تصاعُد أعداد المصابين في فرنسا وتخوف من وصول «الموجة الثانية» من الوباء

تصاعُد أعداد المصابين في فرنسا وتخوف من وصول «الموجة الثانية» من الوباء
TT

تصاعُد أعداد المصابين في فرنسا وتخوف من وصول «الموجة الثانية» من الوباء

تصاعُد أعداد المصابين في فرنسا وتخوف من وصول «الموجة الثانية» من الوباء

بعد كل تصريح لمسؤول حكومي فرنسي عن تطور وضع فيروس «كوفيد – 19» يزداد قلق المواطنين وتزدحم متاجر الطعام بالزبائن وكذلك الصيدليات التي تمتنع عن بيع الكمامات ووسائل التعقيم، ويخفّ المتنزهون في الشوارع التي باتت «الملجأ» الوحيد المتوافر لهم مع الحدائق. ذلك أن لائحة الأماكن المغلقة تزداد يوماً بعد يوم ومنها المتاحف والمواقع الأثرية والمسارح والمؤتمرات والتجمعات التي مُنع منها كل ما يجتذب أكثر من 100 شخص. وسبق للحكومة أن أمرت بإغلاق المدارس والجامعات والمكتبات العمومية ومجمعات الترفيه مثل ديزني لاند (شرق باريس)، وبارك أستريكس (شمالها) وتأجيل الأنشطة الرياضية والثقافية. وبالمقابل، ومع كل يوم يمر، تزداد شكاوى أصحاب الفنادق والمطاعم والمقاهي وسائقي سيارات الأجرة وباقي الخدمات مثل شركات الطيران، ويحار الأهالي حول طريقة التعاطي مع أبنائهم بعد إغلاق المدارس ومن بينها صفوف الحضانة، وأخذ كلٌّ يبحث عن طريقة للتوفيق بين الاهتمام بأولاده، والصغار منهم على وجه الخصوص، وبين المثابرة في الذهاب إلى مقر عمله، علماً بأن الحكومة تشجّع الشركات على اعتماد طريقة العمل عن بُعد التي لا يمكن الركون إليها في الأعمال المكتبية وليس في المصانع والمعامل والخدمات.
وبالنظر إلى هذه الأوضاع تناقصت أعداد السائحين في فرنسا التي شهدت حركة عودة لكثير من الأجانب استباقاً لإقفال المطارات الفرنسية أو مطارات بلادهم. وفي أي حال، لم يعد لهؤلاء من أنشطة تحثهم على البقاء بعد إغلاق المواقع التي تهمهم. ففي باريس، مُنع الوصول إلى برج إيفل، فيما متحف اللوفر، الأكبر في العالم، مقفل منذ عدة أيام، وكذلك قصر فرساي التاريخي. وأعلن ماكرون أمس، أن رحلات خاصة سوف تُنظم سريعاً لنقل المواطنين الفرنسيين الموجودين في المغرب والراغبين في العودة إلى بلادهم.
وحتى تكتمل الصورة، تتعين الإشارة إلى أن فيروس «كورونا» ضرب مجدداً الحكومة الفرنسية، حيث أعلنت وزيرة الدولة لشؤون البيئة برون بوارسون، أن الاختبار الذي أجرته بيّن أنها مصابة بالفيروس وهي العضو الثاني في الحكومة الذي يعاني من هذا الوباء بعد وزير الثقافة فرانك ريستر، إلا أن مكتبها سارع إلى التأكيد أن حالتها «لا تثير القلق». كذلك دخل الفيروس إلى مجلس الشيوخ بعد أن تسلل سابقاً إلى مجلس النواب. بيد أن التطور الخطير يتمثل في إصابة سجين يبلغ من العمر 74 عاماً في سجن «فرين» الواقع في ضاحية باريس الجنوبية. وتجيء هذه الحالة بعد يوم واحد من إعلان نيكول بيلوبيه، وزيرة العدل التي لها السلطة على السجون، أن ممرضة في السجن عينه قد أصابها الفيروس المستجد. ولا يُعرف مَن نقل إليها العدوى. وموضع القلق هو ازدحام السجن المذكور كبقية