فن العصر الذهبي لم يكن مقتصراً على البيض فقط

معرض يبحث عن الأشخاص السود في أعمال كبار فناني العصر

لوحة زيتية للفنان جاسبر بيك لسفير الكونغو في هولندا دون ميغيل دي كاسترو (نيويورك تايمز)
لوحة زيتية للفنان جاسبر بيك لسفير الكونغو في هولندا دون ميغيل دي كاسترو (نيويورك تايمز)
TT
20

فن العصر الذهبي لم يكن مقتصراً على البيض فقط

لوحة زيتية للفنان جاسبر بيك لسفير الكونغو في هولندا دون ميغيل دي كاسترو (نيويورك تايمز)
لوحة زيتية للفنان جاسبر بيك لسفير الكونغو في هولندا دون ميغيل دي كاسترو (نيويورك تايمز)

تعد لوحة الرسام الهولندي الشهير رامبرانت فان راين التي رسمها في 1661 باسم «رجلان أفريقيان» هي واحدة من أكثر أعمال هذا الفنان الأكثر غموضاً، حيث يظهر فيها رجل يرتدي زياً ويضع شالاً على الطراز الروماني، ويبدو وكأنه يلقي خطاباً، بينما يميل رجل آخر على كتفه، وقد تم طلاء اللوحة بطبقات رقيقة من الألوان الأرضية، ورغم كونها تبدو وكأنها غير مكتملة، فإنها تحمل توقيع رامبرانت عليها.
ولكن لماذا قام رامبرانت برسم هذه اللوحة، ومَن كان يقصد بهذين الرجلين؟ كانت هذه بعض الأسئلة التي تبادرت إلى ذهن عالمة الاجتماع ستيفاني أركانغيل في 2015 حينما وقفت أمام هذا العمل الفني في معرض موريتسهاوس الملكي في لاهاي.
وتقول أركانغيل، التي ولدت وترعرعت في كوراساو، وهي جزيرة كانت في الماضي مستعمرة هولندية، إنها كانت تبحث في اللوحات عن الأشخاص السود الذين قد تتمكن من إيجاد نفسها فيهم، وتضيف أركانغيل أن لوحات رامبرانت التي يصفها الموقع الإلكتروني لمعرض موريتسهاوس بأنها تُظهر على الأرجح «الرجال الأحرار الذين عاشوا في أمستردام»، أن هذه اللوحات بدت «تحمل جانباً إنسانياً وجديرة بالاهتمام».
وتتابع أركانغيل، التي تعمل الآن أميناً مساعداً في متحف ريغكس: «هذه كانت المرة الأولى التي أرى فيها فنان هولندي يرسم أناساً سوداً في القرن السابع عشر وكأنهم ينظرون إلينا بفخر، لقد ظللت أتساءل عما إذا كان ذلك حقيقياً أم لا، أو ما إذا كان الأمر مجرد رسمة في خيالي فقط، أو هو مجرد أمل شخصي في رؤية هذا النوع من التمثيل الفخور للسود».
وفي ذلك الوقت، في 2015. كانت أركانغيل تعمل في القسم التعليمي في متحف بيت رامبرانت في أمستردام، واتصلت حينها بأمين المتحف هناك، إلمر كولفين، وهو أيضاً أستاذ تاريخ الفن في جامعة أمستردام، لتسأله عما إذا كانت هناك لوحات أخرى من العصر الذهبي الهولندي تشبه لوحة «رجلان أفريقيان»، وكان رد كولفين أنه بالفعل هناك الكثير من اللوحات المماثلة، ولكن يتم تجاهلها في كثير من الأحيان.
وكانت هذه هي أصل فكرة المعرض المقام حالياً في متحف بيت رامبرانت الذي يحمل اسم «هنا، السود في عصر رامبرانت»، والذي يستمر حتى 31 مايو (أيار) المقبل، وهو نتاج عملية بحث واستقصاء استمرت 4 سنوات من قبل أركانغيل وكولفين وزملائهم في المتحف.
ويحتوي المتحف على 56 قطعة من لوحات ومطبوعات وقطع فنية أخرى من العصر الذهبي الهولندي، بما في ذلك 7 لوحات من أعمال رامبرانت، ولكن لوحة «رجلان أفريقيان»، مصدر الإلهام للمعرض، ليست ضمن المعروضات وذلك لأن أحد شروط التبرع بها كان عدم السماح بخروجها من متحف موريتسهاوس، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المعرض يتضمن 15 عملاً فنياً معاصراً مرتبطاً بنفس الموضوع.
