لم يمض وقت طويل على إعلان المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة عن طلب إعفائه من مهامه في الثاني من مارس (آذار) الحالي، حتى بدأت الأسئلة تتوالى عن مصير المسارات الثلاثة، التي قطع فيها شوطاً مهماً تنفيذاً لمخرجات (مؤتمر برلين)، وسط تباين الآراء بين مؤيد لها ومعارض.
وأحد أهم هذه التساؤلات هو: هل سيتم استكمال جلسات المسارات العسكرية والاقتصادية والسياسية، كما رسم لها سلامة، فور تعيين مبعوث جديد؟ أم أنه سيتم التغاضي عنها، ويصبح على من يخلف سلامة البدء من المربع الأول؟
كجواب على هذا السؤال يرى عضو مجلس النواب الليبي علي السعيدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المسارات «كانت فكرة أحادية لسلامة، وليست عملاً جماعياً للبعثة لكي تستمر، وبالتالي ستلحق بصاحبها»، مستدركاً أن «هناك اجتماعا وحيدا مرتقبا لأعضاء المسار الاقتصادي منتصف الشهر الحالي».
ولفت السعيدي، أحد المؤيدين لـ«الجيش الوطني»، إلى أنه «لا يمكن الحديث عن أي عمل هادف في ظل استمرار الفوضى الأمنية، لكن ربما تكون الأجواء ملائمة مع انتهاء الجيش من (تحرير) العاصمة من قبضة (المجموعات الإرهابية)».
وخلافا لما ذهب إليه السعيدي، عبر كمال الجمل، عضو مجلس النواب الموالي لحكومة «الوفاق»، لـ«الشرق الأوسط» عن أمله في أن تجد تلك المسارات طريقاً للبقاء في ظل المشهد الليبي الراهن، وأرجع عدم التمسك بالعودة إليها إلى أن المشاركين السياسيين بشرق ليبيا «يفضلون حل الأزمة عسكرياً». وقال الجمل، وهو رئيس لجنة الدفاع ضمن مجموعة النواب المنشقين عن برلمان شرق ليبيا، إن «العملية السياسية توقفت برحيل سلامة، وهذا قد يدفع باتجاه التصعيد العسكري». منوّها إلى أن الاجتماعات التي عقدت ضمن لجنة المسار العسكري المعروفة بـ(5 + 5) في جنيف «لم تحدث أي تقدم... فالطرف الآخر (مجموعة الممثلين للجيش الوطني) رفض طلب وفدنا بالسماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم، الواقعة في مناطق الاشتباك، وهي الخطوة التي كنا نعول عليها كبادرة على صدق وحسن النوايا».
ولفت السعيدي إلى أن المبعوثين الأمميين الستة الذين تعاقبوا على الأزمة الليبية منذ عام 2011 لم يركزوا على جوهرها في كونها «أمنية وعسكرية بامتياز»، و«أخذوا يروجون لها كأزمة سياسية، وهو ما رسخ الاعتقاد لدى كثيرين بأن هدف هؤلاء المبعوثين من البداية هو التدويل لا الحل». وتساءل: «كيف يمكن اللجوء للحوار في ظل وجود أسلحة خارج سيطرة الدولة، وفي قبضة جماعات وعصابات لها علاقة بتنظيمات إرهابية دولية؟... أعتقد أنه عندما يضع الجيش حداً لتلك الفوضى سيتم الإسراع بإجراء الحوارات والانتخابات البرلمانية والرئاسية، بعيداً وبمعزل عن أي عمل عسكري».
بدوره، قال المحلل السياسي الليبي محمد الزبيدي لـ«الشرق الأوسط» إن «النقاشات لم تكتمل في كل من المسار العسكري، التي بدأت في أوائل فبراير (شباط) الماضي، أو في المسار السياسي، التي بدأت نهاية الشهر ذاته. أمّا مناقشات المسار الاقتصادي فتم فيها طرح القضايا بشكل عام وبطريقة أقرب للصالون الثقافي».
من جانبه، أوضح عضو المجلس الأعلى الدولة بطرابلس محمد معزب أن مصير المسارات الثلاثة سيقرره خليفة غسان سلامة، وذهب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لم يكن مؤيداً لفكرة هذه المسارات «لكونها لم تركز على المسار السياسي فقط، رغم كونه المحور الأهم، والقادر على حل باقي الجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية»، معتبرا أن «علاج الانقسام سيؤدي لظهور جسم سياسي موحد، قادر على فرض الاستقرار، وإدارة الموارد الليبية الكثيرة بشكل رشيد».
وكانت عدة شخصيات ليبية «غير رسمية» قد طالبت ستيفاني ويليامز، نائبة سلامة للشؤون السياسية، بالاستمرار في المسارات الثلاثة، بهدف إيجاد حل للأزمة الليبية. وهو الأمر الذي استقبله معزب بارتياح، وقال بهذا الخصوص: «ستيفاني شخصية مهنية ومنفتحة على الجميع، وفي رأيي لا داعي للتخوفات من العودة لنقطة الصفر إذا جاء مبعوث جديد، لكوننا لم نغادرها بالأساس».
من جهته، دعا النائب عبد السلام نصية إلى «ضرورة الاستمرار في المسارات الثلاثة، لكونها ترتبط بحل الأزمة الليبية، وليس بالمبعوث الأممي المستقيل»، مشيرا إلى أهمية «تدارك الأخطاء التي وقعت بطرق إدارتها»، وإلى أن «التعديلات المطلوبة على طريقة تشكيل المشاركين في هذه المسارات قد تعد الرهان الحقيقي على جدية المبعوث الجديد في السعي نحو الحل من عدمه».
انقسام وتساؤلات وسط الليبيين حول مصير «المسارات الثلاثة»
«تركة سلامة» تنتظر المبعوث الأممي الجديد
انقسام وتساؤلات وسط الليبيين حول مصير «المسارات الثلاثة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة