تقلبات النفط تزيد نزيف السوق الروسية للأسبوع الثاني

وكالات تتوقع خسائر إضافية للروبل... وتدني أرباح القطاع المصرفي

تقلبات النفط تزيد نزيف السوق الروسية للأسبوع الثاني
TT

تقلبات النفط تزيد نزيف السوق الروسية للأسبوع الثاني

تقلبات النفط تزيد نزيف السوق الروسية للأسبوع الثاني

لم تتمكن السوق الروسية من الخروج يوم أمس عن «مسار الهبوط» الذي هيمن عليها منذ تراجع أسعار النفط مطلع الأسبوع الماضي. ومع الافتتاح هذا الأسبوع، تراجعت مؤشرات بورصة موسكو، وكذلك الأمر بالنسبة للروبل الروسي الذي زادت خسائره أمام العملات الرئيسية.
وبينما وصف الكرملين ما يجري في السوق الروسية بأنه «أمر متوقع»، حذرت وكالة «بلومبرغ» من خسائر إضافية للروبل الروسي. ومن جانبها، عرضت أقدم وكالة تصنيفات ائتمانية في روسيا توقعاتها للمرحلة المقبلة، ولم تستبعد انضمام المركزي الروسي إلى «حملة» تخفيض سعر الفائدة، وقالت إن خسائر البنوك الروسية قد تصل حتى 25 في المائة، محذرة من تسارع التضخم حتى 7 في المائة، ومعدل نمو «قرب الصفر» إن سارت الأمور وفق «السيناريو الأسوأ».
ورغم «تأثير إيجابي» كان يفترض أن يخلفه قرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتخفيض سعر الفائدة، في محاولة للحد من «مخاطر كورونا» على الأسواق، وانضمام بنوك مركزية في اقتصادات عالمية كبرى أخرى، بينها اليابان إلى حملة تخفيض سعر الفائدة، واصلت مؤشرات السوق الروسية تراجعها للأسبوع الثاني على التوالي، متأثرة بتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، والمخاوف من «كورونا». وعند الافتتاح صباح أمس، انخفض مؤشر بورصة موسكو للأسهم المقومة بالدولار «MICEX» بنسبة 3.15 في المائة، حتى 2243.1 نقطة، وانخفض المؤشر للأسهم المقومة بالروبل «RTS» بنسبة 1.83 في المائة، حتى 973.5 نقطة. وتسارع تراجعهما في الساعات التالية. وحسب نشرة بورصة موسكو عند الساعة 14:35 بعد الظهر، تراجع مؤشر الأسهم المقومة بالروبل إلى 928.8 نقطة، أي انخفض بنسبة 6.4 في المائة عن إغلاق نهاية الأسبوع الماضي، وتراجع مؤشر الأسهم المقومة بالدولار إلى 2220 نقطة، أي انخفض بنسبة 4.3 في المائة.
كما لم يخرج الروبل عن «مسار الانهيار» الذي دخله منذ مطلع الأسبوع الماضي. وتحت تأثير العوامل ذاتها (تقلبات النفط والمخاوف من كورونا)، بدأ يتراجع أمام العملات الصعبة منذ الدقائق الأولى لافتتاح بورصة موسكو، وفي الساعات التالية زادت خسائره، وعند 11.30 قبل الظهر انخفض بنسبة 4.1 في المائة عن آخر إغلاق أمام العملة الأوروبية، حتى 84.05 روبل لليورو الواحد، وبنسبة 3.15 في المائة أمام العملة الأميركية، حتى 74.88 روبل للدولار الواحد. ومن جانبه، خفض المركزي في نشرته الرسمية لأسعار العملات، سعر صرف الروبل اليوم (الثلاثاء) حتى 74.12 روبل للدولار، و82.74 روبل لليورو. وفي تعليقه على هذا الهبوط المستمر للسوق الروسية، قال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، في تصريحات أمس، إن «الوضع في أسواق المال، نتيجة سلبية للتقلبات العالمية، كانت متوقعة»، وحمل المسؤولية عنها للوضع المتصل بانتشار فيروس كورونا، متجاهلاً تأثير هبوط النفط على السوق الروسية، وأضاف: «نرى حالياً في أسواقنا رد الفعل على تلك التقلبات العالمية».