السجون في فرنسا ما يحوّلها إلى بؤرة تسهّل سرعة انتقال العدوى. ومنذ أن عُرفت الحالتان، عمدت إدارة السجون إلى تفعيل آلية متابعة للحراس وللعاملين في السجون. وليس من المستبعد أن يعمد بعضهم إلى الامتناع عن ممارسة وظيفته كما فعلت مجموعة من سائقي الحافلات العامة. ويجيز القانون للموظفين الامتناع مؤقتاً عن ممارسة أعمالهم في حال وجود «سبب شرعي» يدفعهم إلى ذلك. وفي أي حال، فإن مخاوف السطات الفرنسية تكمن في هذه النقطة بالذات أي انتقال العدوى على نطاق واسع. وأعلن وزير الصحة أوليفيه فيران، أن فرنسا «ما زالت في المرحلة الأولى من انتشار الوباء» وأن «لا أحد» يعرف متى سيتم الانتقال إلى «المرحلة الثانية». وفي كلمته للفرنسيين مساء الخميس الماضي، أعرب الرئيس إيمانويل ماكرون عن تخوفه من «وصول الموجة الثانية» من الوباء الذي ازداد شراسة، إذ إنه أخذ يضرب يومياً ما لا يقل عن 800 شخص وهو أعلى رقم منذ انتقاله إلى فرنسا. وحتى مساء أمس، اقترب عدد المصابين من أربعة آلاف، ووصل عدد الوفيات إلى المائة.
الجديد أيضاً أن الوباء لم يعد محصوراً في فرنسا «القارية» وفي جزيرة كورسيكا المتوسطية بل انتقل إلى المقاطعات الفرنسية وراء البحار، إذ وصل إلى جزيرة مايوت الواقعة في المحيط الهندي. ومعلوم أن القدرات الطبية الموجودة في هذه الجزيرة وفي الممتلكات الفرنسية الأخرى أقل كفاءة مما هي فرنسا القارّية. ويلج الفرنسيون الأسبوع القادم مع صعوبات إضافية، إذ أعلنت إدارة السكك الحديد وكذلك إدارات النقل العامة بما فيها مترو الأنفاق في باريس أن خدماتها ستقلّ بدءاً من يوم الاثنين القادم بسبب تغيب نسبة 20% من موظفيها وعمالها عن العمل بسبب الحاجة لرعاية الأطفال بعد إغلاق الحضانات والمدارس.
ومنذ اليوم، تتكاثر الأسئلة حول مصير امتحانات نهاية العام وخصوصاً البكالوريا والجامعية علماً بأن كل المراكز التربوية مغلقة حتى نهاية الشهر الجاري، أي مع بدء عطلة الفصح. ويجهد وزير التربية جان ميشال بلانكيه، في ترتيب أساليب التعليم عن بُعد حتى لا يضيع العام الدراسي على التلامذة والطلاب.
وفي ظل هذه الظروف ورغم المخاوف، يتوجه الناخبون الفرنسيون اليوم إلى صناديق الاقتراع في إطار الجولة الأولى من الانتخابات المحلية التي تُجرى على جولتين «الجولة الثانية الأحد القادم». وأمس، زار وزير الداخلية كريستوف كاستانير، أحد المراكز الانتخابية للتأكد من اتخاذ تدابير الحيطة التي أمر بها الرئيس ماكرون. وشهد الأسبوع المنصرم جدلاً بين من يدعو إلى تأجيلها ومن يصر على القيام بها. وحسمه ماكرون بإعلان أن الانتخابات ستُجرى في موعدها مستنداً في ذلك، كما أعلن، إلى توصيات الهيئة العليا للصحة التي قللت من احتمال العدوى في حال العمل بالتوصيات الحكومية. وبالتوازي، تعمل وزارة الاقتصاد على مجموعة من التدابير لمساندة الشركات والموظفين والإبقاء على الدورة الاقتصادية قدر الإمكان. ويريد ماكرون خطة أوروبية شاملة إلى جانب ما قُرر على المستوى الوطني.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».