تشكيلة «بيرلوتي»... كلاسيكية تتودد للشباب بالألوان

بدلات للرجل يمكن للمرأة سرقتها منه بسهولة  -  النقشات كانت سمة من سمات هذه التشكيلة  -  الدمج بين الكلاسيكي والـ«سبور»  -  عارضة في عرض رجالي
بدلات للرجل يمكن للمرأة سرقتها منه بسهولة - النقشات كانت سمة من سمات هذه التشكيلة - الدمج بين الكلاسيكي والـ«سبور» - عارضة في عرض رجالي
TT

تشكيلة «بيرلوتي»... كلاسيكية تتودد للشباب بالألوان

بدلات للرجل يمكن للمرأة سرقتها منه بسهولة  -  النقشات كانت سمة من سمات هذه التشكيلة  -  الدمج بين الكلاسيكي والـ«سبور»  -  عارضة في عرض رجالي
بدلات للرجل يمكن للمرأة سرقتها منه بسهولة - النقشات كانت سمة من سمات هذه التشكيلة - الدمج بين الكلاسيكي والـ«سبور» - عارضة في عرض رجالي

حوار ممتع جرى بين المرأة والرجل في عرض «بيرلوتي» الأخير في ميلانو، والجميل في كل التصاميم أنها أنيقة وعصرية رغم تركيزها على خطوط كلاسيكية. الجميل فيها أيضاً أنه كان من السهل على المرأة أن تسرق منها أي بدلة من البدلات التي كانت موجهة للرجل، وهو ما يُفسر الاستعانة بعارضات أزياء، مثل بيلا حديد، في عرض من المفترض أن يقدمه عارضون. السبب كما تبين الصور هو إبراز جمالية البدلة المفصلة من جهة، وأنها لا تقتصر على جنس معين من جهة ثانية.
المدير الفني للدار، كريس فان أش، شرح أنه عاد إلى أرشيف الدار ليغرف منه ويأخذ منه بعض الأفكار، مؤكداً أنه وجد فيه كنوزاً لا تقدر بثمن. فالدار تأسست في عام 1895، وتوالى عليها حتى الآن أربعة أجيال من صناع الأحذية الجلدية، ترك كل جيل منهم بصمته وأثره.
لهذا ليس غريباً أن تستحضر التشكيلة التي قدمها كريس فان أش مؤخراً في باريس، هذا الإرث، مع إضافة جُرعة من الجُرأة تجلت في الألوان والنقشات. المصمم البلجيكي الأصل تفنن أيضاً في مزج التصاميم الرياضية مع الرسمية، لخلق إطلالات ديناميكية تخاطب الشباب. مثلاً كانت هناك بدلة رمادية مائلة إلى الأزرق تتميز بتصميم متهدِّل عند الأكتاف، تم تنسيقها مع كنزة بياقة عالية قرمزية اللون، عوضت عن ربطة العنق، وحذاء رياضي باللونين الأزرق والأحمر. في أخرى ظهر حذاء أكسفورد «أليساندرو» الكلاسيكي المطلي بالزنجار، وهي تقنية تفخر بها الدار، مع حقيبة من قماش «الكنفا» ناعمة تناسب الإجازات والأيام العادية، في دمج مثير بين «الكاجوال» والرسمي.
كان الغرض من هذا التناقض المتناغم أن يعكس واقع حياة سريعة الوتيرة، تتطلب الطابع المريح والأنيق في الوقت ذاته.
ولأن تاريخ الدار يرتبط بالجلود وصناعة الأحذية، وهذا يعني قدرة عجيبة على تطويع هذه الخامة من قبل حرفييها، كانت هناك بدلة من الجلد المطلي بالزنجار، استعرض فيها المصمم قدراته في التفصيل وتنعيم الذكوري على حد سواء.
بدورها، تميزت السترات المصنوعة من صوف الخروف بجُرأة واضحة من ناحية التصاميم والألوان والنقشات، وهو ما جنبها الرسمية التي يفرضها التفصيل عادة.
لم يخفِ المصمم البلجيكي الأصل اهتمامه بنقشة المربعات «برينس أوف ويلز»، والمربعات المنحرفة، والنقشة المتعرجة والمتباعدة، فقد استعملها بسخاء حتى يُضفي على البدلات بُعداً شبابياً.
القمصان الحريرية هي أيضاً صُممت بنقشات خادعة للبصر، مستوحاة من إرث الدار، شملت قميصاً محبوكاً بلون البيج الجملي، تتخلله مربعات مطرزة بشكل منحرف، إلى جانب جاكيت بقلنسوة من جلد العجل، تم تزيينه يدوياً بنقشة المربعات.
كان مهما - كما تقول الدار - أن يزاوج كريس فان أش بين الأنماط التقليدية والتصاميم الرياضية، ليس في الخطوط والقصات فحسب؛ بل للتخفيف من الرسمية، وإدخال كل قطعة إلى خزانات الشباب في وقت يطغى فيه الأسلوب الرياضي على الساحة. وهذا ما يُفسر أن هذه النقشات زينت - حتى المعاطف المصنوعة من صوف الخروف - بنمط «الإنتارسيا» للاستعاضة عن الفرو الصناعي، بينما يستحضر «بلوزون» أخضر، التعاون القديم بين بيير جانيريه و«بيرلوتي» في تصميم الأثاث.
كان واضحاً أن المصمم حرص على أن تأتي التشكيلة غنية بالتفاصيل، وبروح «سبور»، حتى إذا لم ترق للذائقة التي تعودت على الكلاسيكي، فإن الاكتفاء بالأكسسوارات يبقى دائماً ضمن المضمون، في دار تأسست أساساً على صناعة الأحذية.


