250 مليار دولار انخفاض متوقع في استثمارات الشركات النفطية

إذا بقيت أسعار الخام منخفضة في 2020 و2021

هبوط الأسعار على نحو هو الأكبر منذ 30 سنة سيجبر الشركات على خفض استثماراتها سريعاً (رويترز)
هبوط الأسعار على نحو هو الأكبر منذ 30 سنة سيجبر الشركات على خفض استثماراتها سريعاً (رويترز)
TT

250 مليار دولار انخفاض متوقع في استثمارات الشركات النفطية

هبوط الأسعار على نحو هو الأكبر منذ 30 سنة سيجبر الشركات على خفض استثماراتها سريعاً (رويترز)
هبوط الأسعار على نحو هو الأكبر منذ 30 سنة سيجبر الشركات على خفض استثماراتها سريعاً (رويترز)

قدرت مصادر نفطية أن تخفض الشركات البترولية عموما والغربية منها خصوصاً نفقات الاستكشاف والإنتاج في 2020 و2021 بنحو 250 مليار دولار، في ردة فعل طبيعية على انخفاض أسعار النفط الخام. كما أن الشركات التي تقدم خدمات رديفة في قطاعات التنقيب والحفر ستواجه صعوبات كالتي واجهتها سابقا، عندما انخفضت الأسعار في 2014.
وأكد تقرير صادر عن «ريستاد إنرجي» أن هبوط الأسعار على نحو هو الأكبر منذ 30 سنة سيجبر الشركات النفطية على خفض استثماراتها بشكل سريع وكثيف. فنفقات الحفر والإنتاج يمكن أن تنخفض 15 في المائة هذه السنة إذا بقي سعر الخام حوالي 30 دولاراً للبرميل. أما إذا كان حوالي 40 دولاراً فإن خفض الاستثمارات سيكون نحو 8 في المائة فقط». وأضاف التقرير أن إجمالي الخفض في 2020 مقدر بحوالي 100 مليار دولار، وفي 2021 نحو 150 ملياراً. وهذا ما أكده أيضا محلل في معهد دراسات نفطية في أوسلو. كما توقع تقرير صادر عن بنك «يو بي إس» الأمر عينه إذا استمرت الأسعار السوقية منخفضة كما هي الآن.
وأعلنت شركة «تكسان أوكسيدنتال بتروليوم» الثلاثاء الماضي خفض استثماراتها، وهي من أكبر شركات النفط الصخري الأميركي. وتلك الشركة استدانت كثيرا العام الماضي للاستحواذ على منافستها شركة «آناداركو». وأعلنت أيضا أنها ستخفض توزيعات أرباحها لتصل 15 في المائة مما كانت توزع سابقاً، وأكدت أن استثماراتها هذه السنة لن تتجاوز 3.5 مليار دولار، مقابل 5.2 مليار كانت متوقعة هذه السنة، أي إن نسبة الخفض 33 في المائة.
ويقول معهد بترولي فرنسي في ورق بحثية إن الأسواق تتوقع عودة الاتفاق بين أوبك وروسيا في الأسابيع المقبلة... لكن إذا تعذر الوصول إلى اتفاق جديد، وبقيت الأسعار عند مستوياتها الحالية، فإن الشركات النفطية ستسارع إلى الحفاظ على الحد الأدنى من العائدات، وبالتالي ستخفض الإنفاق لا محالة خصوصا نفقات الحفر، كما كل المصاريف الأخرى حتى تصل إلى كلفة إنتاج متناسبة مع الأسعار السوقية المنخفضة للبرميل. وإجراءات كهذه تفرض نفسها حتى لا تقع تلك الشركات في فخ الخسائر. ويضيف أن شركات النفط الصخري الأميركية معنية بالدرجة الأولى لأنها الأكثر استدانة.
وستتحمل تلك الشركات وحدها نحو ثلثي خفض الاستثمارات في هذا القطاع حول العالم، وفقا لتقرير «ريستاد إنرجي»، الذي يؤكد أن تلك الشركات كانت تخطط للعمل في 10900 بئر في 2020، وهي الآن أمام خفض العدد إلى النصف تقريباً إذا بقيت الأسعار متهاودة. وستتأثر أيضاً نفقات أعمال الصيانة والنقل واللوجستيك.
إلى ذلك تشير شركة «وود ماكينزي» إلى تأثر الشركات التي تقدم خدمات مساندة لشركات الحفر والإنتاج، علما بأنها تكاد تخرج من تداعيات أزمة انخفاض الأسعار قبل 5 سنوات. ففي السنتين التاليتين لتلك الأزمة التي اندلعت في عام 2014، خفضت تلك الشركات الرديفة نفقاتها 40 في المائة، وصرفت عشرات آلاف العمال والموظفين. وقد تصل الأزمة الحالية بتلك الشركات إلى واقع مرير أكثر، مع توقعات لا تستبعد الإفلاسات والاندماجات على نطاق واسع في قطاع شركات الخدمات الرديفة للحفر والإنتاج. وللمثال، فإن شركة «ڤالوريك» الفرنسية المتخصصة في الأنابيب وتقدم خدمات لشركات النفط الصخري الأميركي، كانت أعلنت الشهر الماضي أنها ستتوسع وتزيد رأسمالها نحو ملياري يورو (2.26 مليار دولار)، فإذا بها حاليا تدرس إلغاء تلك الزيادة لأنها ستجد صعوبة في إقناع مساهميها بتلك الرسملة المرتفعة مع انخفاض الأسعار وبالتالي هبوط الأرباح وارتفاع عبء الديون المتراكمة على الشركة.
وهبطت أسعار أسهم كثير من تلك الشركات، وأبرزها سهم الشركة الفرنسية الأميركية «تكنيب إف إم سي» الذي هبط نحو 30 في المائة منذ الاثنين الماضي، كما هبط سهم «ڤالوريك» 23 في المائة. وتراجع سهم «سي جي جي» المتخصصة في المسوحات الجيولوجية النفطية 40 في المائة.. ما يعني أن المستثمرين يتخلون عن تلك الأسهم خوفاً من خسائر ستولدها الأزمة الحالية لانخفاض أسعار النفط.
في المقابل، ورغم هبوط أسعار أسهمها، فإن الشركات النفطية العملاقة لم تغير حتى الآن سياسات توزيع أرباحها، لأنها أكثر قدرة على التحمل «على أمل أن تتحسن الأسعار في الأشهر المقبلة»، كما قال مصدر في شركة «توتال». وأضاف: «ربما توقف الشركات الكبيرة عمليات شراء أسهمها؛ لكنها لن تتراجع كثيراً عن توزيعات الأرباح على مساهميها حتى لو اضطرت للاستدانة والوفاء بتعهداتها أمام الجمعيات العمومية».



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».