موسكو وأنقرة تتفقان على مسار تنفيذ اتفاق إدلب

TT

موسكو وأنقرة تتفقان على مسار تنفيذ اتفاق إدلب

بحث مجلس الأمن القومي الروسي، الجمعة، تفاصيل الترتيبات التي تم التوصل إليها مع الجانب التركي خلال المفاوضات التي جرت على مستوى الخبراء العسكريين خلال الأيام الماضية. ومع الإعلان عن وضع «آليات تفصيلية» لتنفيذ القرارات التي توصل إليها الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان قبل أسبوع، أعربت موسكو عن ارتياحها لمسار الهدنة، وأعربت عن التعويل على تنفيذ الأطراف التزاماتها.
وأعلن الكرملين، أن بوتين ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الروسي تم التركيز خلاله على مخرجات الحوار الروسي - التركي والترتيبات التي تم التوصل إليها لإطلاق الجزء الثاني من عملية تنفيذ اتفاق الرئيسين بعد أن تم تثبيت الشطر الأول المتعلق بوقف النار منذ الجمعة الماضي. وعلى رغم أن المستوى الرسمي الروسي لم يشر إلى تفاصيل الاتفاقات، لكن وسائل إعلام روسية سربت جانباً منها، وهي تتعلق بترتيبات ميدانية لتنفيذ الاتفاق على تسيير الدوريات المشتركة على الطريق الدولية المعروف بـ«إم 4» وتفاهمات على سبل مواجهة وجود المسلحين في المنطقة العازلة التي تم الاتفاق على إنشائها بعمق 12 كيلومتراً على جانبي الطريق الاستراتيجية.
وفقاً لمسودة الاتفاق التي نشرت أمس، تستعد موسكو وأنقرة لبدء الدوريات المشتركة، الأحد، على طول 70 كيلومتراً من الطريق. ويتضمن الاتفاق تحديد مواقع تمركز الطرفين على امتداد الممر الأمن على كل من جانبي الطريق. وستقوم الوحدات التركية بمراقبة المنطقة من شمال الطريق بينما ستنشئ الشرطة العسكرية الروسية نقاط تفتيش عدة جنوب المنطقة الأمنية. وسيتم تزويد الدوريات المشتركة بطائرات مروحية عسكرية روسية وتركية.
ولم يتم توضيح طبيعة الإجراءات ضد الفصائل التي ترفض الهدنة، لكن موسكو أشارت إلى وضع آليات «للمواجهة بشكل مشترك ضد مجموعات من المتطرفين الذين لا يخضعون لشروط الهدنة». وقالت مصادر روسية، إن الوفدين الروسي والتركي «تمكنا من التوصل إلى اتفاق بشأن معظم القضايا، وأن المفاوضات بناءة».
وكان بوتين استبق عقد الاجتماع مع مجلس الأمن القومي لمناقشة الاتفاقات مع أنقرة، بإجراء مكالمة هاتفية مع إردوغان. وأفاد الكرملين بأن الرئيسين «بحثا الاتفاقات التي تم التوصل إليها، وأعربا عن ارتياحهما تجاه التخفيض الملحوظ لمستوى التوتر في منطقة إدلب».
في غضون ذلك، نشرت وزارة الدفاع الروسية شريط فيديو على موقعها الإلكتروني ظهرت فيه مجموعة من الآليات العسكرية ترفع العلم الروسي وهي تسير دوريات على الطريق الدولية «إم 5» في منطقة تقع خارج مدينة سراقب جنوب شرقي محافظة إدلب. ولفتت الوزارة إلى أن دورياتها في المنطقة تأتي في إطار تطبيق التفاهمات الروسية التركية أخيراً.
ورغم تأكيد موسكو على اطمئنانها لسير تنفيذ الاتفاقات، برزت لهجة تشكيك في التغطيات الإعلامية الروسية، ونقلت صحيفة «ازفيستيا»، الجمعة، تحذيرات من جانب روسيا، عكست عدم وجود قناعة بأن الهدنة يمكن أن تستمر طويلاً. وقال الخبير العسكري فلاديسلاف شوريغين «لقد أكدت تركيا خطورة نواياها». مشيراً إلى أن «الجماعات التي تسيطر عليها أنقرة أوقفت محاولات الهجوم، ولكن هل ستتمكن من كبح المتطرفين؟». وزاد، أن هذا السؤال مرتبط بسؤال آخر حول: هل من الممكن أن نشهد للمرة الأولى إجراءات جدية لأنقرة ضد جبهة النصرة؟
وأشار خبراء إلى أن «المتطرفين أعلنوا بالفعل رفضهم دعم الهدنة. ولم يوافقوا على مغادرة المنطقة الأمنة ودعوا السكان المحليين إلى مواصلة مقاومة القوات الحكومية».
كما دلت بعض التعليقات على عدم الثقة بنيات إردوغان، ولفت خبراء إلى أنه «لم يتوقف الرئيس ووزير الدفاع في تركيا عن التلويح بأنهما مستعدان لاستئناف العملية العسكرية على الفور في سوريا، إذا لم تفِ موسكو أو الرئيس بشار الأسد بوعودهما».
وقال الخبير العسكري دميتري بولتينكوف، إن «أنقرة تعد بالرد على أي قصف يستهدف نقاط التفتيش بضربات أقوى من ذي قبل. وفي فبراير (شباط)، أعلنت الإدارة العسكرية التركية عن تدمير العشرات من أهداف الجيش السوري وقتل مئات الجنود». وزاد الخبير، أنه «بالطبع هذه البيانات مبالَغ فيها إلى حد كبير، لكن لا يمكن تجاهل أن أنقرة يمكنها استخدام الطائرات من دون طيار بفاعلية كبيرة». وأوضح، أن الجانب التركي «أثبت أنه قادر على التسبب في أضرار جسيمة بسبب هشاشة الدفاعات الجوية السورية». وأضاف، أنه على رغم أن فترة الهدنة «أتاحت للحكومة السورية إمكانية زج أنظمة دفاع جوي إضافية إلى الخط الأمامي، لكن مع ذلك يجب أن تؤخذ التهديدات التركية على محمل الجد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.