اليمن يعلق الدراسة والقضاء ويوقف المنافذ والطيران

استنفار لمواجهة «كورونا» رغم عدم تسجيل إصابات رسمياً

TT

اليمن يعلق الدراسة والقضاء ويوقف المنافذ والطيران

على الرغم من عدم تسجيل أي إصابة مؤكدة، رسمياً، بفيروس كورونا على الأراضي اليمنية، إلا أن السلطات التابعة للحكومة الشرعية استنفرت جهودها لمواجهة أي انتشار محتمل عبر إجراءات عدة، شملت تعليق عمل المدارس والجامعات والقضاء وإغلاق المنافذ ووقف الطيران.
وطلبت وزارة الصحة، من كل فئات وقوى المجتمع، والمؤسسات التطوعية والتعليمية والإرشادية، والأحزاب السياسية والمنظمات والأفراد، التكاتف، ومساندة جهود الوزارة في مواجهة فيروس كورونا المستجد، ومنع وصوله إلى اليمن.
ودعا بيان رسمي صادر عن الوزارة، جميع المؤسسات والأفراد، إلى القيام بواجبهم الوطني والإنساني، كل من موقعه، ومساندة الوزارة وفرقها بالمنافذ والمحافظات بالأعمال التطوعية، والإسهام الفاعل في إنجاح مهمتها، وخططها، في مقدمة ذلك توعية المجتمع بطرق وأساليب وإجراءات الوقاية من العدوى.
وأكدت الصحة اليمنية على الدور المهم والحيوي لوسائل الإعلام المختلفة، ونشطاء منصات التواصل الاجتماعي، في هذا العمل. وقالت إن الأدوار الحكومية ليست بديلاً عن دور كل مواطن، داعية الجميع إلى عدم التعامل مع الشائعات المضللة، والاكتفاء بما تعلنه وزارة الصحة فقط.
وذكرت الوزارة، في بيانها، أنها تتابع عن كثب أعمال فرقها في مختلف المنافذ الجوية والبحرية والبرية، للقيام بدورها في مواجهة فيروس كورونا الوبائي، قبل وصوله إلى اليمن، كما تعمل على التواصل المستمر مع مكاتبها في المحافظات، من أجل القيام بكل المهام والإجراءات المقرّة من الوزارة، وكذا من منظمة الصحة العالمية.
وأكد البيان أن الوزارة «تعمل على توفير كل الإمكانات اللازمة للتصدي لهذا الوباء، وتوفير كل المستلزمات الوقائية والصحية، والتواصل مع مختلف الجهات الحكومية، كل فيما يخصه، من أجل تنسيق سبل المواجهة الصحية والتثقيفية والتوعوية، وتكامل الأدوار، لنجاح هذه المهمة الوطنية، حرصاً منا على سلامة أبناء شعبنا اليمني».
إلى ذلك، أكدت منظمة الصحة العالمية خلو اليمن من أي إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19). وقالت في بيان إنها تعمل مع وزارة الصحة اليمنية في عدن ومع الانقلابيين الحوثيين في صنعاء، لرفع جهود التأهب والاستجابة، حال ظهور حالة مؤكدة.
كانت الحكومة اليمنية عقدت اجتماعاً طارئاً قبل يومين برئاسة رئيس مجلس الوزراء معين عبد الملك، وأقرت عدداً من الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية لمواجهة «كورونا»، بناءً على توصيات اللجنة الوطنية للطوارئ من أجل سلامة وصحة جميع أبناء الشعب اليمني.
وتضمنت القرارات المتخذة تعليق الرحلات الجوية من جميع المطارات اليمنية وإليها، لمدة أسبوعين، ابتداءً من غدٍ الأربعاء، حتى يتم تعزيز الإجراءات والتجهيزات اللازمة للرصد والمراقبة بالتنسيق بين وزارة الصحة والجهات المختصة والسلطات المحلية. وتستثنى من ذلك الرحلات لأغراض إنسانية ونقل المساعدات الإغاثية، واستمرار تطبيق الإجراءات المشددة الخاصة بالفحص والحجر الصحي، إن لزم الأمر.
ووافق الاجتماع على إغلاق المنافذ البرية، باستثناء حركة الشحن التجاري والإغاثي والإنساني، ابتداءً من اليوم، والاستمرار في تطبيق الإجراءات المشددة للفحوصات اللازمة الخاصة بالوباء. وشدد الاجتماع على ضرورة تعزيز إجراءات الرقابة في الموانئ البحرية، واتخاذ كل ما من شأنه خضوع العاملين في سفن النقل للإجراءات والفحوصات اللازمة.
