجهة الوباء العالمي، فقد حذر خبراء من أن «تفشي الوباء قد يؤدي إلى تداعيات كارثية، بسبب النظام الصحّي المتداعي في البلاد».
إلى ذلك، أعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني»، دخوله الحجر الصحي لأسبوعين، بعد عودته من الخارج، ليصبح بذلك أول مسؤول ليبي رفيع المستوى في شرق ليبيا يدخل الحجر الصحي، الذي تمت إقامته مؤخراً، للحد من انتشاء فيروس «كورونا».
وقال المسماري في بيان، مساء أول من أمس، إنه «تنفيذاً للقرارات الصادرة، وإيماناً منا بالمسؤولية، وحفاظاً على الصحة العامة، وبعد العودة من رحلة عمل خارجية، سأبقى أنا والفريق المصاحب لي في الحجر الصحي لأسبوعين، رغم عدم وجود أي أعراض للإصابة بفيروس (كورونا)»، لافتاً إلى أنه سيواصل مهام عمله إلكترونياً، والظهور في بيان مصوَّر إن لزم الأمر.
وأضاف المسماري موضحا: «السلامة العامة من الأولويات، وعلى الجميع الالتزام بالقرارات الصادرة وتنفيذ التعليمات، ويجب ألا نكون مشاركين في تفشي هذا الوباء».
وجاء البيان بعدما زعمت وسائل إعلام محلية إصابة المسماري، الذي عاد لتوه إلى مقره في بنغازي بشرق ليبيا، بعد عقده مؤتمراً صحافياً في القاهرة مؤخراً.



فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
TT

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها خلال الأيام الأخيرة، فراراً لمئات المجندين ممن جرى استقطابهم تحت مزاعم إشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وتركزت عمليات الفرار للمجندين الحوثيين، وجُلهم من الموظفين الحكوميين والشبان من معسكرات تدريب في مدينة صنعاء، وفي أماكن أخرى مفتوحة، في مناطق بلاد الروس وسنحان وبني مطر وهمدان في ضواحي المدينة.

جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في صنعاء للتعبئة القتالية (فيسبوك)

وتحدّثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن فرار العشرات من المجندين من معسكر تدريبي في منطقة جارف جنوب صنعاء، وهو ما دفع وحدات تتبع جهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة بشن حملات تعقب وملاحقة بحق المئات ممن قرروا الانسحاب من معسكرات التجنيد والعودة إلى مناطقهم.

وذكرت المصادر أن حملات التعقب الحالية تركّزت في أحياء متفرقة في مديريات صنعاء القديمة ومعين وآزال وبني الحارث، وفي قرى ومناطق أخرى بمحافظة ريف صنعاء.

وأفادت المصادر بقيام مجموعات حوثية مسلحة باعتقال نحو 18 عنصراً من أحياء متفرقة، منهم 9 مراهقين اختطفوا من داخل منازلهم في حي «السنينة» بمديرية معين في صنعاء.

وكان الانقلابيون الحوثيون قد دفعوا منذ مطلع الشهر الحالي بمئات المدنيين، بينهم شبان وأطفال وكبار في السن وموظفون في مديرية معين، للمشاركة في دورات تدريب على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة استعداداً لإشراكهم فيما تُسميه الجماعة «معركة تحرير فلسطين».

ملاحقة الفارين

يتحدث خالد، وهو قريب موظف حكومي فرّ من معسكر تدريب حوثي، عن تعرُّض الحي الذي يقطنون فيه وسط صنعاء للدَّهم من قبل مسلحين على متن عربتين، لاعتقال ابن عمه الذي قرر الانسحاب من المعسكر.

ونقل أحمد عن قريبه، قوله إنه وعدداً من زملائه الموظفين في مكتب تنفيذي بمديرية معين، قرروا الانسحاب من الدورة العسكرية بمرحلتها الثانية، بعد أن اكتشفوا قيام الجماعة بالدفع بالعشرات من رفقائهم ممن شاركوا في الدورة الأولى بوصفهم تعزيزات بشرية إلى جبهتي الحديدة والضالع لمواجهة القوات اليمنية.

طلاب مدرسة حكومية في ريف صنعاء يخضعون لتدريبات قتالية (فيسبوك)

ويبرر صادق (40 عاماً)، وهو من سكان ريف صنعاء، الأسباب التي جعلته ينسحب من معسكر تدريبي حوثي أُقيم في منطقة جبلية، ويقول إنه يفضل التفرغ للبحث عن عمل يمكّنه من تأمين العيش لأفراد عائلته الذين يعانون شدة الحرمان والفاقة جراء تدهور وضعه المادي.

ويتّهم صادق الجماعة الحوثية بعدم الاكتراث لمعاناة السكان، بقدر ما تهتم فقط بإمكانية إنجاح حملات التعبئة والتحشيد التي تطلقها لإسناد جبهاتها الداخلية، مستغلة بذلك الأحداث المستمرة في قطاع غزة وجنوب لبنان.

وكان سكان في صنعاء وريفها قد اشتكوا من إلزام مشرفين حوثيين لهم خلال فترات سابقة بحضور دورات عسكرية مكثفة تحت عناوين «طوفان الأقصى»، في حين تقوم في أعقاب اختتام كل دورة بتعزيز جبهاتها في مأرب وتعز والضالع والحديدة وغيرها بدفعات منهم.

وكثّفت الجماعة الحوثية منذ مطلع العام الحالي من عمليات الحشد والتجنيد في أوساط السكان والعاملين في هيئات ومؤسسات حكومية بمناطق تحت سيطرتها، وادّعى زعيمها عبد الملك الحوثي التمكن من تعبئة أكثر من 500 ألف شخص.