تعاني بعض المدن الليبية من نقص حاد في الوقود، وذلك لأسباب عدة، تتعلق بصعوبة نقله عبر طرق غير آمنة، أو تهريبه إلى خارج البلاد، بالإضافة إلى توقف إنتاج النفط مؤخراً، مما أدى إلى ارتفاع أسعاره في «السوق السوداء» بشكل مبالغ فيه.
وقال مواطنون في جنوب البلاد، ومن مدينة بني وليد (شمال غربي ليبيا)، إن مناطقهم تتعرض لنقص حاد في الوقود منذ الشهر الماضي، وإن أجهزة الدولة عاجزة عن توفيره ونقله إليهم، مما يعرضهم للابتزاز من السوق السوداء. وقال عضو مجلس النواب الليبي علي السعيدي إن انشغال الجيش بمعركته في الحرب على الإرهاب بالعاصمة طرابلس أدى إلى بعض الخلل في مراقبة عمليات التهريب للسوق السوداء أو خارج حدود البلاد، مشيراً إلى وجود قوات مدنية وعسكرية في مدن الجنوب «لكنها غير كافية لمراقبة الصهاريج والشحنات المهربة عبر الحدود ومن الصحراء الواسعة»، مؤكداً أن «الأمر يتطلب مزيد من الأموال والعناصر والآليات، كما أن حكومة شرق البلاد لا تملك المال».
ويرفض السعيدي، وهو نائب عن شعبية وادي الشاطئ، جنوب غربي البلاد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التبريرات التي تصدرها مؤسسة النفط الوطنية بطرابلس، من أن إغلاق الحقول هو السبب وراء نقص الوقود وزيادة أسعاره، إذ يقول: «الحقول النفطية توقفت عن الإنتاج قبل ذلك من عام 2013 إلى 2016، ومع ذلك كان الوقود متوافراً بالمدن الليبية كافة».
ولفت إلى أنه في فترة ما قبل الحرب على طرابلس «كان يتم تهريب النفط إلى دول كثيرة، بواسطة قيادات الميليشيات المسلحة في مصراتة والزاوية»، غرب البلاد. وتدعو المؤسسة الوطنية للنفط المواطنين إلى الاستعداد لمواجهة نقص محتمل للوقود خلال الأيام المقبلة، بسبب «الإقفال غير القانوني للمنشآت النفطية»، لكن هذه التحذيرات تنظر إليها بعض الأطراف في شرق البلاد على أنها تستهدف تأليب الليبيين على القبائل و«الجيش الوطني»، والضغط لإعادة تشغيل الموانئ.
وقال الناشط المدني عبد السلام الحداد لـ«الشرق الأوسط» إن «مشهد اصطفاف الأهالي بسياراتهم في طوابير ممتدة لساعات طويلة، أو حتى المبيت أمام محطات الوقود، بات اعتيادياً في أغلب بلدات ومناطق الجنوب الليبي»، وتابع: «نحن نعاني منذ عام 2013 بسبب عمليات تهريب الوقود إلى خارج البلاد».
ويلفت الحداد، وهو من مواطني مدينة غات، إلى أن سعر لتر الوقود الرسمي نصف دينار، لكنه يباع بأكثر من 4 دنانير في السوق السوداء (الدولار مقابل 4.35 دينار). وقال إن سعر أسطوانة غاز المنازل يتخطى سعرها أحياناً 90 ديناراً. ولم ينفِ الحداد تعمق الأزمة بسبب قرار إغلاق الحقوق النفطية منتصف يناير (كانون الثاني)، وقال إن وقف إنتاج النفط رفع سعر صرف الدولار، وبالتبعية ارتفع سعر الوقود بسبب السماسرة وتجارة السوق السوداء، وتابع: «شحنات الوقود التي كانت تصل إلينا من غرب البلاد توقفت مع بداية حرب (الجيش الوطني) على العاصمة». وكانت مؤسسة النفط الوطنية، ومقرها طرابلس، قد ألقت بالمسؤولية على شركات التوزيع في المناطق الجنوبية، واتهمتها بـ«زيادة سعر الوقود وبيعه بأكثر من 10 أضعاف سعره العادي».
أزمة نقص الوقود تعمّق معاناة مدن جنوب ليبيا
أزمة نقص الوقود تعمّق معاناة مدن جنوب ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة