تضارب أنباء حول المرشح لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة

مع انتهاء المهلة الدستورية لاختياره اليوم

TT

تضارب أنباء حول المرشح لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة

انتهت اليوم المهلة الدستورية الخاصة بتكليف رئيس وزراء جديد خلفا لرئيس الوزراء المنسحب محمد توفيق علاوي والمستقيل عادل عبد المهدي. علاوي خسر المنازلة في اليوم الأخير من مهلة تكليفه تشكيل الحكومة بسبب عدم اكتمال مقصود للنصاب داخل قبة البرلمان، بينما اختار المستقيل عبد المهدي ما سماه الغياب الطوعي هادفا بذلك مثلما يرى المقربون منه إلى توفير المزيد من الضغوط لاختيار بديل عنه.
رئيس كتلة السند في البرلمان العراقي أحمد الأسدي أعلن أمس أن اللجنة السباعية التي تمثل المكونات القيادية للكتل الشيعية اتفقت بعد سلسلة اجتماعات على اختيار شخصية متوافق عليها لرئاسة الحكومة للمرحلة المقبلة. وفيما لم يحدد الأسدي اسم المرشح فإنه أشار إلى أن «الجميع سيكون معه»، وهي إشارة بدت ملتبسة في ظل عدم وجود أي توافق على أي شخصية من قبل القوى السياسية بسبب عمق الخلافات فيما بينها.
لكن المصادر من داخل الغرف المغلقة للجنة السياسية ألمحت إلى أن نعيم السهيل، نائب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، هو المرشح الذي جرى التوافق عليه والذي تنافس مع عشرات المرشحين. وطبقا لما كشفه مصدر سياسي مطلع لـ«الشرق الأوسط» فإن «اللجنة السباعية ناقشت نحو 31 اسما مرشحا لرئاسة الحكومة لكنها انتهت إلى اختيار أربعة أسماء وهم محمد شياع السوداني النائب الحالي ووزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق وعلي الشكري كبير مستشاري رئيس الجمهورية ووزير التخطيط السابق والسفير لقمان فيلي ونعيم السهيل». وأوضح المصدر أنه «في الوقت الذي يملك كل عضو في اللجنة حق الاعتراض فإنه لا بد من حصول إجماع على أي اسم وهو أمر زاد من الأمور تعقيدا». وأشار إلى أنه «في ظل عدم إمكانية الإجماع على أي من هذه الأسماء فقد تقرر رفعها جميعا إلى الهيئة القيادية للتحالف الشيعي لتقرر ما تراه مناسبا».
وبينما تبدو حظوظ السهيل أكثر من سواه فإن لدى بعض قيادات الشيعة العليا توجها لاختيار أحد رؤساء الجامعات العراقية للتصدي لهذه المهلة. وبالفعل فقد جرى تداول اسم كل من الدكتور عماد الحسيني رئيس جامعة بغداد والدكتور منير السعدي رئيس جامعة العين في محافظة ذي قار لهذه المهمة. وفي هذا السياق يقول الباحث العراقي فرهاد علاء الدين، رئيس المجلس الاستشاري العراقي، لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة السباعية استبعدت قيادات الخط الأول الشيعية بهدف إتاحة الفرصة لقيادات الخط الثاني»، مبينا أن «هناك رأيا آخر تم طرحه ويتمثل باختيار مرشح مستقل من خارج السرب السياسي بأكمله وعلى وجه التحديد من داخل الوسط الجامعي». وأضاف علاء الدين أن «الأرجح مثلما ترى أوساط كثيرة هو أن يتم اختيار قائد من القيادات من الخط الثاني، وذلك لعدة أسباب منها أن القيادات قد واكبوا العملية السياسية منذ البداية ويمتلكون تجربة في التعاطي مع الأزمات بعكس الأكاديمي المستقل الذي يمكن أن يضع نفسه في موقف لا يحسد عليه»، مشيرا إلى أن «البلاد لم تعد تحتمل أن تكون حقل تجارب في ظل تكرار الأزمات».
وليس واضحا ما إذا كان رئيس الجمهورية برهم صالح سوف يلجأ إلى الخيار الذي يتيحه له الدستور وهو قيامه بتكليف مرشح طبقا للمادة 76 من الدستور أم ينتظر مهلة أخرى تتوافق عليها القيادات الشيعية لاختيار بديل فيما لم يحظ السهيل بتوافق تام. يذكر أن رئيس الوزراء المنسحب محمد توفيق علاوي وضع معادلة جديدة لاختيار رئيس وزراء للعراق قوامها مضيه داخل البرلمان بسهولة في حال اختار المحاصصة وسيلة لاختيار كابينته الحكومية أو يكون مصيره مشابها لما حصل له في حال اختار الاستقلالية وعدم الخضوع لإرادة الكتل السياسية.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.