ويعد معرض «هنا: السود في عصر رامبرانت» بمثابة جزء من التحول في الشكل الثقافي في هولندا، حيث طالما ارتبط العصر الذهبي الهولندي بالإنجازات التي قامت بها النخبة البيضاء في القرن السابع عشر، والذين كان معظمهم من الذكور، وصحيح أن هذه الفكرة المسماة بإنهاء استعمار المتاحف لم يتم تبنيها من قبل الجميع، إلا أنه بالنسبة لبعض الأشخاص الذين لم يروا تاريخهم ينعكس في معارض هذه المتاحف، فإن الأمر يبدو أنه خطوة في الاتجاه الصحيح.
وتقول أركانغيل إن تركيز المعرض ينصب على اللوحات التي تعرض «العديد من الأدوار المختلفة التي لعبها السود في المجتمع، والأدوار المختلفة التي لعبوها في لوحات الفنانين»، وأضافت أن المعرض «يكشف أكثر مما كنا نعرفه من قبل، والذي كان في الغالب مجرد لوحات للخدم والأشخاص المستعبدين».
وقد كانت هولندا تنخرط بعمق في تجارة الرقيق في القرن السابع عشر، ولكن تم حظر العبودية على الأراضي الهولندية بعد ذلك، ويقول المؤرخ في دار محفوظات مدينة أمستردام، والباحث الرئيسي في المعرض المُقام في متحف بيت رامبرانت، مارك بونتي، إن الأشخاص المتحدرين من أصل أفريقي الذين عاشوا في هولندا في ذلك الوقت جاءوا إلى البلاد كخادمين وقد جلبتهم الأسر المهاجرة معها.
ويضيف بونتي والقيمون على المتحف أنهم يريدون ربط سكان حي رامبرانت السود بالصور التي رسمها هذا الفنان، وقد قام رامبرانت بـ26 عملاً فنياً على الأقل خاص بالسود، وبحسب كولفين فهم 12 لوحة، و8 نقوش و6 رسومات، ومعظم هذه الأعمال الفنية كانت تعتمد على جيرانه في الحي، وذلك سواء كانوا هؤلاء الذين كانوا يجلسون أمامه ليقوم برسمهم، أو الذين كان يراهم في الشارع.
ويتابع كولفين: «يحب الفنانون الهولنديون رسم ما يرونه أمامهم، ومن عشرينيات القرن السادس عشر إلى الستينيات من نفس القرن، كانت هناك زيادة ملحوظة في عدد الأفارقة في أمستردام، وذلك كما يتضح من أبحاث بونتي، لكن كان من المستحيل ربط الأسماء بالوجوه، وهو أمر مخيب للآمال».
ويتضمن المعرض أيضاً البورتريهات الـ3 المعروفة فقط من القرن السابع عشر والتي يظهر فيها السود من خلال رسام هولندي، وذلك وفقاً لكولفين، وهي لوحات زيتية للفنان جاسبر بيك لسفير الكونغو حينها، دون ميغيل دي كاسترو، وخادميه بيدرو سوندا ودييغو بيمبا.
ولكن دي كاسترو، الذي عمل لصالح ملك الكونغو، لم يكن «نزيهاً» كما كانت تأمل أركانغيل، والتي أشارت إلى أنه خلال مفاوضات في البرازيل، أحضر 200 عبد إلى البلاد كهدية للهولنديين، وهو ما تعتبره أركانغيل أمراً مؤلماً ومثيراً للسخرية.
- خدمة «نيويورك تايمز»



خطأ في التخصيب الصناعي يؤدي إلى ولادة طفل لأسرة أخرى

عيادة «موناش» للتلقيح الصناعي في بريزبن أستراليا (أسوشييتد برس)
عيادة «موناش» للتلقيح الصناعي في بريزبن أستراليا (أسوشييتد برس)
TT
20

خطأ في التخصيب الصناعي يؤدي إلى ولادة طفل لأسرة أخرى

عيادة «موناش» للتلقيح الصناعي في بريزبن أستراليا (أسوشييتد برس)
عيادة «موناش» للتلقيح الصناعي في بريزبن أستراليا (أسوشييتد برس)

في حادثة صادمة أثارت جدلاً، أنجبت امرأة أسترالية طفلاً ليس لها بعد أن حدث خطأ في عملية التخصيب الصناعي أدَّى إلى زراعة جنين يعود إلى أسرة أخرى في رحمها.

