برلين تحيي الذكرى الـ25 لسقوط «الجدار»

تبدأ برلين اعتباراً من اليوم احتفالات الذكرى الـ25 لسقوط الجدار الذي كان يقسم المدينة في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989، تتوج «بعيد شعبي» إحياء للحدث التاريخي الذي مهد لإعادة توحيد ألمانيا بعد 11 شهرا.
ومن المتوقع أن يصل نحو مليوني زائر إلى العاصمة الموحدة، في وقت حذرت الصحافة المحلية من احتمال تأثير الإضراب الواسع غير المسبوق في قطارات السكك الحديد على تدفق الناس.
وكان «جدار العار» كما يرى في الغرب و«جدار الحماية من الفاشية» كما يراه الشرق، يمتد على طول 150 كيلومترا وشيدته في 1961 جمهورية ألمانيا الديمقراطية، لكنه انهار بعد 28 عاما في 9 يناير (كانون الثاني) 1989 تحت ضغط البيريسترويكا التي قادها الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشيوف ومئات الآلاف من المتظاهرين. وبعد أقل من عام على ذلك أعيد توحيد ألمانيا رسميا في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 1990.
وكتبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي عاشت في ألمانيا الديمقراطية وكانت تقيم في برلين الشرقية في 1989 أنه انتابها «شعور لا يمكن وصفه» مساء ذلك اليوم. وقالت «انتظرت 35 عاما مثل هذا الشعور. لن أنسى ذلك أبدا»، موضحة أنها ستدشن صباح غد الأحد المعرض الجديد الدائم لنصب الجدار وتحضر حفلة موسيقية في قاعة «برلينر إنسانبل» التي كانت مسرح «برتولد بريشت». وستكون بوابة «براندنبورغ» وسط العاصمة في قلب هذه الاحتفالات التي أطلق عليها اسم «شجاعة الحرية». وهذه البوابة التي يعلوها تمثال الخيول الأربعة الشهير، تشكل رمز التقسيم ثم رمز اتحاد المدينة وألمانيا. وكانت تقع شرقا بموازاة الجدار في منطقة عازلة.
ومن المفترض أن تبدأ الاحتفالات الكبيرة بحفل موسيقي لأوركسترا شتاتسكابيلي بقيادة المايسترو الإسرائيلي الأرجنتيني دانيال بارنبويم ظهر اليوم، ثم يتناوب مغنو البوب والروك والراب لتقديم عروضهم حتى حدود السادسة مساء عندما يقام حفل تكريم «ضحايا الجدار» الذين قتلوا بينما كانوا يحاولون عبوره. وعدد هؤلاء غير معروف بدقة. لكن أرقاما رسمية تقول جمعيات للدفاع عن الضحايا إنها أقل من الواقع تشير إلى موت 389 شخصا بينما كانوا يحاولون الهرب عبر الجدار.
وفي المساء سيقدم فنانون آخرون عروضاً بينهم أحد أعمدة موسيقى الروك في ألمانيا أودو ليندنبرغ الذي قدم في 1983 أغنية «قطار خاص إلى بانكوف»، باسم حي واقع في برلين الشرقية، التي حمل فيها بعنف على آخر القادة الألمان الشرقيين الذين استبدوا بالحكم إيريش هونيكر لأنه لم يسمح له بإقامة حفلات في ألمانيا الديمقراطية. أما البريطاني بيتر غابريال المغني السابق ومؤسس فرقة جينيسيس فسيقدم أغنية «هيروز» التي نالت شهرة كبيرة في 1977 بعدما سجلها في مكان غير بعيد عن جدار برلين ديفيد بوي الذي كان يعيش في برلين الغربية حينذاك. ودعي للمشاركة في الاحتفالات منشقون سابقون عن النظام السوفياتي في ألمانيا الديمقراطية السابقة، سيتحدثون عن ذكرياتهم في ليلة التاسع من نوفمبر 1989. كذلك سترسم سلسلة من ثمانية آلاف بالون مضيء على امتداد نحو 15 كلم مسار الجدار القديم، وستحمل بالونات «الحدود المضيئة» رسائل ثمانية آلاف من «الراعين» تم جمعها على موقع خاص على الإنترنت. وستطلق هذه البالونات التي ترمز إلى الحدود التي تمحى، مساء غد في سماء برلين على وقع الحركة الأخيرة من السيمفونية التاسعة لبتهوفن، تشيد الفرح الذي أصبح نشيد الاتحاد الأوروبي.
وتزامناً مع هذه الاحتفالات، سيكون غورباتشيوف (83 عاما) حائز نوبل للسلام، في زيارة في برلين، وسيشارك اليوم خصوصا في مناظرة حول عودة التوتر مؤخرا بين الغرب وروسيا. ويلقى آخر زعيم سوفياتي يتهم في روسيا بأنه مسؤول عن الفوضى التي رافقت تفكك الاتحاد السوفياتي، احتراما كبيرا في الغرب لقراره التخلي عن استخدام القوة لقمع التطلعات الديمقراطية لمواطني الدول التي كانت تدور في فلك موسكو.