«ضربة موجعة» للروبل... والفيروس يلتهم ثلث صادرات روسيا النفطية

TT

«ضربة موجعة» للروبل... والفيروس يلتهم ثلث صادرات روسيا النفطية

وجه هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية صباح أمس ضربة جديدة للسوق الروسية، دفعت الروبل لانهيار إضافي أمام العملات الصعبة، لم يتوقف، رغم تدخل سريع من جانب البنك المركزي في السوق. وتتزايد حدة آلام الاقتصاد الروسي مع بقائه أسير تأثير تداعيات «كورونا» وتقلبات النفط، إذ التهم «تأثير كورونا» ثلث صادرات روسيا النفطية إلى الصين الشهر الماضي، بينما لاحت في الأفق معالم «أزمة» قد تواجهها الميزانية الروسية. وبعد أن وفر ارتفاع أسعار النفط خلال تنفيذ اتفاق «أوبك+» العام الماضي لروسيا فائض إيرادات نفطية، زاد على 39 مليار دولار، ادخرته في صندوق الثروة الوطني، قال وزير المالية الروسي يوم أمس، إن إيرادات الميزانية ستكون أقل بنحو 3 تريليونات روبل، في ظل سعر النفط الحالي في الأسواق. وستواجه الميزانية وكذلك احتياطي روسيا ضغوطا متزايدة، مع مطالبة قطاعات إضافية من الاقتصاد الروسي الحكومة بتقديم تسهيلات مالية وإعفاءات ضريبية لمساعدتها في مواجهة تداعيات كورونا.
ومنذ الدقائق الأولى لعمل بورصة موسكو صباح أمس، انهار سعر صرف العملة الروسية بنسبة 5 في المائة أمام «الأميركي» حتى 79.22 روبل للدولار، وفي الساعات التالية عوض الروبل بعض خسائره، وارتفع حتى مستوى 76 روبلا للدولار، قبل أن يعود للانهيار مجددا. وحسب نشرة البورصة الساعة 15:10 بتوقيت موسكو، انهارت العملة الروسية حتى 79.15 روبل للدولار، وحتى 86.15 روبل لليورو.
وهذه أول مرة ينهار فيها الروبل حتى هذا المستوى أمام العملتين، منذ فبراير (شباط) 2016، ويرجح أن تحسن موقف الروبل لفترة وجيزة جاء نتيجة تدخل البنك المركزي، الذي قال إنه ضح في السوق يوم أمس عملات صعبة، من مدخرات صندوق الثروة الوطني، تعادل قيمتها 5.5 مليار روبل. إلى ذلك قالت الخزانة الاتحادية في تقرير أمس إن وزارة المالية اشترت العام الماضي عملات صعبة بقيمة تعادل 2.977 تريليون روبل (نحو 40 مليار دولار)، نتيجة عمليات شراء العملات الصعبة من السوق المحلية، التي خصصت لها فائض الإيرادات النفطية. ويعود الفضل في توفير ذلك الفائض إلى اتفاق «أوبك+» الذي أسهم في ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، حتى معدل أعلى من المعتمد في الميزانية الروسية. ومع هبوط الأسعار مجددا لن تعود هناك إمكانية لزيادة حجم مدخرات الصندوق، وفق ما أكد وزير المالية الروسي في تصريحات الأسبوع الماضي.
تحت وطأة هذا الانهيار في السوق الروسية، المستمر عمليا منذ مطلع الأسبوع الماضي، في أعقاب فشل اجتماع «أوبك+» بالاتفاق على تخفيض إضافي للانتاج، غابت «الطمأنات» حول «وفرة موارد تضمن استقرار الاقتصاد» عن تصريحات المسؤولين الروس، وقال ديميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين، في تصريحات أمس، إن سعر النفط الحالي في الأسواق «متدن بالفعل»، وأضاف «نتمنى لو يكون أعلى من ذلك». كما علق على اقتراح العراق بعقد اجتماع لدول «أوبك+»، وقال بهذا الصدد: «ندرس هذا الوضع، ونحاول بناء التوقعات على المديين القريب والمتوسط، وبناء عليه سنحدد موقفنا» بصدد الاقتراح العراقي.
من جانبه أقر وزير المالية أنطون سيلوانوف أن وضع الاقتصاد الروسي يتطور «ليس بالشكل الأفضل»، لافتاً إلى «انحراف» عن توقعات الاقتصاد الكلي السابقة، وقال إن «تأثير النفط وحده، في ظل الأسعار الحالية، يخفض عمليا حجم إيرادات الميزانية بنحو 3 تريليونات روبل»، موضحا أن «حجم الإيرادات النفطية - الغازية يتراجع بالنسبة إلى الحجم المحدد وفق خطة الميزانية».
في سياق متصل كشفت بيانات دائرة الجمارك الاتحادية عن تراجع صادرات النفط الروسي إلى الصين، بنسبة 30 في المائة خلال شهر يناير (كانون الثاني)، بسبب انتشار كورونا، ولم تزد قيمتها على 2 مليار دولار، مقابل صادرات نفطية بقيمة 2.8 مليار دولار في يناير 2019. كذلك تراجعت صادرات مشتقات النفط الروسي إلى الصين، بنسبة 20 في المائة، وبلغت قيمتها 458 مليون دولار، مقابل 569 مليون دولار قيمة الصادرات في يناير 2019. تجدر الإشارة إلى أن الصين أكبر مستورد للنفط الروسي.
أما بالنسبة لتأثير فيروس كورونا، قال الوزير سيلوانوف خلال اجتماع أمس، إن انتشاره «عامل تأثير أكثر خطورة»، انضم إلى تأثير هبوط النفط، وكشف أن الصعوبات نتيجة تأثير العاملين، لم تعد تقتصر على قطاعات السياحة والنقل الجوي، لافتاً إلى وضع صعب بات يواجهه كذلك قطاع الأعمال الصغيرة، وزاد أن «قطاعات بأكملها من الاقتصاد الوطني تتقلص». وكانت الحكومة الروسية أعلنت بالتعاون مع البنك المركزي عن حزمة تدابير لدعم قطاعي السياحة والنقل الجوي، شملت تسهيلات مالية وضريبية.