من جانبها، حذرت وكالة «بلومبرغ» من خسائر إضافية للروبل، وقالت في تقرير أمس، إن «عملات عدد كبير من الاقتصادات الناشئة قد تهبط أكثر من ذلك، في حال كان انخفاض المؤشرات في السوق الأميركية، بسبب فيروس كورونا، قوياً كما كان خلال الأزمة العالمية 2007 - 2008». ومن بين العملات مع «آفاق سيئة»، جاءت الليرة التركية بالمرتبة الأولى وتوقعت «بلومبرغ» أن تزيد خسائرها، وأن تتراجع بنسبة 39 في المائة أمام الدولار. أما الروبل الذي جاء في المرتبة الثانية، فقالت إنه سيتأثر بالدرجة الأولى بهبوط أسعار النفط، وبعد خسارته 18 في المائة أمام الدولار خلال الأسبوع الماضي، تتوقع الوكالة أن تُضاف إليها خسائر جديدة، بنسبة 29.5 في المائة. وبالنظر إلى سعر الدولار يوم أمس نحو 75 روبلاً، تعني الخسائر الإضافية التي تتوقعها «بلومبرغ» أن سعر الصرف سيصل تقريباً إلى 97 روبلاً للدولار الواحد.
ولم تكن توقعات مؤسسات مالية روسية أفضل من تلك التي أشارت إليها «بلومبرغ»، وفي تقرير نشرته على موقعها الرسمي تحت عنوان «توقعات القطاع المصرفي الروسي لعام 2020: التقلبات الربيعية»، قالت وكالة «إكسبرت را»، وهي أقدم وكالة روسية للتصنيفات الائتمانية، إن «هبوط العملة الروسية على خلفية أسعار نفط متدنية، سيؤدي إلى تسارع وتيرة التضخم، وتجاوزها المستوى المستهدف الذي حدده البنك المركزي الروسي بمعدل 4 في المائة»، وبالتالي ترى الوكالة أن «المركزي قد يزيد سعر الفائدة بمعدل 1.5 أو 1 نقطة أساس، حتى نهاية 2020. ووتيرة نمو الاقتصاد الروسي ستتباطأ حتى معدل قرب الصفر».
وفي «سيناريو التوقعات السلبي المعتدل»، يتوقع خبراء الوكالة أن يصل سعر النفط حتى 40 أو 45 دولاراً للبرميل، لكنهم يحذرون من أنه في حال غياب اتفاق حول استئناف العمل بموجب اتفاق «أوبك+»، قد يتراجع السعر أدنى من 35 دولاراً للبرميل، وتتسارع وتيرة التضخم حتى 7 في المائة، ويرتفع سعر الفائدة حتى 9 في المائة (السعر الحالي 6 في المائة)، و«عندها تنعدم الجدوى الاقتصادية لدعم الروبل بالنسبة للبنك المركزي الروسي، لأنه (الدعم) سيستهلك الاحتياطات»، وبناء عليه ترى الوكالة أن «عدم التدخل من جانب المركزي سيؤدي إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية، وينشط الظروف للانتقال إلى سيناريو الأزمة».
وبالنسبة لتداعيات الوضع الراهن على القطاع المصرفي، تتوقع وكالة التصنيفات الائتمانية الروسية أن تتراجع أرباحه بنسبة 20 أو 25 في المائة عام 2020، أي حتى 1.2 أو 1.3 تريليون روبل، مقابل 1.6 تريليون روبل عام 2019. مع ذلك ترى أن القطاع المصرفي اليوم أكثر استقراراً في مواجهة الأزمات مما كان عليه خلال الأزمتين 2008 و2018، وتحيل ذلك إلى «تطهير القطاع المصرفي» وخروج اللاعبين الصغار من السوق، وزيادة تركيز الحصة الأكبر من القطاع لصالح المصارف الحكومية.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).