الاستخبارات الألمانية تضيق الخناق على حزب «البديل»

«كورونا» يؤجل انتخاب زعيم لحزب ميركل

الرئيس حزب البديل أليكساندر غولاند (يمين) يصافح يورغ هوكيه رئيس الحزب في ولاية تورينغن (إ.ب.أ)
الرئيس حزب البديل أليكساندر غولاند (يمين) يصافح يورغ هوكيه رئيس الحزب في ولاية تورينغن (إ.ب.أ)
TT

الاستخبارات الألمانية تضيق الخناق على حزب «البديل»

الرئيس حزب البديل أليكساندر غولاند (يمين) يصافح يورغ هوكيه رئيس الحزب في ولاية تورينغن (إ.ب.أ)
الرئيس حزب البديل أليكساندر غولاند (يمين) يصافح يورغ هوكيه رئيس الحزب في ولاية تورينغن (إ.ب.أ)

في خطوة قد تؤدي إلى حظر الحزب اليميني المتطرف، أعلنت هيئة مراقبة الدستور الألمانية، أي المخابرات الداخلية، أنها ستبدأ بمراقبة «جناح» في حزب «البديل لألمانيا»، أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ). وتقدر المخابرات أن ما يُعرف باسم «جناح»، يضم نحو 7 آلاف عضو. وسمى رئيس هيئة مراقبة الدستور توماس هالدنفانغ، في تقريره الذي برر فيه المراقبة الاستخباراتية على حزب منتخب ديمقراطياً وله تمثيل قوي داخل البرلمان، أسماء «قادته»، وعلى رأسهم يورغ هوكيه الذي يُعدّ المؤسس لهذا التيار، والذي أصبح رئيس «البديل لألمانيا» في ولاية تورينغن.
وقال هالدنفانغ: «من الواضح أن هذا الجناح لديه نيات متطرفة»، مضيفاً أن «أكبر خطر يواجه الديمقراطية في ألمانيا اليوم» هو اليمين المتطرف.
وقبل عام، أعلنت المخابرات الداخلية أنها «تراقب» هذا الجناح قبل اتخاذ قرار نهائي بما إذا كان متطرفاً بشكل يستدعي خضوعه للمراقبة الكاملة، ويعني هذا التجسس على الأفراد المنتمين له، وحتى نشر جواسيس داخله.
وجاء القرار النهائي بعد نحو الشهر على جريمة هاناو التي قتل فيها يميني متطرف 9 أشخاص، معظمهم من المسلمين، إضافة إلى والدته، بدافع العنصرية وكراهية الأجانب. وحمل أهالي الضحايا في هاناو المسؤولية في قتل أبنائهم للسلطات الألمانية «لسماحها لحزب متطرف بأن يجلس في البرلمان»، كما قال حينها شقيق أحد الضحايا لـ«الشرق الأوسط». واتهمت معظم الأحزاب الألمانية حزب «البديل» بالتحضير لارتكاب هذه الجرائم، عبر التحريض على الكراهية ضد اللاجئين والمسلمين خاصة.
والعام الماضي، عددت المخابرات الداخلية 12 جريمة وقعت في ألمانيا بدوافع عنصرية نفذها عناصر من اليمين المتطرف، بينها إضافة إلى ضحايا هاناو التسعة، سياسي مؤيد للاجئين تم اغتياله في حديقة منزلة، ومحاولة ارتكاب مجزرة داخل معبد لليهود أدت في النهاية إلى مقتل شخصين. كلها نفذها أشخاص يحملون أفكاراً يمينية متطرفة. وقال رئيس هيئة مراقبة الدستور عن هذه الجرائم، أثناء إعلانه إخضاع «الجناح» للمراقبة: «هناك ضحايا أبرياء، وهناك أشخاص مسؤولون، وهناك مَن يدعمهم»، مضيفاً: «لا يمكننا أن نكرر الماضي». ورفض الحزب قرار المخابرات الداخلية إخضاع «الجناح» للمراقبة وتصنيفه متطرفاً، وقال عدد من نوابه إن القرار «تكتيك سياسي، هدفه إسكات الحزب». وجاء في بيان للحزب أن «السلطات ارتكبت خطأ بهذه الادعاءات».
وعلق هوكيه كذلك على القرار، وقال إن دعواته «لنزع الأسلمة عن ألمانيا وأوروبا ليست موجهة ضد حرية الأديان المرسخة في دستورنا». وأضاف أن الكلام المستمر حول ذلك لا يدعو «لنزع جماعي للمسلمين الذين يعيشون في ألمانيا، وخصوصاً لا يدعو لنزع المواطنين الألمان منهم». وكان هوكيه قد دعا في السابق لإزالة مجسم الهولوكست في برلين، وسماه مجسم «العار»، في إشارة إلى أنه لا داعي للشعور بالعار لتاريخ ألمانيا النازي.
