الحوثيون يستثمرون «الوباء» لحشد المجندين

عاملة في ورشة لحياكة الكمامات بصنعاء أمس (إ.ب.أ)
عاملة في ورشة لحياكة الكمامات بصنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يستثمرون «الوباء» لحشد المجندين

عاملة في ورشة لحياكة الكمامات بصنعاء أمس (إ.ب.أ)
عاملة في ورشة لحياكة الكمامات بصنعاء أمس (إ.ب.أ)

على رغم إعلان الجماعة الحوثية وقف عمل المدارس والجامعات خشية انتشار فيروس «كورونا المستجد»، كما تزعم، فإنها ماضية على قدم وساق في إقامة عشرات الفعاليات والاحتفالات الحاشدة في ذكرى مقتل مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي، بحسب ما أعلنته وسائل إعلامها.
وتزامن إصرار الجماعة على إقامة هذه الفعاليات ذات الصبغة الطائفية في صنعاء وغيرها من المحافظات، مع استغلالها انتشار الفيروس في العالم من أجل استقطاب مزيد من المجندين للقتال في صفوفها، بحجة أن ذلك هو السبيل الوحيد لحمايتهم من الإصابة بالمرض، وفق ما أفادت به مصادر محلية في صنعاء. وتتهم المصادر الميليشيات الحوثية بأنها تستغل كل جائحة أو وباء فيروسي للاستفادة منه بشتى الطرق والوسائل وتحويله إلى سلعة جديدة يمكن من خلالها التحشيد لجبهاتها القتالية من جهة، وجني ملايين الريالات عبر حملات الابتزاز والنهب المتخذة بحق اليمنيين من جهة ثانية. وأكدت المصادر أن ميليشيات الانقلاب، المسنودة من إيران، مستمرة في تنفيذ حملات تجنيد واسعة في صفوف الشبان في صنعاء للزج بهم في جبهات القتال، تحت ذريعة إنقاذهم من الإصابة بفيروس «كورونا».
وطبقاً لما أكدته المصادر، فقد وزعت الميليشيات الحوثية بالتزامن مع حملتها، إستمارات تجنيد تتضمن جميع بيانات المجندين الجدد لإرسالهم للقتال في جبهاتها القتالية المختلفة. ولم تستثن حملات التجنيد الحوثية، منذ مطلع العام الحالي، فئة أو جماعة أو مؤسسة في مناطق سيطرتها، إذ استهدفت طلبة المدارس والجامعات وموظفي القطاعات الحكومية والخاصة، وغيرهم من فئات وشرائح المجتمع.
ويعيش السكان في صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة للميليشيات حالة من الخوف والقلق الشديدين مع الانتشار المتسارع لهذا الفيروس عربياً وعالمياً. وأبدى عدد من السكان، في أحاديث لهم مع «الشرق الأوسط»، تخوفهم من وصول الوباء الخطير إلى مناطقهم، كونهم مروا بتجارب مريرة وأوضاع قاسية في ظل قبضة وحكم الميليشيات الحوثية التي لا تأبه، بحسب قولهم، لصحة وحياة اليمنيين كما تدعي، بل تكرس جلّ جهدها وطاقتها لابتزازهم ونهب مدخراتهم لصالح المجهود الحربي.
وأكدت قيادات في حكومة الانقلاب أن تفشي «كورونا» لا يعنيها. ونقلت وسائل إعلام الجماعة عن رئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور قوله خلال فعالية للجماعة، أول من أمس، إن «العالم يهرب من التجمعات اليوم هرباً من فيروس كورونا، وشعبنا اليمني ليس لديه شيء يخسره، فقد متنا من الكوليرا والدفتيريا وفيروسات كثيرة، والعالم لم يتحدث عن هذا الأمر، ومن الطبيعي أن يموت هؤلاء اليمنيون».
ووصف مراقبون محليون الإجراءات التي اتخذتها الميليشيات الحوثية على مضض للوقاية من «كورونا»، بأنها «مجرد إجراءات حوثية شكلية ليس لها أي أثر أو وجود على أرض الواقع». واعتبر المراقبون أن الميليشيات تحاول حالياً أن تظهر للعالم عبر وسائل إعلامها وعبر بعض القرارات والخطوات التي اتخذتها، أنها تحرص على صحة وحياة اليمنيين في مناطق سيطرتها، مع أنها هي من تقتل اليمنيين وتحرمهم من أبسط مقومات الحياة ومن المساعدات الإغاثية، وتفجر المنازل وتنهب ممتلكات الدولة.
ومنذ انقلاب الميليشيات على السلطة الشرعية، شهدت المناطق اليمنية الخاضعة لقبضة الجماعة تفشياً مخيفاً لعدد من الأمراض المستعصية والأوبئة، مثل «الدفتيريا» و«الكوليرا» وحمى الضنك وإنفلونزا الخنازير وغيرها. وذلك بالتوازي مع استمرار التدمير الممنهج من قبل الانقلابيين للقطاع الصحي، ونهب المساعدات الإغاثية الطبية المقدمة من المنظمات الدولية.
وعلى مدى السنوات الماضية، أطلقت منظمة الصحة العالمية حملات عدة للقضاء على تلك الأوبئة. وحذرت المنظمة أيضاً، في بيانات سابقة، من تحول الدفتيريا والكوليرا وغيرها، إلى أوبئة مهلكة تفتك باليمنيين. وتزامن ظهور عدد من تلك الأوبئة في اليمن، مع تصاعد تحذيرات أممية من أن البلاد على شفا أسوأ مجاعة في العالم منذ 100 عام، في ظل ما تعيشه معظم المناطق اليمنية من نقص حاد في المساعدات الطبية والأدوية، وإغلاق مرافق صحية كثيرة نتيجة الحرب التي أشعلها انقلاب الميليشيات.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».