المسماري: متمسكون بإخراج «المرتزقة» من طرابلس

قال إن الجيش يسيطر على 90 % من العاصمة وملتزم بحماية المدنيين

عناصر ميليشيا تابعة لحكومة السراج على أطراف طرابلس أمس (أ.ف.ب)
عناصر ميليشيا تابعة لحكومة السراج على أطراف طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

المسماري: متمسكون بإخراج «المرتزقة» من طرابلس

عناصر ميليشيا تابعة لحكومة السراج على أطراف طرابلس أمس (أ.ف.ب)
عناصر ميليشيا تابعة لحكومة السراج على أطراف طرابلس أمس (أ.ف.ب)

شدّد المتحدث باسم «الجيش الوطني الليبي» اللواء أحمد المسماري على تمسك قواته بـ«إخراج المرتزقة» من طرابلس، مشيراً إلى أن عدم حسم معركة طرابلس، رغم قرب مرور عام على انطلاقها «يعود بالدرجة الأولى إلى التزام القيادة العامة للجيش الوطني بالحفاظ على المدنيين والممتلكات داخل العاصمة»، التي تضم تقريباً أكثر من مليوني مواطن «تتخذهم الميليشيات والجماعات الإرهابية دروعاً بشرية».
وشدد المسماري، في مؤتمر صحافي عقده في أحد فنادق القاهرة، أمس، على أن «إعلانات القيادة العامة للجيش أنها تسيطر على أكثر من 90 في المائة من أرضي طرابلس ليست محل تشكيك، وإن كانت تتضمن إلى جوار السيطرة العسكرية المباشرة للجنود على الأرض، سيطرة على كامل المجال الجوي».
وأشار إلى أن «القيادة العامة للجيش لم تحدد توقيتاً معيناً لدخول العاصمة، كون أن لكل معركة حساباتها، ولا أحد يعرف متى ستنتهي المعركة الراهنة أو أين... فقد تنتهي بالجنوب أو الشرق؛ كون المعركة التي يخوضها الجيش حالياً هي ضد الإرهاب، وبالتالي أينما وجد الإرهاب سيكون هناك ما يقرب من 85 ألف مقاتل من الجيش الوطني في انتظاره».
وشدد في الوقت نفسه على أن «الجيش لم يتردد عن قبول الانخراط في المساعي نحو الحل السياسي، لكن كانت النتيجة دائماً إفشالها من قبل الطرف الآخر». وكشف للمرة الأولى أن عدد ضحايا الجيش وصل إلى أكثر من 7 آلاف قتيل، فضلاً عن آلاف الجرحى، وإن لم يحدد المدة الزمنية التي سقط خلالها هؤلاء. وأكد أن «الجيش متمسك بخروج المرتزقة والقوات التركية»، وأنه «استطاع بالفعل استهداف القوات التركية في معيتيقية ونجم عن ذلك سقوط قتلى بصفوف الأتراك».
ورفض المسماري التعويل على ما يُطرح من وجود مسارات جديدة للحل السياسي عبر استبدال رئيس حكومة «الوفاق» فايز السراج بوزير داخليته فتحي باشاغا، ليكون ذلك مدخلاً للحل، في ظل حديث عن محاربة باشاغا للميليشيات في العاصمة. وقال: «الحقيقة أن وزير الداخلية يحاول السيطرة على العاصمة عبر ميليشيات مصراتة الموالية له، وعبر ما تم جلبه من مرتزقة، والكل يعرف ذلك المخطط ويعارضه داخل العاصمة».
وأعرب المسماري عن أمله في ألا يواصل المبعوث الأممي الجديد «المسارات الخاطئة نفسها التي اعتمد عليها من سبقوه في التعامل مع الأزمة باعتبارها أزمة سياسية، وتجاهل حقيقة كونها أزمة أمنية بالمقام الأول». وأشار إلى أن «عدد المرتزقة السوريين الذين جلبهم الرئيس التركي رجب إردوغان إلى ليبيا بلغ 7500 شخص، فضلاً عن ألف ضابط وفرد تركي، وعملية جلب هؤلاء المرتزقة لا تزال مستمرة، ويتراوح معدل ما يصل للغرب الليبي من 300 إلى 400 مرتزق أسبوعياً». وقدر عدد «الإرهابيين الذين جلبتهم تركيا من (جبهة النصرة) و(داعش)» بنحو 2000 إرهابي.
واعتبر المتحدث أن العملية العسكرية التي ستطلقها الدول الأوروبية في البحر المتوسط لمراقبة منع وصول المرتزقة ومراقبة تطبيق حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، هدفها الأول حماية الشواطئ الأوروبية لا أراضي ليبيا، موضحاً: «باتوا يعرفون أن إردوغان يبتزهم الآن بإرسال اللاجئين من سوريا، وبالمستقبل قد يبتزهم بإرسال الإرهابيين من ليبيا».
