تونس: حكومة الفخفاخ «تنجو مؤقتاً» من ضغط المعارضة والنقابات

تونس: حكومة الفخفاخ «تنجو مؤقتاً» من ضغط المعارضة والنقابات
TT

تونس: حكومة الفخفاخ «تنجو مؤقتاً» من ضغط المعارضة والنقابات

تونس: حكومة الفخفاخ «تنجو مؤقتاً» من ضغط المعارضة والنقابات

حول فيروس «كورونا» المستجد الأنظار مؤقتاً عن حكومة إلياس الفخفاخ التونسية بعد الإعلان عن أول إصابة مؤكدة بالوباء القاتل، وخفف عنها الكثير من الضغوط بصفة ظرفية، حيث خفتت خلال الأيام الأخيرة حدة الانتقادات، التي كانت توجهها أحزاب المعارضة إلى الائتلاف الحاكم، وخاصة الحزب الدستوري الحر الذي تتزعمه عبير موسي، وأصبح خطاب «الوحدة الوطنية في المقابل هو الأكثر انتشاراً وسماعاً، خاصة بعد أن أعلن نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل (نقابة العمال)، تأجيل كل الاحتجاجات النقابية والإضرابات العمالية، وكذا المؤتمرات والاجتماعات العامة»، بالنظر إلى «الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، التي تتطلب تضامناً وتآزراً وطنياً، ووحدة بين الجميع»، وتجعل «محنة الحكومة مضاعفة»، بحسب تعبيره. كما أن تداعيات «كورونا» جعلت المواطنين يركزون على الخدمات الطبية بالمقام الأول، بدل تحقيق المطالب الاجتماعية. كما انضم إلى هذا القرار النقابي عدد من السياسيين، الذين تغاضوا عن خلافاتهم، بعد أن بات وباء كورونا موحداً للجميع.
بناء على هذه التطورات والمستجدات الطارئة، يرى مراقبون أن حكومة الفخفاخ يمكن أن تخرج أكثر لحمة واتحاداً في حال نجحت في تخفيف الخسائر الاجتماعية والاقتصادية، خاصة بعد التقاء آراء الائتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة بخصوص الأزمة التي ضربت البلاد وهددت اقتصاده. غير أنها قد تواجه لاحقاً احتجاجات اجتماعية أكثر حدة بعد اختفاء الوباء، بحسب بعض المراقبين.
وكان حزب «قلب تونس»، الذي تتزعم المعارضة الممثلة في البرلمان، قد طالب حكومة الفخفاخ بتنفيذ الإجراءات الحكومية المعلن عنها «بكل دقة وجدية» لتجاوز المحنة التي تمر منها البلاد حالياً. كما دعا مؤيدوه إلى «وضع أنفسهم في خدمة الدولة لتقديم يد المساعدة والمساهمة في توعية التونسيين بدقة المرحلة». وفي هذا الشأن، قال سرحان الشيخاوي، المحلل السياسي التونسي، إن الصراعات السياسية «اختفت تماماً، وحل الخطاب الطبي والتقني مكان الخطاب السياسي المتوتر، وبات الحديث الأبرز هو كيفية الخروج بأخف الأضرار من وباء (كورونا) الذي انتشر في البلاد». مشيراً إلى أن «الاصطفاف خلف الإجراءات الرسمية، ودعم جهود الدولة في مكافحة المرض، التي يقودها إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة، وعبد اللطيف المكي وزير الصحة»، هو ما أفرز مساندة اجتماعية وسياسية للجهود، التي تقودها الحكومة، والتي يمكن الاستفادة منها لاحقا.
ويرى بعض المتابعين للشأن السياسي المحلي أن مختلف القرارات السياسية والنقابية تتماشى حاليا مع ما سبق أن أعلنه الفخفاخ من تحديات تواجهها تونس، وفي مقدمتها التحديات الاجتماعية والاقتصادية، ومشكلة البطالة والديون الخارجية، علاوة على ما سيخلفه فيروس «كورونا» من تأثيرات سلبية على الاقتصاد التونسي برمته. ووفق محللين، فإن مدى استفادة الحكومة من هذه المساحة الزمنية ستكون مرتبطة بمدى نجاحها في صياغة مخططات قادرة على استيعاب ما ستفرزه الأزمة الصحية من مشاكل اجتماعية واقتصادية. ويرون أنه بإمكان الحكومة أن تستفيد من تراجع أسعار النفط إلى مستوى 30 دولاراً، خاصة بعد أن اعتمدت خلال تحديد موازنة السنة الحالية على سعر مرجعي 65 دولاراً، إذ إن خبراء وزارة المالية التونسية يؤكدون على أن ربح دولار واحد في سعر النفط يعادل توفير نحو 120 مليون دينار تونسي (نحو 40 مليون دولار).


مقالات ذات صلة

ترمب يُروِّج لنظرية «تسرب كورونا من المختبر» عبر موقع «كوفيد» الحكومي

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يُروِّج لنظرية «تسرب كورونا من المختبر» عبر موقع «كوفيد» الحكومي

يدعم موقع إلكتروني اتحادي متخصص في فيروس «كوفيد-19»، كان يعرض معلومات عن اللقاحات والفحوصات والعلاج، الآن، نظرية أن الوباء نشأ نتيجة تسرب من مختبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تعرض الصفحة التي تشبه ملصقاً لأحد أفلام هوليوود عنواناً وهو «تسريب المختبر» (البيت الأبيض)

البيت الأبيض يدشن صفحة تدعم نظرية نشوء «كورونا» داخل مختبر

دشّن البيت الأبيض، الجمعة، صفحة إلكترونية جديدة حول أصول نشأة فيروس كورونا، على موقعه الرسمي يدعم فيها النظرية القائلة بأن «كوفيد-19» نشأ داخل مختبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس «كورونا المستجد» بقسم «كوفيد - 19» داخل مستشفى في بيرغامو... 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» تضع اللمسات الأخيرة على «اتفاق الجوائح»

تجتمع الدول الأعضاء بمنظمة الصحة العالمية، اليوم (الثلاثاء) في جنيف، على أمل وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق الجوائح، بعد التوصل إلى اتفاق «مبدئي» الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم مقر «منظمة الصحة العالمية» في جنيف (أ.ف.ب)

أعضاء «منظمة الصحة العالمية» يقتربون من اتفاق لمواجهة الأوبئة

يقترب أعضاء «منظمة الصحة العالمية» من التوصل إلى اتفاق بشأن معاهدة للاستعداد للأوبئة التي قد تحدث في المستقبل.

صحتك المزاج قد يؤثر على فاعلية بعض اللقاحات (أ.ف.ب)

المزاج الجيد قد يحسّن فاعلية بعض اللقاحات

كشفت دراسة جديدة أن المزاج الجيد يمكن أن يُعزز فاعلية بعض اللقاحات، التي تعتمد على  تقنية الحمض النووي الريبي المرسال أو«mRNA»، مثل لقاح «كوفيد-19».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».