مقالات ذات صلة

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

لمسات الموضة أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

بيضة بمليون دولار.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)

كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

من المفترَض ألا يفاجئنا المصمم برونيللو كوتشينيللي، وهو يقدم لنا درساً عن الزواج المثالي بين الإبداع البشري وقدرات الذكاء الاصطناعي، وهو الذي يبيع لنا بدلات…

جميلة حلفيشي (لندن)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)
من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)
TT

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)
من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

إذا كانت من عبارة تختصر مجموعة المصمّم نمر سعادة لعريس صيف 2024، فهي حتماً «الخروج من العلبة»، ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

الزهريّ، والأخضر، والنبيذيّ الفاتح؛ نجومٌ في المجموعة، وهي ألوانٌ تتناسب وحفلات الزفاف التي تُقام صيفاً في الهواء الطلق، وعلى شاطئ البحر، على ما يشرح سعادة لـ«الشرق الأوسط». هذه الجرأة في الألوان لا تُغيّب الكلاسيكيّة والأناقة في القَصّات، «لكني حرصتُ على إضفاء لمسة فرح وسط الأجواء الداكنة التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط»، يقول سعادة.

هي المرة الأولى التي يصمّم فيها سعادة بدلات ملوّنة للعرسان (دار أزياء نمر سعادة)

اليد على القلب

لكن مَن هو العريس الذي سيتجرّأ على ارتداء ألوان كهذه في حفل زفافه؟ يصرّ المصمّم على أن «هذا النمط من البدلات مطلوب جداً، وهي لها إطارها الخاص، لا سيّما أن الأعراس في الهواء الطلق موضة رائجة»، أضِف إلى ذلك أنّ الرجل العربيّ بات يغامر أكثر عندما يتعلّق الأمر بهندامه. فوفق ما يؤكّد سعادة: «الرجل في مصر، والخليج العربي تحديداً، لا يتردّد في اتّباع الموضة، حتى وإن كانت جريئة على مستوى الألوان والتصاميم».

لا يُخفي سعادة أنه، وكما في كل مرة يُطلق مجموعة جديدة، «يضع يدَه على قلبه»؛ ترقُّباً لردود فعل الزبائن والمتابعين، «وهذه المرّة الترقّب أكبر من أي مرة؛ لأنها مجموعتي الأولى بالألوان للرجال، والعرسان منهم تحديداً».

يقول سعادة إن الرجل العربي مغامر في هندامه (دار أزياء نمر سعادة)

الداكن للأقلّ جرأةً

أما لمَن ليس مستعداً لارتداء سترة زهريّة، أو سروالاً أخضر، فالبديل جاهز؛ إذ تضمّ مجموعة «عريس 2024» بدلاتٍ أقرب إلى الكلاسيكيّة باللونَين الأسود والأبيض، تأخذ هذه المجموعة من الـ«Tuxedo» في الاعتبار التناسق بين الجسم وحركته، ويتعمّد سعادة إظهار الجسم مرسوماً من خلال خطوطه الدقيقة.

ويوضح أنه «غالباً ما يكون من الصعب استخدام الكثير من التفاصيل في بدلات الأعراس الرجاليّة، لذلك يصبح الحذر سيّد الموقف من حيث الأقمشة والموديلات». أهمّ ما في الأمر بالنسبة إلى سعادة ومعاونيه، أن يقدّموا جديداً يتقبّله الرجل الشرقيّ ولا ينفر منه.

تضمّ مجموعة «عريس 2024» بدلات كلاسيكيّة بألوانها وتصاميمها (دار أزياء نمر سعادة)

للعريس الذي قرّر اعتماد كلاسيكيّة الأسوَد، يمنح سعادة «البدلة شخصيّة، من خلال استعمال الأقمشة المناسبة، على أن تكون الـ(Tuxedo) على أقصى حدّ من البساطة».

في هذه المجموعة استخدم المصمّم الأقمشة الأوروبية الفخمة، مثل «Europiana» و«Dormeo»، إضافةً إلى «Wool 150» الذي يمتزج في بعض التصاميم مع الحرير. يقول إنه استوحى من عشرينات القرن الماضي، وهي الفترة التي شهدت صعود فخامة الملابس الرجاليّة، من تلك الحقبة استرجع سعادة تصميم الـ«Dubetti» للجاكيت، مضيفاً إليها لمسة خاصة من خلال الياقة بقماش «الساتان»، أما البنطلون فيتميّز بالخطّ العريض على جانبَيه، الذي يتلاقى وقماش الياقة؛ تكريساً للتناغم بين القطعتين الأساسيتين في تصاميم البدلات.

