الدوري الأميركي لكرة القدم يتطلع لتجاوز البيسبول حجماً وشعبية

اللعبة باتت ثاني أسرع رياضة نمواً داخل الولايات المتحدة لكن المقارنة مع أوروبا ما زالت بعيدة

شعبية لعبة كرة القدم تزداد بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة
شعبية لعبة كرة القدم تزداد بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة
TT

الدوري الأميركي لكرة القدم يتطلع لتجاوز البيسبول حجماً وشعبية

شعبية لعبة كرة القدم تزداد بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة
شعبية لعبة كرة القدم تزداد بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة

كثيراً ما يروق للمعنيين ببطولة الدوري الأميركي لكرة القدم التباهي بما حققوه من تطور، والمؤكد أن ثمة قفزات كبرى تحققت على صعيد البطولة خلال الأعوام الـ25 الأخيرة ونادراً ما يفوت القائمون على المسابقة فرصة دون توضيح إلى أي مدى يعتقدون أن باستطاعتهم النمو.
لا تبدو التعليقات الأخيرة التي أطلقها لاري بيرغ مثيرة للدهشة، والتي أعلن خلالها مالك نادي لوس أنجليس اعتقاده بأن الدوري الأميركي لكرة القدم «سيتجاوز البيسبول والهوكي جماهيرياً وسيصبح الرياضة رقم 3 في الولايات المتحدة بعد كرة القدم الأميركية (الرغبي) وكرة السلة».
الملاحظ أن مثل هذه التصريحات تحوَّلت إلى جزء من الروتين المألوف المحيط ببطولة الدوري الأميركي لكرة القدم. على سبيل المثال، عام 2011 قال مفوض الدوري الأميركي لكرة القدم، دون غاربر، إن الدوري الأميركي سيصبح من بين أفضل البطولات على مستوى العالم بحلول عام 2022. وأعاد التأكيد على هذا المعنى عام 2013 ومرة أخرى عام 2015. وبمرور الوقت تحول هذا الطموح القوي إلى تيمة متكررة في الحديث عن البطولة، مثلما تجلى في تصريحات نمط جديد من ملاك الأندية الكروية مثل بيرغ وخورخي ماس، الذي يشارك في ملكية نادي إنتر ميامي، الذي تقدم خطوة إضافية بإعلانه توقعاته للمستقبل. وقال ماس قبل أول مباراة تنافسية يخوضها فريقه الجديد: «أعتقد أننا سنكون في مصاف أفضل بطولات الدوري على مستوى العالم: الدوري الإنجليزي والإيطالي والإسباني».
السؤال هنا: ما الهدف من وراء مثل هذه التصريحات القوية؟ هل تحولت العناصر الكبرى المشاركة في بطولة الدوري الأميركي إلى مندوبين مبيعات أخفقوا في تقديم ما تعهدوا به؟ على سبيل المثال، أثارت تعليقات بيرغ انتقادات شديدة من جانب بعض جماهير النادي، الذين أكدوا أنه سبق لهم سماع مثل هذه التعليقات الطموحة مراراً وتكراراً. أما توقعات غاربر بخصوص عام 2022 فمن غير المحتمل أن تتحقق.
ومن المحتمل أن يكون مثل هذا الطموح قد لعب دوراً في التضخم السريع الذي أصاب رسوم الامتيازات في السنوات الأخيرة. جدير بالذكر أن مبلغ الـ100 مليون دولار التي دفعها نادي نيويورك سيتي للحصول على مكان ببطولة الدوري الأميركي لكرة القدم عام 2013 كانت تُعتبر مبلغاً قياسياً آنذاك. اليوم، بلغ هذا الرقم 325 مليون دولار في أعقاب منح الامتياز الـ30 في البطولة إلى نادي تشارلوت، ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
إلا أن مثل هذه الرسوم لم تعد تمثل القيمة الفعلية لامتيازات الدوري الأميركي لكرة القدم، لكن ثمة وعوداً بأنها قد تصبح كذلك يوماً ما. جدير بالذكر أن كرة القدم تُعتبر ثاني أسرع رياضة نمواً داخل الولايات المتحدة (لا تسبقها سوى رياضة لاكروس، تبعاً لما كشفه استطلاع راي أجرته مؤسسة «غالوب»). وعليه، فإنه في وقت تواجه الكثير للغاية من الرياضات التقليدية داخل البلاد فترة انتقالية عصيبة نحو عصر جديد من العادات المتغيرة للمستهلكين، يبدو الاستثمار بمجال كرة القدم داخل الولايات المتحدة بمثابة استثمار في المستقبل. ويبذل مسؤولو بطولة الدوري أنفسهم جهوداً حثيثة على هذا الصعيد، الأمر الذي يفسر بصورة ما السبب وراء إطلاق بعض الشخصيات المرتبطة ببطولة الدوري مثل هذه التوقعات الجريئة. ومع هذا، يبقى السؤال: متى سيستغل الملاك المحتملون تصريحات غاربر وبيرغ في مواجهة مسؤولي بطولة الدوري الأميركي عندما لا تتحقق أهداف النمو غير الواقعية؟ المعروف أن المستثمرين لا يبدون لطفاً ولا تساهلاً إزاء الأهداف التي يتعذر تحقيقها، بينما أعلن المعنيون ببطولة الدوري الأميركي كثيراً من الأهداف التي تبدو مؤهلة لذلك.
