ميركل مترددة في إعلان «الطوارئ» بألمانيا

TT

ميركل مترددة في إعلان «الطوارئ» بألمانيا

فيما تتزايد الانتقادات للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وطريقة إدارتها لأزمة «كورونا»، أو عدم إدارتها لها، بدت الولايات الألمانية موحّدة في قرارها إغلاق المدارس ودور الحضانة، بدءاً من الاثنين المقبل حتى نهاية عطلة عيد الفصح، أي نحو 5 أسابيع، في محاولة للحد من انتشار الفيروس.
وجاءت هذه الخطوة بعد يومين على اجتماع رؤساء الحكومات المحلية في برلين مع ميركل التي تحدثت عن «إمكانية» إقفال المدارس تاركةً حرية القرار للولايات. ورغم أن ألمانيا كانت أول من أعلن تحول «كورونا» إلى وباء عالمي، حتى قبل منظمة الصحة العالمية، فإنها مترددة حتى الآن في إعلان حالة الطوارئ في البلاد ما يسمح للحكومة الفيدرالية بالتحكم بخطط مواجهة انتشار الفيروس وعدم ترك هكذا قرارات للولايات. وحتى الآن، فإن القرارات المتعلقة بالصحة والتعليم ما زالت بيد الحكومات المحلية.
ورغم أن رؤساء حكومات الولايات اختلفوا خلال لقائهم ميركل على إغلاق المدارس بعد اجتماعهم بها في برلين، فإنهم توصلوا إلى القرار نفسه بعد يومين. وكانت ولاية زارلاند الواقعة على الحدود مع فرنسا، أول من أعلن إغلاق المدراس، تبعتها ولاية شمال الراين فستفاليا، كبرى الولايات تأثراً بالفيروس، ثم ولاية برلين. ومن المفترض أن تبقى «الرعاية الطارئة» لأطفال الطواقم الطبية متوفرة، خصوصاً أن هذا كان أحد العوائق الأساسية أمام إغلاق المدارس، أي خوفاً من أن يضطر الأطباء لأخذ إجازات للبقاء مع أطفالهم.
وأعلنت كل الولايات كذلك حظر التجمعات الكبيرة التي تضم أكثر من ألف شخص، تماشياً مع نصيحة وزير الصحة يانس شبان، حتى إن بعض الولايات حظر التجمعات الصغيرة التي يتعدى عدد المشاركين فيها الخمسين شخصاً. وفي العاصمة، لم يكتفِ العمدة بإعلان إغلاق المدارس ودور الحضانة، بل أعلن كذلك إغلاق المتاحف والمسارح والمقاهي والملاهي الليلية والمسابح العامة والمكتبات العامة. ووجّه العمدة مايكل مولر المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم، انتقادات إلى ميركل لتركها القرارات للولايات بشكل أحادي، ودعاها لإصدار قرارات موحدة تشمل كامل ألمانيا. ولكن مولر نفسه واجه اتهامات بأنه كان بطيئاً في إعلان إقفال المدارس وحظر التجمعات الكبيرة، وأنه يحمّل ميركل المسؤولة عوضاً عن تحمليها لنفسه.
وأثارت رسالة بعث بها وزير الصحة إلى المستشفيات، كشفت عنها صحف ألمانية، مخاوف من عدم القدرة على السيطرة على انتشار الفيروس قريباً. وطالب يانس شبان في رسالته، المستشفيات بأن تستدعي بشكل عاجل طواقم طبية إضافية وتستعين بأطباء متعاقدين وأيضاً طلاب طب. كما دعاها إلى الإلغاء الفوري للعمليات الجراحية غير الطارئة وإفراغ أسرّة بقدر الإمكان، استعداداً لاستقبال مرضى الفيروس.
ورغم أن عدد الإصابات في ألمانيا قارب الـ5 آلاف، فإن عدد الوفيات ما زال قليلاً نسبياً ولا يتعدى ثمانية أشخاص. وحسب الإحصاءات الرسمية، فإن معظم المصابين بالفيروس دون سن الخمسين، ما يفسّر انخفاض عدد الوفيات الذين كانوا في معظمهم لمسنين أو أشخاص كانوا يعانون من أمراض مسبقة.
وبعد دخول قرار بولندا إغلاق حدودها مع ألمانيا حيز التنفيذ، شهدت المدن الحدودية زحمة سير خانقة لسيارات تحاول دخول البلاد قبل منتصف الليل. واتخذت بولندا والنسما والتشيك قرارات أحادية بإغلاق حدودها مع ألمانيا في مساعٍ للسيطرة على انتشار الفيروسي لديها. ودعت ألمانيا وفرنسا لقرار أوروبي موحد حول غلق الحدود الأوروبية.
وفي الانتقادات الموجهة إلى ميركل، كتبت صحيفة «بيلد» الشعبية والأكثر انتشاراً في البلاد، تحت صورة للمستشار النمساوي سيباستيان كورتز البالغ من العمر 33 عاماً: «نريد واحداً مثله». وقالت إن كورتز الذي يحكم أيضاً دولة نظامها فيدرالي مثل ألمانيا، لم يتردد كميركل بأخذ قرارات قاسية للحد من انتشار الفيروس، هو على تواصل مستمر برؤساء الولايات ولم يتردد في إعلان إغلاق المدارس وإقفال الحدود. ووصفت الصحيفة ميركل البالغة من العمر 65 عاماً، بأنها تبدو «ضعيفة ولا يمكنها الاتفاق مع رؤساء الولايات على قرار موحد بينما كورتز يُظهر قيادة». وقالت الصحيفة إن الطبقة السياسية في فيينا تبدو متعجبة من «بطء» تجاوب برلين مع الأزمة، ونقلت في المقابل عن مسؤولين في الحزب الحاكم (الاتحاد المسيحي الديمقراطي) قولهم إن فيينا «تبالغ» بالقرارات التي اتخذتها.
وكانت مجلة «دير شبيغل» العريقة قد كتبت كذلك مقالاً بعنوان «احكمي أو لا تحكمي» فوق صورة لميركل. وقارنت رد فعل ميركل مع الأزمة الاقتصادية التي هزت العالم عام 2008 وأيضاً ردها وقت أزمة اللاجئين عام 2015 عندما كانت حازمة في الحالتين، لتضيف أنها في هذه الأزمة كانت على النقيض وانتظرت «طويلاً» قبل أن تتوجه إلى شعبها «من دون أن تقول أي جديد». وقارنتها الصحيفة بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان يخاطب شبعه بشكل دوري واتخذ قرارات أكثر حزماً للسيطرة على انتشار الفيروس.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.