وحدة لتوجيه السلوك العام... «مجازفة» بريطانيا في مواجهة «كورونا»

امرأة تضع قناعاً واقياً تسير أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
امرأة تضع قناعاً واقياً تسير أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
TT

وحدة لتوجيه السلوك العام... «مجازفة» بريطانيا في مواجهة «كورونا»

امرأة تضع قناعاً واقياً تسير أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
امرأة تضع قناعاً واقياً تسير أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

في الوقت الذي أخضعت فيه الصين 56 مليون شخص للحجر الصحي، وأغلقت إيطاليا مدنها كلياً في مواجهة انتشار فيروس «كورونا» المستجد، فإن المملكة المتحدة تتخذ نهجاً مختلفاً جذرياً. وبدلاً من إبقاء الناس داخل منازلهم، تحاول حكومة بوريس جونسون استخدام استراتيجية أخرى.
ويساعد فريق غير معروف من المستشارين المتخصصين في علم النفس السلوكي على توجيه استجابة رئيس الوزراء للأزمة الصحية، وتجنب تدابير مثل قيود السفر والحجر الصحي للتركيز على مهمة أكثر شيوعاً: إيجاد طرق لإقناع الناس بغسل أيديهم، وفقاً لتقرير نشره موقع «بلومبرغ».
ويقول فريق جونسون إن منهجهم، رغم أنه يعتبر أكثر هدوءاً من الجهود الأخرى التي تقوم بها الدول حول العالم، يعتمد على النمذجة المتطورة التي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى خفض معدل وفيات الفيروس بين المجموعات المعرضة للخطر في المملكة المتحدة بنسبة تصل إلى الثلث.
والمخاطرة في ذلك هي أن جونسون هو من سيتحمل اللوم إذا ثبت أن تلك الإجراءات غير كافية في الحد من انتشار الفيروس بالأسابيع والأشهر المقبلة، وفقاً للتقرير.
وقال ديفيد هالبيرن، رئيس فريق الرؤى السلوكية الحكومية وعضو اللجنة التي تدير أزمة تفشي «كورونا»: «نحاول، بطريقة لم يتم استخدامها من قبل، استعمال كل الأدوات المتاحة: الطبية والرياضية ولكن أيضاً السلوكية».
وفي إشارة إلى مدى عزمهم على تعزيز جو من النصائح الهادئة حتى بعد تشخيص وزيرة الصحة البريطانية نادين دوريز بالفيروس التاجي يوم الاثنين، أصر فريق جونسون على عدم الحاجة إلى إجراء اختبار الإصابة بالفيروس لرئيس الوزراء بحجة أنه يقوم بغسل يديه بانتظام.
وفي قلب استراتيجية المملكة المتحدة هناك فكرة تقول بأنه إذا استمر انتشار الفيروس التاجي، فسيصبح من المستحيل منع معظم الناس من التقاطه.
ويقول العلماء في الفريق إن مهمتهم هي إبطاء هذه العملية، وتقليل عدد الأشخاص المصابين في أي وقت، ودفع لحظة ذروة العدوى إلى أشهر الصيف لضمان عدم تحميل الخدمة الصحية الوطنية أعباء متزايدة.
ولتحقيق ذلك، قاومت المجموعة الاستشارية العلمية البريطانية لحالات الطوارئ حتى الآن الدعوات إلى اتخاذ إجراءات أكثر قسوة، مثل منع الناس من حضور مباريات كرة القدم، أو إغلاق المدارس.
ويستخدم العلماء نماذج رياضية لفهم طريقة انتشار المرض، وهو تحد يعتمد بشكل كبير على التنبؤ بالسلوك.
وتم تشكيل مجموعة قبل عقد من الزمن أيام رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون لتطبيق رؤى الاقتصادي الأميركي ريتشارد ثالر، وأُطلق عليها في ذلك الوقت اسم «وحدة الدفع».
وتضمَن العمل المبكر للوحدة، التي قامت بأعمال استشارية في أكثر من 30 دولة، إرسال رسائل نصية لتذكير الناس بدفع ضرائبهم في الوقت المحدد.
وقال هالبيرن في مقابلة: «النماذج ترتكز بشدة على ما سيفعله الناس... هل سيلتزم الناس بالتعليمات وإلى أي مدى؟ إذا لم يذهب الأطفال إلى المدرسة، فماذا سيحدث؟». وأوضح أن من نتائج إغلاق المدارس أن يمضي الأطفال مزيداً من الوقت مع الأجداد، مما قد يعرض مجموعة ترغب الحكومة بشكل خاص في حمايتها من العدوى إلى خطر أكبر.
وبالطريقة نفسها، فإن منع الناس من حضور الأحداث الرياضية، حيث يعتبر العلماء أن الشخص المعدي من غير المرجح أن ينقل المرض إلى الكثير من حوله، يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية إذا شاهد الناس بدلاً من ذلك المباريات في الأماكن العامة مثل المقاهي، حيث يكون المرض أكثر قابلية للانتشار.
وبحسب الفريق، هناك خطر آخر يتمثل في فرض قيود في وقت مبكر جداً من تفشي المرض، يتمثل في إرهاق الناس وتجاهلهم للتعليمات عندما يصبح الأمر مهماً وأكثر جدية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمس (الخميس)، إن عدد الأشخاص المصابين في بريطانيا بفيروس كورونا يمكن أن يكون أعلى بكثير مما تم تأكيده بالفحص والبالغ عددهم 600 مصاب تقريباً، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
وقال جونسون للصحافيين: «سيرتفع عدد الحالات بشكل حاد. والواقع أن العدد الحقيقي للحالات أعلى - ربما أعلى بكثير - من عدد الحالات التي أكدناها حتى الآن عن طريق الفحوص».
وحذر جونسون من أن ذروة الإصابة بالفيروس المتوقعة لبريطانيا لا تزال «على بعد بضعة أسابيع».