ومع هذا، لا يبدو الخطاب الأزلي عن النمو متناغماً مع التوجه الذي ينتهجه المجتمع الأوسع نطاقاً المرتبط ببطولة الدوري. وبينما من وقت ليس ببعيد كانت بطولة الدوري الأميركية متميزة بأسماء النجوم اللامعين القادمين إليها من أوروبا، تبدي البطولة اليوم قدراً أكبر من الارتياح في الاعتماد على أبنائها خلال السنوات الأخيرة. ورغم أنه لا يزال يجري إنفاق أموال على سوق الانتقالات، بل وأكثر عن أي وقت مضى، تحاول الأندية اليوم صناعة نجومها بنفسها، مثلما الحال مع جوزيف مارتينيز ورودولفو بيزارو.
على الجانب الآخر، لا تبدو جماهير الدوري الأميركي في القطاع الأكبر منها منجذبة لتلك التوقعات التي تتحدث عن التفوق العالمي الوشيك، وإنما تبدو متفائلة بالتقدم الذي يجري إحرازه على أصعدة أخرى، مثل بناء استادات خاصة بكرة القدم على وجه الخصوص والتنامي الكبير في أعداد مشجعي الكرة من أصحاب الجذور اللاتينية وصعود ثقافة مميزة داخل مدرجات كرة القدم.
واليوم، تبدو أزمة الهوية التي رافقت الأيام الأولى لبطولة الدوري الأميركي، عندما كان يجري حسم المباريات عبر ركلات الترجيح، ولت منذ أمد بعيد. وباتت تعي بطولة الدوري الأميركي جيداً من تكون، إذن لماذا المقارنة مع بطولات الدوري الأوروبية الكبرى؟
علاوة على ذلك، ثمة انفصال واضح بين هيكل بطولة الدوري الأميركي وخطابه. وبسبب إخفاقات هياكل الدوري الأميركي السابقة لكرة القدم، دائماً ما كان القائمون على البطولة الحالية يميلون إلى أقصى درجات الحيطة والحذر. في الواقع، هذه بطولة دوري تفرض حداً أقصى على الرواتب، الأمر الذي كثيراً ما يسفر عن الميل باتجاه جانب على حساب الآخر، ومن أكثر الأمثلة شيوعاً على ذلك الميل لصالح لاعبي الهجوم على حساب لاعبي الدفاع، وهذه بطولة دوري سمحت بثلاثة لاعبين فقط لكل نادٍ لا ينطبق عليهم الحد الأقصى للأجور، في وقت باستطاعة الأندية الكبرى المشاركة بها تطبيق هذه الاستثناءات على خمسة أو ستة. وبالتأكيد، كل موجة تقدم كبرى تحمل معها مخاطر الانهيار، الأمر الذي تبدو بطولة الدوري الأميركي دوماً حذرة إزاءه، لكن لا مناص عنه إذا رغب القائمون على البطولة حقاً في الوصول إلى الأهداف الكبرى المعلنة التي حددتها البطولة لنفسها.
ربما يوماً ما تنمو البطولة بالفعل وتتحول لواحدة من أكبر بطولات الدوري بالعالم وأفضلها، خاصة أن ثمة أسساً قوية ومتينة جرى إرساؤها بالفعل لتعزيز نمو رياضة كرة القدم داخل كل من كندا والولايات المتحدة لعقود مقبلة. إلا أن وصف البطولة نفسها باعتبارها المرشحة الأولى لأن تكون أفضل دوري على مستوى العالم، فإنها بذلك لا تهيئ نفسها سوى للفشل.


مقالات ذات صلة

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان (أ.ب)

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، الجمعة، إن فريقه أظهر كثيراً من نقاط الضعف في آخر مباراتين، ويجب أن يجد التوازن الصحيح بين الدفاع والهجوم.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)

غوارديولا: أتحمل عبء إثبات نفسي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه يتحمل عبء إثبات أنه يستطيع تصحيح مسار الفريق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (أ.ف.ب)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على لقب البريميرليغ

قال إنزو ماريسكا، مدرب تشيلسي، إن فريقه الشاب لا ينافس على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني: ما زال بإمكاننا التحسن

تلقى أتلتيكو مدريد دفعة معنوية هائلة بعد الفوز في ست مباريات متتالية، لكن المدرب دييغو سيميوني قال إن فريقه لا يزال لديه مجال كبير للتحسن.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية محمد صلاح سينتهي عقده مع ليفربول بنهاية الموسم (إ.ب.أ)

صلاح ودي بروين... متى نقول وداعاً؟

لمدة عقد تقريباً، كان أحد ألمع النجوم في سماء الدوري الإنجليزي، ويُصنف على أنه ربما يكون أفضل لاعب في جيله.

The Athletic (لندن)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.