وتسبب هذا الخطأ بصدمة وغضب لدى الأسر المعنية، التي بدأت درس اتخاذ إجراءات قانونية ضد شركة «موناش»، إحدى الشركات الرائدة في مجال التخصيب الصناعي، وفقاً لصحيفة «التايمز».

وأفادت صحيفة «هيرالد صن» في مدينة ملبورن بأن الحادث وقع في مدينة بريزبن العام الماضي، ولكن الأسر لم تكتشف الخطأ إلا في فبراير (شباط) الماضي عندما تبيَّن أن شركة قد ألقت باللوم على خطأ بشري في الحادث.

وفي بيان له، قال مايكل كناپ، الرئيس التنفيذي للشركة، إن الشركة تأسف بشدة لهذا الخطأ، مشيراً إلى أن العيادة تشعر بحزن عميق. وأضاف: «نعتذر لجميع الأطراف المعنية، وسنواصل دعم المرضى في هذا الوقت العصيب».

وعلى الرغم من أن حالات الخلط في الأجنة تُعدُّ نادرة فإنها ليست غير معروفة. ففي عام 2019، اكتشف زوجان في ولاية كاليفورنيا أنهما كانا يربيان أطفالاً ليسا لهما، ليُقررا في النهاية تبادل بناتهما الرضيعات بعد بلوغهن 6 أشهر.

وقالت شركة «موناش» في بيان رسمي إنها أكَّدت وقوع الحادث في إحدى عياداتها؛ حيث تم نقل جنين يعود إلى شخص آخر عن طريق الخطأ، ما أدَّى إلى ولادة الطفل.

وجرى اكتشاف الخطأ عندما طلب الوالدان البيولوجيان نقل الأجنة المتبقية المجمدة إلى مزود آخر للتخصيب الصناعي. وعندها تبيَّن أن أحد الأجنة المتبقية يعود إلى أسرة مختلفة.

وبعد اكتشاف الخطأ، نظمت العيادة اجتماعاً مع الأسرتين للاعتذار وتقديم الدعم. كما أكدت أنها طلبت من محامٍ بارز في ملبورن التحقيق في كيفية حدوث الخلط.

وتُعدُّ هذه القضية فريدة من نوعها من الناحية القانونية؛ حيث تُشير سارة جيفورد، محامية الأسرة المتخصصة في قوانين الأم البديلة والتخصيب بواسطة المتبرعين، إلى أن القضية قد تضع سابقة قانونية في أستراليا؛ خصوصاً مع غموض في مسألة حقوق الوالدين البيولوجيين والقانونيين.

من جانبها، قالت إميلي هارت، من فريق الأخطاء الطبية في مكتب المحاماة أرنولد توماس وبكر في ملبورن، إن القضية قد تتطلب تسوية مالية ضخمة إذا قررت الأسر رفع دعوى قانونية بسبب الأذى النفسي والإهمال الطبي. كما أشارت إلى أن مسألة الحضانة ستكون إحدى القضايا الشائكة التي ستُواجه الأسر في المستقبل.

وتأتي هذه الفضيحة ضمن سلسلة من المشكلات التي تعرضت لها الشركة؛ حيث كانت قد وافقت العام الماضي على دفع 56 مليون دولار أسترالي (ما يعادل 26.6 مليون جنيه إسترليني) لتسوية قضايا مع مئات الأسر، بسبب تدمير الأجنة السليمة نتيجة اختبارات فحص جيني خاطئة.

هذه الحادثة تُثير تساؤلات حول المسؤولية القانونية لشركات التخصيب الصناعي، وأثر ذلك على الأسر المتأثرة، وتضع كثيراً من الضغوط على النظام القضائي في أستراليا لمعالجة مثل هذه القضايا الحسَّاسة.