تقرير التضخم الخميس يحدد خطوة «الفيدرالي» التالية بشأن الفائدة

صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
TT

تقرير التضخم الخميس يحدد خطوة «الفيدرالي» التالية بشأن الفائدة

صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

تنتظر الأسواق بيانات اقتصادية أميركية مهمة خلال الأسبوع المقبل، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك عن شهر سبتمبر (أيلول) ومؤشر أسعار المنتجين. في وقت سيتلقى المستثمرون تعليقات من العديد من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك ميشال بومان، المحافِظة، والمعارِضة الوحيدة لخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. كما سيصدر الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء محضر اجتماعه في سبتمبر (أيلول).

وقد توفر التعليقات والمحضر المرتقب نظرة ثاقبة للخطوة التالية التي سيتخذها الاحتياطي الفيدرالي في دورة خفض أسعار الفائدة الحالية.

وقال بنك «يو بي إس» إن تقرير مؤشر أسعار المستهلك سيكون الحدث الكبير المقبل للأسواق. وقال كبير خبراء الاقتصاد في بنك «يو بي إس»، بريان روز، في مذكرة: «سيكون مؤشر أسعار المستهلك لشهر سبتمبر بمثابة إصدار بيانات رئيسي. وإذا ارتفعت الأسعار بشكل أسرع من المتوقع بالإضافة إلى بيانات العمل الأقوى، فإن فرص تخطي بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة في اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) ستزداد».

ومن المرجح أن يكون معدل التضخم في الولايات المتحدة والمتوقع صدوره يوم الخميس قد تراجع في نهاية الربع الثالث، وهو ما يطمئن الاحتياطي الفيدرالي الذي يحول المزيد من تركيز سياسته نحو حماية سوق العمل، وفق «بلومبرغ».

فمن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر، وهو أصغر مكسب له في ثلاثة أشهر. وبالمقارنة بالعام السابق، ربما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 2.3 في المائة، وهو التباطؤ السادس على التوالي والأهدأ منذ أوائل عام 2021.

ومن المتوقع أن يرتفع المؤشر الذي يستبعد فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، والذي يوفر رؤية أفضل للتضخم الأساسي، بنسبة 0.2 في المائة عن الشهر السابق و3.2 في المائة عن سبتمبر 2023.

في أعقاب النمو القوي المفاجئ للوظائف في سبتمبر والذي صدر يوم الجمعة، يشير التباطؤ التدريجي في التضخم إلى أن صناع السياسات سيختارون خفض أسعار الفائدة بشكل أصغر عندما يجتمعون في 6 و7 نوفمبر.

امرأة تتسوق في أحد المحال في كولورادو (أ.ب)

وقد شهدت الولايات المتحدة إضافة 254 ألف وظيفة جديدة الشهر الماضي، وهو رقم مذهل، متجاوزاً التقديرات التي كانت تشير إلى إضافة 147 ألف وظيفة. وانخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة. في حين أظهر متوسط الدخل في الساعة انتعاشاً مع ارتفاع بنسبة 0.4 في المائة على أساس شهري، مما دفع النمو السنوي للأجور إلى 4.0 في المائة.

وكتب محللو «بنك أوف أميركا» أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما أصيب بالذعر الشهر الماضي، وأن خفضاً كبيراً آخر ربما لا يكون مبرراً. وعدل توقعاته لاجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر ليدعو إلى تحرك بمقدار 25 نقطة أساس بعد أن توقع سابقاً 50 نقطة أساس.

وقالت المستشارة الاقتصادية للبيت الأبيض لايل برينارد في الإحاطة الأسبوعية، إن «هناك ثقة أكبر بكثير في أن أسعار الفائدة ستنخفض... وأن التضخم سينخفض». أضافت «إنه يوم جيد للعمال والأسر الأميركية. لقد شهدنا خلق أكثر من 250 ألف وظيفة جديدة في شهر سبتمبر. وشهدنا انخفاض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة في وقت عادت فيه معدلات التضخم إلى مستويات ما قبل الجائحة».

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التوقعات التي أصدرها المسؤولون إلى جانب قرارهم بشأن أسعار الفائدة في سبتمبر يشيران إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في الاجتماعين الأخيرين من العام.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)

ويتم استخدام مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين لإبلاغ مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، والذي من المقرر إصداره في وقت لاحق من هذا الشهر.

وتتوقع «بلومبرغ» قراءة خافتة لمؤشر أسعار المستهلك في سبتمبر، رغم قراءة أساسية أكثر قوة، مضيفة أنه «إذا ما وضعنا في الحسبان تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي، فمن المرجح أن يكون التضخم الأساسي قد نما بوتيرة تتفق مع الهدف البالغ 2 في المائة». وقالت «في المجمل، لا نعتقد أن التقرير سيفعل الكثير للتأثير على ثقة لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في أن التضخم يسير في اتجاه هبوطي دائم».

ومن المتوقع أيضاً أن يُظهِر تقرير أسعار المنتجين يوم الجمعة -وهو مقياس للضغوط التضخمية التي تواجهها الشركات- تضخماً أكثر هدوءاً. وفي اليوم نفسه، تصدر جامعة ميشيغان مؤشرها الأولي لثقة المستهلك لشهر أكتوبر (تشرين الأول).