وزراء سابقون يؤسسون «جبهة سياسية» ضد الائتلاف التونسي الحاكم

TT

وزراء سابقون يؤسسون «جبهة سياسية» ضد الائتلاف التونسي الحاكم

أسس عدد من الوزراء والمستشارين السابقين للرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، رفقة نخبة من النقابيين واليساريين ورجال أعمال، قيادة جديدة لحزب «نداء تونس» الذي حكم البلاد ما بين 2014 و2019، وذلك بهدف إحداث «نواة جبهة سياسية ضد الائتلاف الحاكم».
وأعلن عدد من كوادر هذا الحزب إنشاء قيادة مركزية جديدة، عيّن على رأسها وزير الخارجية السابق والقيادي في الحزب خميس الجهيناوي الذي تم عزله مع وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي، بعد ثلاثة أيام فقط من تسلم الرئيس التونسي الجديد قيس سعيد مهامه في قصر قرطاج. وقد رفض سعيد مقابلتهما، ولم ينظم لهما «جلسة توديع وشكر»، مثلما فعل مع بقية المستشارين والوزراء المقربين من قائد السبسي.
ولا تضم القيادة الجديدة لحزب «نداء تونس»، حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الراحل الذي يتهمه خصومه بأنه كان سبباً في انشقاق عدد كبير من مؤسسي الحزب وكوادره. كما تسببت الخلافات بين حافظ قائد السبسي، وعدد من قيادات الحزب في تأسيس أحزاب نافسته في انتخابات الخريف الماضي الرئاسية والبرلمانية، ومن بينها «تحيا تونس»، بزعامة رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، و«مشروع تونس» بزعامة الوزير محسن مرزوق، المستشار السياسي الأول للباجي قائد السبسي. ونتيجة لذلك لم يفز حزب السبسي في الحكومة الائتلافية الجديدة إلا بمقعد واحد، أسند لأمينه العام رجل الأعمال علي الحفصي.
وأسندت في القيادة الجديدة للحزب مسؤوليات مهمة لعدد من الوزراء والمستشارين السابقين للسبسي، بينهم أحمد ونيس وزير الخارجية الأسبق، وخالد شوكات الوزير الناطق الرسمي باسم حكومة الحبيب الصيد، والمستشار السياسي للسبسي والزعيم اليساري السابق نور الدين بن نتيشة، ورجل الأعمال والبرلماني منير بن ميلاد، والوزير المستشار في قصر قرطاج رضا بالحاج، إضافة إلى وزير الشؤون الدينية العروسي الميزوني، والمستشارة ربيعة النجلاوي، ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب «النداء» المحامي الفاضل بن عمران.
كما تضم القيادة الجديدة سياسيين بارزين، سبق أن تحملوا مسؤوليات في القيادة المركزية الموسعة لحزب «النداء»، أو أحزاب أخرى، وفي منظمات نقابية وسياسية وحقوقية.
من بينهم المحامي عبد الستار المسعودي، والجامعي منذر بالحاج علي، والزعيم النقابي السابق الهادي الغضباني، والمؤرخ والحقوقي اليساري مصطفى التواتي، ونخبة من النساء الناشطات المعروفات.
يذكر أن خميس الجهيناوي، الرئيس الجديد لحزب «نداء تونس»، تقلد خلال 37 عاماً من مسيرته عدة مسؤوليات دبلوماسية وسياسية، من بينها سفير تونس في بريطانيا لمدة سبعة أعوام، وفي روسيا لمدة خمسة أعوام. وقد عينه قائد السبسي في 2014 وزيراً مستشاراً دبلوماسياً، ثم وزيراً للخارجية خلفاً للطيب البكوش الذي عين أميناً عاماً للاتحاد المغاربي في الرباط. وقد سبق أن وجهت تهمة «التطبيع» إلى الجهيناوي؛ لكن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي دافع عنه بقوة، وقال إن تعيينه في المكتب الدبلوماسي في تل أبيب «كان ضمن خطوة اتخذتها عدة حكومات عربية وعالمية... دعماً لجهود السلام».
ويرى بعض المراقبين أن طريقة إقالة الجهيناوي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي جلبت له تعاطفاً بين رفاقه في قيادة حزب «نداء تونس»، فاختاروه رئيساً جديداً لهم. وقد تباينت مواقف الإعلاميين والسياسيين من اعتراض الرئاسة التونسية على اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين الجهيناوي خليفة للبناني غسان سلامة على رأس البعثة الأممية في ليبيا، وهو ما حرم تونس من فرصة الفوز بمنصب أممي كان سيخدم مصالحها الكبيرة في ليبيا.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.