ومن بين أعضاء الحزب المنتمين لـ«الجناح» عضو في البرلمان المحلي في ولاية ساكسونيا، هانس توماس تلشنايدر، الذي شبّه مرة اللاجئين بـ«الطفيليات». وبعد قرار المخابرات الداخلية، قال تلشنايدر إنه «لن يكرر هذا التشبيه»، وإنه استخدامه «كان خطأ».
ونقلت صحيفة «تسودويتشه تزايتونغ» أن هناك «خوفاً» داخل حزب «البديل لألمانيا»، وأن «بعض أعضائه يتحدثون عن مخاوف مصيرية، وأن المقارنات بدأت داخل الحزب بما حصل للجمهوريين»، وهو حزب أسسه منشق عن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم في ميونيخ، ولكنه «اختفى» بعد أن أخضع لمراقبة هيئة حماية الدستور.
وهناك مخاوف داخل الحزب المتطرف من أن تؤدي مراقبه الجناح المتطرف فيه إلى «إبعاد» كثير من أعضائه، خوفاً من المساءلة القانونية.
وتأسس حزب البديل لألمانيا عام 2013، واستفاد من أزمة اللاجئين عام 2015، ليجذب الناخبين الألمان المستائين من سياسة الحكومة. وبنى حملته الانتخابية على معاداة اللاجئين والمسلمين، ونجح بدخول البوندستاغ عام 2017، بعد أن حصل على أكثر من 12 في المائة من أصوات الناخبين، وبات الحزب المعارض الأكبر داخل البرلمان. ومنذ ذلك الحين، شهدت ألمانيا تصعيداً في الجرائم ضد المسلمين والمهاجرين ومؤيديهم، وأعاد ذلك كثيرون لوجود حزب متطرف داخل البرلمان «دفع بالخطوط الحمراء» إلى الخلف. وكان تحالف حزب المستشارة أنجيلا ميركل، «حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي»، مع هوكيه في ولاية تورينغن لانتخاب رئيس لحكومة الولاية أثار عاصفة سياسية، ودفع ميركل إلى وصف هذا التحالف بأنه «لا يُغتفر». وأُلغي التصويت على أثره لتعود الولاية وتنتخب مرشح حزب «دي لينكا» ليرأس الحكومة المحلية. وتعتمد الأحزاب الألمانية عرفاً بعدم التحالف مع «البديل لألمانيا» إن على الصعيدين الوطني أو المحلي. وقد دفعت هذه الأحداث في تورينغن بزعيمة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم انغريت كرامب كارنباور إلى الاستقالة من منصبها. وكان من المفترض أن ينتخب الحزب بديلاً عنها في 25 أبريل (نيسان) المقبل، إلا أن كرامب كارنباور أصدرت بياناً، أمس، قالت فيه إنها ستوصي بتأجيل الانتخابات بسبب فيروس «كورونا». وجاء في بيانها أن «أمن وصحة الأشخاص والبلاد هو في أولياتنا، ولذلك فإن الجميع مدعو لأن يقوم بدوره للحد من انتشار فيروس (كورونا)، ونحن سنطبق ذلك لأن البلاد تأتي أولاً ثم الحزب». وأضافت أنها ستوصي للجنة التنفيذية بتأجيل المؤتمر على أن يُعقَد «عندما يسمح وضع الوباء بذلك».
وتحاول ألمانيا السيطرة على تمدد فيروس «كورونا»، من خلال إلغاء التجمعات التي يزيد أعداد المشاركين بها على الألف شخص، علماً بأن عدد المندوبين الذين يشاركون بانتخاب الزعيم يبلغ 1001، إضافة إلى المئات من السياسيين والصحافيين الذين يكونون عادة حاضرين.
وكان وزير الصحة يانس شبان أوصى بذلك قبل أيام، وتمسّك الحزب في البداية بعقد المؤتمر إلا أنه بالأمس قرر تأجيله إلى تاريخ لم يحدده بعد. وشبان هو نفسه من الحزب الحاكم، وكان مرشحاً في الانتخابات الماضية التي فازت فيها كرامب كارنباور بالزعامة. ولكنه هذه المرة لم يترشح، واختار عوضاً عن ذلك دعم مرشح آخر، هو رئيس ولاية نورث راين فستفاليا أرمين لاشيت.



بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.