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفقا لما علمته وكالة أسوشيتد برس أمس الثلاثاء.

ومن المرجح أن يثير هذا القرار مخاوف تتعلق بتضارب المصالح نظرا لعمل زوجة المدعي العام السابق في الهيئة الرقابية.

وقدم خان تحديثات حول التحقيقات الحساسة سياسيا التي تجريها المحكمة في جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا وغزة وفنزويلا، وغيرها من مناطق النزاع خلال اجتماع المؤسسة السنوي هذا الأسبوع في لاهاي بهولندا. لكن الاتهامات ضد خان خيمت على اجتماع الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

فقد كشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس في أكتوبر (تشرين الأول) أنه بينما كان خان يعد أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، كان يواجه في الوقت ذاته اتهامات داخلية بمحاولة الضغط على إحدى مساعداته لإقامة علاقة جنسية معها، واتهامات بأنه تحرش بها ضد إرادتها على مدار عدة أشهر.

وفي اجتماع هذا الأسبوع، قالت بايفي كاوكرانتا، الدبلوماسية الفنلندية التي تترأس حاليا الهيئة الرقابية للمحكمة الجنائية الدولية، للمندوبين إنها استقرت على اختيار مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، حسبما أفاد دبلوماسيان لوكالة أسوشيتد برس طلبا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المحادثات المغلقة.

وأعربت منظمتان حقوقيتان مرموقتان الشهر الماضي عن قلقهما بشأن احتمال اختيار الأمم المتحدة لهذا التحقيق بسبب عمل زوجة خان، وهي محامية بارزة في حقوق الإنسان، في الوكالة في كينيا بين عامي 2019 و2020 للتحقيق في

حالات التحرش الجنسي. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومبادرات النساء من أجل العدالة القائمة على النوع، في بيان مشترك إنه يجب أن يتم تعليق عمل خان أثناء إجراء التحقيق، ودعتا إلى «التدقيق الشامل في الجهة أو الهيئة المختارة للتحقيق لضمان عدم تضارب المصالح وامتلاكها الخبرة المثبتة».

وأضافت المنظمتان أن «العلاقة الوثيقة» بين خان والوكالة التابعة للأمم المتحدة تتطلب مزيدا من التدقيق. وقالت المنظمتان: «نوصي بشدة بضمان معالجة هذه المخاوف بشكل علني وشفاف قبل تكليف مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بالتحقيق».