وقال المسماري: «رغم تحويل إردوغان الدولة الليبية لسوق دولية للبشر، فالليبيون جميعاً يدركون أن معركتهم مع إردوغان وأفكاره التي جعلت من تركيا مأوى يحتضن كبار قادة الإرهاب بالعالم، لا مع الشعب التركي». ووصف إردوغان بأنه «بات الأمير الفعلي لجماعة الإخوان والجماعات الإرهابية كافة»، متهماً إياه وقيادات حكومة «الوفاق» بـ«سرقة واستنزاف الثروات الليبية»، موضحاً أن «هناك أكثر من 50 مليار دينار ليبي هربت إلى تركيا... كما كان يشتري النفط السوري من (داعش) بسعر زهيد، وها هو يشتري النفط الليبي الخام وبأسعار زهيدة من جماعة (الإخوان)، التي تسيطر على المراكز والمؤسسات الاقتصادية الليبية ليبيعه للشركات الأجنبية في بلاده مع مضاعفة الأسعار، فضلاً عن سرقة مصنع كامل للأدوية ونقله لبلاده».
وقال إن القواعد العسكرية التي أنشأها الأتراك مواقعها في مصراتة وطرابلس وزوارة، إضافة إلى محطات رادار وصواريخ في مطار مصراتة وقرب معيتيقة. وجدد تأكيده أن الجيش الوطني «لا يحارب سعياً وراء سلطة أو ثروة نفطية، وإنما سعياً لضمان أمن واستقرار الدولة الليبية، وسيشرع عقب دحر الإرهاب في التوجه للمسار السياسي وإجراء انتخابات ديمقراطية».
وبخصوص التزام الجيش بالهدنة، رغم الشكوى من قيام قوات «الوفاق» والميليشيات المسلحة الموالية بخرقها يومياً، أجاب المسماري: «هذا قرار القائد العام، وإلى الآن نحن ملتزمون بالهدنة رغم رصدنا أكثر من 40 و50 خرقاً يومياً، منها خروقات بصواريخ (غراد)، وبالطائرات التركية المسيرة».
ولمح إلى الجيش قد قبل بالهدنة من البداية رغم تقدمه بدرجة كبيرة داخل العاصمة، كاستجابة لطلب الأصدقاء الروس ولإثبات حسن النيات للعالم.
ورغم نفيه أنباء ترددت عن زيارة المشير خليفة حفتر لسوريا مؤخراً، رفقة وفد عسكري، ولقائه مع قيادات بجهاز المخابرات السوري، لم يغلق المتحدث العسكري الباب كلياً، ملمحاً لإمكانية أن يكون «هناك تعاون استخباراتي مستقبلي مع الدولة السورية، وتحديداً بشأن الملفات الأمنية لمن ذهب لسوريا من الليبيين بداية الأزمة السورية أو من وفد من المرتزقة السوريين إلى ليبيا بالشهور الأخيرة».
وكان الجيش الوطني الليبي، بقيادة حفتر، أعلن، أمس، إسقاط طائرة «درون» تركية هي الأحدث من نوعها في سلسلة الطائرات المماثلة التي أسقطها منذ بدء هجومه في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي لتحرير طرابلس. وطبقاً لبيان بثته شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش، فإن «منصات الدفاع الجوي التابعة له في قاعدة الجفرة العسكرية أسقطت طائرة تركية مسيرة تعمل على عمليات الرصد والتصوير، بعدما تم رصدها تحوم فوق سماء القاعدة».
وقال مسؤول بارز في «الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» إن «الطائرات المسيرة التركية أصبحت كاللعبة بيد دفاعاتنا الجوية». لكنه لفت في المقابل إلى «قيام تركيا على ما يبدو بتزويد الميليشيات الموالية لحكومة السراج بذخائر مدفعية بأعداد كبيرة»، موضحاً أن «هذه الميليشيات لم تكن تمتلك مؤخراً الذخائر المدفعية، وأغلب رمايتها لا تنفجر، لأنها مخزَّنة بشكل سيئ، وأحياناً من دون صمام تفجير».
وأشار إلى أن «الأتراك زودوا الميليشيات بالمدفعية للتأثير في المناطق التي حررها الجيش، بهدف تسهيل وصول القذائف إليها، ما يسبب هلع المواطنين، خصوصاً بعد أن عجزت الميليشيات عن تحقيق أي تقدم ميداني». وأضاف: «بعد استهداف أطقم المدفعية التركية هرب الأتراك الذين يعملون على المدافع، وأصبحت الميليشيات هي من يستعمل هذه المدافع بشكل عشوائي لإيقاع الخسائر بالمدنيين».
في المقابل، تحدث آمر غرفة السيطرة في قوات «عملية بركان الغضب»، سالم أبوراي، الموالية لحكومة السراج، عن «التصدي لمحاولة تقدم في محوري صلاح الدين وعين زارة، قامت بها قوات الجيش الوطني التي تكبدت خسائر».



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».