استخدم سعادة في مجموعته أصنافاً متنوّعة من الأقمشة الأوروبية الفخمة (دار أزياء نمر سعادة)

بدلة رجّاليّة للمرأة القويّة

في عصر المساواة بين الرجل والمرأة، والشعارات التي تنادي بتمكين الأخيرة، يحوّل نمر سعادة الشعار فعلاً على طريقته، وبما تتيح له أقلامه ومقصّاته. فمنذ سنتَين قرّر المصمّم أن يُطلق خَطّه الخاص بالأزياء النسائية؛ «إذا أردنا أن نضع علامتنا التجارية على خريطة الأزياء العالمية، فلا بدّ من خوض المجالَين، أي الموضة النسائية والرجالية، هكذا تفعل كل دُور الأزياء المعروفة»، يوضح سعادة.

لم يدخل ساحة الأزياء النسائية من الباب المتعارَف عليه، أي فساتين الأعراس والسهرة، فقد ابتكر سعادة خطاً خاصاً به، ناقلاً البصمة الرجالية إلى ثياب المرأة، «اخترتُ هوية تُشبهني، وتتلاقى ونظرتي للمرأة، انطلقتُ من نقطة قوّتي فألبستُها البدلة ذات القَصّة الرجاليّة»، يقول.

قبل سنتَين قرّر سعادة خوض تصميم الأزياء النسائية (دار أزياء نمر سعادة)

جولةٌ سريعة بين مجموعات سعادة النسائيّة تؤكّد الأمر، فعارِضاتُه يرتدين الجاكيتات ذات الأكتاف العريضة، والبناطيل المصمّمة على الطريقة الرجاليّة، ويوضح المصمّم رؤيته: «أنا أرى المرأة قوية وفاعلة في المجتمع، وغالباً ما تتفوّق على الرجل بشخصيّتها وقدرتها على التحمّل، وكما ألبستُ رجالاً ناجحين في مجالاتهم كالسياسيين والفنانين، أريد أن أُلبس تلك المرأة التي أقدّر».

خبرة أباً عن جدّ

يمثّل نمر سعادة الجيل الثالث من عائلةٍ احترفت لعبة الخيطان والإبر والأقمشة. من جدّه ووالده وأعمامه، أخذ الاسم والخبرة، لكنه أراد صناعة فرق والانتقال من لقب "خيّاط" إلى مرحلة "دار أزياء". كان له ما أراد بعد سنواتٍ أمضاها وهو "ينمو يداً بيَد مع المهنة"، ويدرسُها نظرياً وتطبيقياً وأكاديمياً.

حافظ سعادة على القَصّة الرجّاليّة فتفرّد بخطٍ نسائي خاص به (دار أزياء نمر سعادة)

خلال الحرب اللبنانية، استقرّ مصنع العائلة في القاهرة، «بعد انتهاء دوام المدرسة كنتُ أنتقل مباشرةً إلى معمل الخياطة، كنتُ في الـ14 من عمري»، يخبر سعادة. لا يجمّل الماضي بالادّعاء أن تصميم الأزياء كان شغفه، بل يقول بواقعيّة إن ظروف الحياة عجنَته به. مع مرور الوقت كان لا بدّ من أن ينصهرا، ويتحوّل عالم الموضة الرجالية إلى خبزه اليوميّ، أحبّ سعادة المهنة بالخبرة، لا بالفطرة.

مصمّم الأزياء اللبناني نمر سعادة (الشرق الأوسط)

بدلات القذّافي

تسلّق سعادة سُلّم تصميم الأزياء خطوةً خطوة، وعلى كل مفترق طريق فاجأته مكافأة، فُتحت له أبواب شخصياتٍ مؤثّرة في العالم العربي والعالم، فألبسَ الرئيس الليبيّ الراحل معمّر القذّافي عام 1999.

«تولّيتُ تلك المهمّة في سنّ صغيرة، استقبلني لـ10 دقائق من أجل أخذ المقاسات»، صمّم له مجموعة من البدلات المستوحاة من لباس العسكر، إضافةً إلى سترة الـ«Dubetti» البيضاء ذات الأوسمة والنياشين، التي عُرف بها القذّافي.

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذّافي مرتدياً من تصاميم سعادة عام 1999 (دار أزياء نمر سعادة)

ليس القذّافي الشخصية المؤثّرة الوحيدة التي ألبسَها المصمّم اللبناني؛ إذ طالت القائمة لتشمل عدداً من الحكّام والفنانين العرب. أما خارج الحدود العربية، فقد خلع كريستيانو رونالدو ملابس كرة القدم ليرتدي بدلة من تصميم نمر سعادة.