صواريخ التاجي ـ البوكمال تعيد المواجهة بين الأميركيين والفصائل المسلحة في العراق إلى المربع الأول

صالح وصفها بالعمل الإرهابي وعبد المهدي بالعدائي

شاحنة تحمل راجمة صواريخ «كاتوشيا» ظهرت في الرشيدي قبل القصف على التاجي (رويترز)
شاحنة تحمل راجمة صواريخ «كاتوشيا» ظهرت في الرشيدي قبل القصف على التاجي (رويترز)
TT

صواريخ التاجي ـ البوكمال تعيد المواجهة بين الأميركيين والفصائل المسلحة في العراق إلى المربع الأول

شاحنة تحمل راجمة صواريخ «كاتوشيا» ظهرت في الرشيدي قبل القصف على التاجي (رويترز)
شاحنة تحمل راجمة صواريخ «كاتوشيا» ظهرت في الرشيدي قبل القصف على التاجي (رويترز)

رغم عدم تأخر الرد الأميركي على القصف الذي طال معسكر التاجي شمال غربي بغداد مساء أول من أمس الأربعاء، وذلك بقصف قوات تابعة لـ«الحشد الشعبي» في العمق السوري، فإن التوقعات تشير إلى احتمال قيام الأميركيين بتوجيه ضربات لهذه الفصائل داخل الأراضي العراقية.
القصف الذي طال معسكر التاجي وأوقع 3 قتلى (أميركيان وبريطاني) وجرح أكثر من 10 من قوات التحالف الدولي، لم يتبنّه أحدٌ مثله مثل الصواريخ التي توجه بين فترة وأخرى إلى محيط السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد. مع ذلك، فإنه في الوقت الذي تكتفي فيه الجهات الأمنية بالعثور على منصات إطلاق الصواريخ في كل مرة وإعلانها فتح تحقيق في الحادث من دون أن يسفر عن نتيجة، فإن عنوان العداء الأميركي وفصائل «الحشد» الموالية لإيران معروف للجميع، ويستدل على ذلك من طبيعة رد الفعل الأميركي. ففي آخر ضربة كبيرة لأحد المعسكرات الأميركية وهو قاعدة «كي1» في كركوك ورغم عدم وضوح الطرف الذي تولى عملية القصف مع إمكانية أن يكون تنظيم «داعش» هو من قام بها، فإن الرد الأميركي لم يتأخر فقط، بل كان قاسياً هذه المرة، وتمثل في استهداف مقر «اللواء 45» التابع لـ«الحشد الشعبي»، وبالذات «كتائب حزب الله»، وأوقع عشرات القتلى والجرحى.
رد الفصائل على القصف تمثل في اقتحام السفارة الأميركية وحرق مداخلها ونصب خيام الاعتصام أمامها. ومع أنه تم رفع الخيام بعد يوم واحد عبر مفاوضات بين الحكومة والفصائل المسلحة، فقد جاءت عملية المطار في 3 يناير (كانون الثاني) هذا العام باغتيال قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» والرجل القوي فيها. تلك العملية التي خلطت الأوراق تماماً، جعلت المواجهة بين الطرفين تأخذ مستوى آخر تمثل في إعلان طهران أنها هي التي ستتولى الرد على الأميركيين، وهو ما حدث بعد أيام حين استهدفت صواريخ باليستية إيرانية قاعدة عين الأسد غرب العراق التي يوجد فيها الأميركيون. ومع أن القوى السياسية العراقية انشغلت بتداعيات استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والبحث عن فرصة لتشكيل حكومة جديدة، فإنها وفي ذروة الانشغال بهذه الأزمة التي تزامنت مع أزمتين كبيرتين هما «كورونا» و«انهيار أسعار النفط»، جاءت ضربة التاجي لتعيد خلط الأوراق ثانية.
الرئاسات العراقية الثلاث صعّدت من نبرتها الرافضة لما حدث، لا سيما في ظل استمرار الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد. فالرئيس العراقي برهم صالح وصف ما جرى من قصف لمعسكر التاجي الذي يضم قوات التحالف، بأنه «عمل إرهابي»، ورئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي وصف ما جرى بأنه «عمل عدائي»، فاتحاً تحقيقاً فورياً بالأمر، فيما لم تصدر أي إدانة للقصف الأميركي الذي طال معسكرات لـ«الحشد» في العمق السوري.
من جهته، فإن زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم عد ما حدث على صعيد تعرض مقرات «الحشد الشعبي» على الحدود السورية للقصف وقبله معسكر التاجي، دليلاً على «هشاشة الوضع الأمني»، مطالباً الحكومة بمعالجات «آنية وموضوعية». وقال الحكيم، في بيان إن «تكرار الخروق الأمنية وآخرها تعرض مقرات (الحشد الشعبي) على الحدود السورية لقصف بطائرات مجهولة وأيضاً تعرض معسكر التاجي إلى قصف صاروخي، إنما هو دليل على هشاشة الوضع الأمني». وأضاف أن هذا الأمر «يعكس صورة سيئة وانطباعاً مغايراً عن العراق وقدرة حكومته على ضبط المشهد الأمني أمام الرأي العام العالمي»، موضحاً أنه «يعرض العراق إلى الحرج تجاه التزاماته الدولية والأمنية».
وطالب الحكيم الحكومة العراقية «بمعالجات آنية وموضوعية للحيلولة دون العودة بالمشهد إلى المربع الأول»، معرباً عن إدانته «بشدة هذه الخروق الأمنية». وأكد أن «حفظ السيادة العراقية واحترام التزامات العراق أمام المجتمع الدولي مسؤولية الجميع من دون استثناء».
إلى ذلك، أكد الباحث في شؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» أن «كل المؤشرات تؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية سوف تقوم بالرد على ما حصل في التاجي، لا سيما أنه يمثل تطوراً لافتاً في نوعية المواجهة بعد وقوع قتلى وجرحى في صفوف قواتهم»، مضيفاً أن «الأميركيين لن يقتصر ردهم على الغارات التي شنّوها على الفصائل المسلحة في منطقة البوكمال السورية في رد على قصف معسكر التاجي». وأوضح أن «الرد الأميركي قد لا يكون وشيكا».
في السياق نفسه، أكد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» أن «المتوقع حصول ردّات فعل من الجانب الأميركي الذي يوجه بشكل واضح الاتهام إلى فصائل موالية لإيران في المنطقة وفي العراق». وأضاف: «لهذه الأسباب، فإن ردّات الفعل متوقعة تماماً على ما حدث، لكن حتى الآن لا يوجد وضوح حول طبيعة الاستهداف الذي ربما يكون موازياً للاستهداف الذي طال الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وقد يكون مجرد استهداف لبعض المعسكرات المتاخمة عند الحدود، وقد يستهدف فصائل معينة دون غيرها». وأوضح أبو رغيف أن «الجانب الأميركي يقسم الفصائل إلى 3 أصناف: صنف يعتقد أنه الصنف الشرس، وصنف يراه موالياً لهذه الفصائل، وصنف يراه موالياً للحكومة العراقية وللمرجعية الدينية، وهذا الصنف لا يشكل خطورة على الجانب الأميركي».
في السياق نفسه؛ يقول الدكتور معتز محيي الدين، رئيس «المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القصف الذي وقع على معسكر يوجد فيه أميركيون في التاجي سوف تكون له تداعيات كبيرة بالتأكيد»، مبيناً أن «الأميركيين ليسوا عاجزين عن الرد فقط بضرب معسكرات (الحشد) على الحدود العراقية ـ السورية، بل يستطيعون ضرب أماكن وجود ومقرات (الحشد الشعبي) داخل المدن العراقية وخارجها». ورأى أن «الضربات الأميركية القادمة سوف تكون أكثر عنفاً وقوة، لا سيما أنها تستند هذه المرة إلى قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن؛ إذ تعدّ بعض قيادات الفصائل مرتبطة بـ(الحرس الثوري) الإيراني؛ حيث تم تصنيفها على أنها جزء من الإرهاب الدولي، والأميركان يدافعون عن حق وجودهم في العراق بناء على اتفاق مع الحكومة العراقية ضمن برنامج تدريبي واسع النطاق في هذا المجال». وأوضح أن «الأيام المقبلة قد تشهد ضربات محتملة، وقد تشرك قوات التحالف الدولي كذلك» في الأمر.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.