واعتمد الاجتماع تخصيص مليار ريال (الدولار 600 ريال) كموازنة طارئة لدعم قدرات القطاع الصحي، وتمكينه من اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية كافة، لحماية البلاد من «كورونا». كما تم إقرار التسريع بعملية استكمال شراء كميات أجهزة مخبرية للفحص السريع تم إقرارها، إضافة إلى الكميات السابقة التي تم شراؤها وتوزيعها في المنافذ الجوية والبرية والبحرية.
ووجه الاجتماع بتعليق الدراسة في المؤسسات التعليمية والخاصة، لمدة أسبوع، بشكل مبدئي، لضمان سلامة الطلاب ومنتسبي هذه المؤسسات، وتطبيق إجراءات وقائية.
وأقر مجلس القضاء الأعلى في عدن، أمس، تعليق العمل في المحاكم والنيابات، اعتباراً من غدٍ، واعتماد شهر شعبان 1441 هـ إجازة قضائية إلى جانب شهر رمضان، نظراً للحالة الوبائية التي تجتاح العالم، بسبب فيروس كورونا، ومساندة جهود الدولة بشأن الإجراءات المتخذة لمواجهة الوباء، وحفاظاً على سلامة القضاة وأعضاء النيابة والعاملين في السلك القضائي والمتقاضين والمحامين.
ووجه المجلس، رؤساء المحاكم ونيابات الاستئناف في المحافظات، بتكليف العدد الكافي للنظر والفصل في القضايا المستعجلة خلال الإجازة القضائية. كما وجه بالإشراف والرقابة على السجون وأماكن الحجز للتأكد من الاحتياطات الصحية اللازمة بالتنسيق مع الجهات الحكومية، بهدف الحفاظ على سلامة الموقوفين، والإفراج عن المتهمين بالقضايا غير الجسيمة بالضمان.
إلى ذلك، ناقشت السلطات المحلية في عدن وتعز وحضر موت وأبين التدابير اللازمة لمواجهة أي ظهور محتمل للوباء في المحافظات. وذكرت المصادر الرسمية أن اجتماعاً في تعز أقر تشغيل غرفة عمليات مركزية لمواجهة فيروس كورونا، وإعداد خطة متكاملة لكل جهة صحية، واحتياجاتها، والاستفادة من كوادر كلية الطب بجامعة تعز، وتوفير أجهزة مراقبة في مداخل المحافظة.
كما أقر الاجتماع تجهيز مواقع للحجر الصحي، والتشديد على النقاط العسكرية والأمنية في أداء مهامها، والحد من الازدحامات في الأسواق العامة وغيرها من أماكن التجمعات، وإشراك كل الفعاليات المجتمعية، بما فيها المساجد، في نشر التوعية في أوساط المواطنين بخطورة الوباء ووسائل انتقال العدوى وطرق الوقاية منه.
في السياق نفسه، أصدرت مؤسسة موانئ خليج عدن، تعميماً بإجراءات لمجابهة فيروس كورونا، تشمل حصر جميع السفن قبل إدخالها إلى الأرصفة، من دون استثناء، للتأكد من خلوها من هذا الوباء، ومنع إنزال البحارة، أو تغيير أطقم السفن، إلا بعد التأكد من قبل مندوبي صحة الموانئ من سلامتهم.
كما أقرت المؤسسة منع صعود أي شخص على السفن قبل إجراء فحصها من قبل مندوب صحة الموانئ في عدن، ومنع استقبال أي ركاب قادمين من الموانئ الأخرى، وتسهيل مهام مندوبي الصحة للقيام بواجبهم في تنفيذ الإجراءات اللازمة الخاصة بهذا الشأن.
في سياق متصل، أعلن مدير منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية، مطلق الصيعري، إغلاق المنفذ، ابتداءً من أولى ساعات اليوم، باستثناء حركة الشحن التجاري والإغاثة الإنسانية، تنفيذاً لقرار الحكومة بشأن الإجراءات التنفيذية لمواجهة «كورونا». وأكد الصيعري، في تصريحات رسمية، أنه «تم إجراء فحوصات مجانية في المنفذ لقرابة 32 ألف مسافر»، مؤكداً أن «جميع نتائج الفحوصات سليمة».


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».